كنت قديما عن جهالة مني ألوم من يعانون مرض السمنة، وأزعم أن عليهم بذل جهد في منعها أو علاجها، وأستعذب، وقد أشارك، في تعزيز المنظور الخاطئ عنها بمشاركة بعض الكاريكاتيرات الساخرة مثلا، وهو ما أسعى إلى تصحيحه أخيرا بنشر مزيد من الوعي.
تثبت الأبحاث أن التحكم في الجوع وشهية الأكل عملية معقدة جدا، وأنها نتاج تفاعلات بين هرمونات وأحماض، تفرز من الجهاز الهضمي وغيرها، فترسل إشارات، لمناطق في الدماغ خارج تحكم الشخص، فيتوقف عندها الشخص عن الأكل، وبمرور الوقت بين الوجبات تضعف هذه الإشارات فيشعر الشخص بالجوع ويسعى للأكل وهكذا دواليك في عمليات ديناميكية معقدة.
ولذا كان التحكم في مستوى وزن الجسم مضبوطا بعناية من الدماغ، كغيره من الوظائف الحيوية كالتنفس والضغط وغيرها. وتلعب جيناتنا الدور الأبرز في تحديده، وتتضافر عوامل، بيئية ومجتمعية وغيرها في تزايد الوزن.
وهذا يشرح ما نراه من انخفاض نسبة من ينقص وزنهم لفترة مستدامة بعد تغيير نمط الحياة بالحمية الغذائية أو الرياضة وليس لهذا علاقة بعزيمة الشخص أو قوة إرادته.
إن إدراكنا لكون السمنة مرضا، ليس بمتناول يد الشخص، يجعلنا أكثر عقلانية، وإنسانية، ومنطقية، في منظورنا لها، ويمنعنا من السخرية والتنمر على من يعانون هذا المرض.
بل إننا سنتفهم مشاعر ابن الرومي لشيطان الجوع عندما يصف أحد الوجبات:
وردد العينين فيها لحظا
فإن للعينين منها حظا
ومتع العين بها مليا
وأطبق الخبز وكل هنيا
لهفي عليها وأنا الزعيم
لمعدة شيطانها رجيم
