التغيرات الأخيرة في سوق العمل
تتسم أسواق العمل بالحيوية والتغير المستمر، متأثرة بالنمو السكاني والنمو الاقتصادي والمسار التنموي للدولة، إضافة إلى التغير التقني والأحداث الدولية، مثل أزمة كورونا الدولية، التي لم يسلم من تأثيرها أي دولة أو قطاع اقتصادي. وعلى الرغم من التحديات التي واجهت المملكة كغيرها من دول العالم، فإنها لم تستطع تجاوز الأزمة بأقل الخسائر فقط، بل حققت تقدما ملحوظا في مجالات كثيرة، ولعل التوظيف من أبرز الأمثلة، إلى جانب المضي في إنجاز مستهدفات الرؤية في مجالات البيئة والتقنية والتصنيع والمنشآت السياحية. في مجال سوق العمل، وبناء على بيانات مسوحات القوى العاملة التي نفذتها الهيئة العامة للإحصاء في الربع الرابع في عامي 2017 و2021، هناك تغيرات كبيرة في توظيف الشباب من الجنسين، فقد ارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة للإناث من نحو 19 في المائة عام 2017، إلى 33.8 في المائة عام 2021، وخلال الفترة نفسها انخفض معدل مشاركة الذكور قليلا من 63.4 إلى 61 في المائة. وعلى الرغم من أن أغلبية العاملين السعوديين من الذكور والإناث على حد سواء يعملون في القطاع الخاص، إلا أن النسب لم تتغير كثيرا خلال الفترة، وربما يعود ذلك إلى التداخل بين نظامي التأمينات والخدمة المدنية عند جمع البيانات، ما يتطلب بذل مزيد من الجهود لتحسين جودة البيانات في هذا المجال.
من جهة أخرى، انخفض معدل البطالة للذكور السعوديين من 7.5 إلى 5.2 في المائة، وللإناث السعوديات من 31 إلى 22.5 في المائة خلال تلك الفترة الزمنية، ويعود هذا الإنجاز الكبير إلى توسيع خيارات التوظيف أمام المرأة. ومن المثير ارتفاع عدد العمالة المنزلية من 2.4 مليون إلى 3.2 مليون خلال الفترة نفسها، إذ كان من المتوقع أن ينخفض العدد بعد السماح للمرأة بقيادة السيارة!
وبوجه عام، لا يمثل المشتغلون السعوديون سوى نحو 35 في المائة من إجمالي العاملين. وعلى مستوى النوع، يمثل الذكور السعوديون نحو 15 في المائة من إجمالي الذكور العاملين في القطاع الخاص، في حين ترتفع نسبة الإناث السعوديات إلى 74 في المائة من إجمالي الإناث العاملات في القطاع الخاص، لكن لا تمثل النساء السعوديات سوى نحو 9 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع الخاص.
وعلى مستوى المناطق الإدارية، سجلت الرياض أقل معدلات البطالة (8.7 في المائة) لإجمالي القوى العاملة السعودية لعام 2021، تلتها نجران، ثم الشرقية. أما أعلى المعدلات، فكانت من نصيب الجوف (16.5 في المائة)، تلتها تبوك والمدينة المنورة. كما جاءت منطقة الرياض في المقدمة من حيث انخفاض معدل بطالة الذكور والإناث، كل على حدة، تلتها الشرقية ونجران. أما أعلى معدلات البطالة بين الذكور، فسجل في الجوف (8.9 في المائة)، في حين سجل أعلى معدلات البطالة بين الإناث في تبوك (31 في المائة).
وأخيرا، ضرورة بذل مزيد من الجهود لتوطين بعض المهن من خلال تأهيل السعوديين وتدريبهم بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، لكن مما يطمئن إطلاق مبادرات ومشاريع كثيرة تنبثق من مستهدفات رؤية المملكة، وتسعى إلى تمكين المرأة وتوظيف الشباب في مهن نوعية. ومن زاوية أخرى، يمكن النظر إلى تلك الإحصاءات بإيجابية، إذ تدل الإحصاءات على توافر ملايين الفرص الوظيفية التي تشغلها العمالة الوافدة، والتي ستكون متاحة للداخلين الجدد إلى سوق العمل من الشباب السعودي في المستقبل.