البحر .. إلهام وجمال

خلق الله سبحانه وتعالى الكون في أجمل صورة وأبهى حلة. فالتأمل في السماء وفي قدرة الله في بديع صنعها راحة وطمأنينة للنفس، وكذا الأرض بانشراحها وجمال طبيعتها وتباين مكوناتها. أما البحر فهو حكاية أخرى بكبريائه وغموضه وأسراره التي لطالما حيرت العلماء. مخلوق مهيب يشكل ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، ورد ذكره في القرآن الكريم 32 مرة. امتن الله على الناس بتسخيره لهم، "الله الذي سخر لكم البحر.. الآية"، "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها.. الآية". البحر في هدوئه وسكون أمواجه راحة، وفي هيجانه وزفراته عبرة. مصدر إبداع للأدباء ورفيق للمحبين وموسوعة للحكماء وصديق للمكروبين ومصدر إلهام للشعراء.

مسكونة بمزاج البحر غاليتي - كأنما البحر في عينيك قد غرقا

تفخر اللغة العربية أن تشبه بالبحر،
أنا البحر في أحشائه الدر كامن - فهل سألوا الغواص عن صدفاتي

المذنب يقر بذنبه ويناجي ربه،
ذنبي وإن ملأ البحار فإنه – في عفو مثلك يا كريم قليل

أمثال العرب مع البحر لا تنتهي "اعمل المعروف وارمه في البحر". "كل إنسان قبطان في البحر الساكن". "قطرة من الحكمة خير من بحر من الثروة". ينصح الأطباء والمعالجون النفسيون بالجلوس أمام البحر وتأمل مده وجزره وتأمل مياهه العقيقية وتدرج ألوانه، فهو قادر على خفض هرمونات التوتر ومصدر راحة نفسية وسكينة للروح والجسد. يمتص الهموم ويتيح للإنسان أن يتصالح مع نفسه بعيدا عن المؤثرات والأجهزة الحديثة والحواسيب والهواتف النقالة التي أرهقت العقول والأجسام. أظهرت دراسة علمية أجريت حول السعادة في البيئات الطبيعية أن الوجود قرب البحر والساحل هي أسعد المواقع. كما توصل الباحثون إلى أن زيارة البحر مرتين على الأقل أسبوعيا تؤدي إلى تحسن واضح في صحة الإنسان العقلية والجسدية. البحر غذاء ودواء فما يستخرج منه من أسماك وكائنات بحرية أخرى بجانب كونها غذاء فهي دواء بما تحويه من فيتامينات وأملاح ومعادن مهمة لسلامة الجسم وزيادة مناعته. البحر مصدر لا ينضب للمياه العذبة بعد معالجته. جمال غروب الشمس من على شاطئ البحر لا يعادله جمال، حيث تختلط ألوان الشفق بزرقة البحر مشكلة منظرا إبداعيا يعجز القلم عن وصفه أو الشعراء عن التغني به وحينها لا يملك الإنسان إلا أن يقول سبحان من خلق فأبدع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي