Author

الثلجي

|
يستقبل كل خطأ ببرود قاتل. يستفز من حوله بصمته المطبق. في عز الأزمات يتحلى بابتسامة عريضة. تنخفض نبرة صوته عند المشكلات على نحو لافت.
كان العمل مع ذلك الزميل منهك جدا. فهو يتعامل مع التحديات بفتور مثير للغرابة.
مع مرور الوقت، بدأنا كفريق عمل نجني ثمار ذلك السلوك، الذي بدا مريبا للوهلة الأولى. فقد كان هدؤه بلسما، وبروده منعشا.
ذهبت أوهامنا حيال قلة خبرته، وعدم اكتراثه أدراج الرياح، بعد أن اكتشفنا أن ذلك الأسلوب ينم عن إرث من التحديات والصعوبات، جعله ينعم بردة فعل متزنة ومتوازنة.
أسفر تفاعله الهادئ مع الأزمات عن رسو سفننا المحملة بالتحديات على شاطئ الأمان، بفضل تؤدته وحلمه.
أطلقنا عليه مبكرا لقب الثلجي، جراء انعدام انفعالاته.
بيد أننا اكتشفنا في وقت متأخر؛ أن الثلج الظاهري تقبع أسفله نار مشتعلة، تذيب كل العوائق بوعي وسلاسة.
بعد أن كان كثيرون ينصرفون عنه، إثر الانطباع الأول الذي خلفه، باتوا يتحلقون حوله، ويقتربون منه للاستفادة مما يملك في أعماقه من حصافة ورجاحة ووعي.
تحول البرود إلى مهارة ننشدها في الزملاء، في ضوء ما رسخه زميلنا، وكرسه من تجارب شهدناها وعايشناها.
لقد غير مفاهيم عديد من الزملاء، بفضل أسلوبه ومنهجيته.
لا يخدعنك المظهر. أمعن دائما في المخبر. ثمة برود يرتديه بعض البشر، تسكنه حرارة داخلية لا ترى، لكنها تشتعل وتنير وتضيء.
لقد ترسخت لدي قناعة؛ بأن الشخص الهادئ على الدوام هو من اعتاد على الألم. فقد جعله اعتياد الألم أكثر قوة وحكمة.
بات جلده أكثر سماكة وغلظة. وأضحى يتسم برباطة الجأش، والرصانة والاتزان في أحلك الظروف.
يواجه تحدياته بابتسامة وأمل وتفاؤل.
وكما قيل سابقا: خذوا الحكمة من أفواه المواقف.
فيا صديقي، لا تدع القشور تحرمك مما تكتنزه الصدور.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها