التأثيرات السياسية في الاقتصاد
يعد الاقتصاد السياسي Political Economics أحد فروع المعرفة التي تجمع عوامل الاقتصاد والسياسة، وتظهرها في شكل موحد يتنبأ بالأحداث والعوامل العالمية وتأثيراتها السياسية في الاقتصاد. بحسب أليخاندرو فوكسلي، وزير مالية سابق في شيلي، الذي يقول: "لا يجب أن يعرف الاقتصاديون نماذجهم الاقتصادية فحسب، بل يجب عليهم أيضا فهم السياسة والمصالح والصراعات والعواطف وجوهر الحياة الجماعية. لفترة وجيزة من الوقت يمكنك إجراء تغييرات بمرسوم، لكن للسماح لها بالاستدامة عليك بناء تحالفات وتوحيد البشر. لذا عليك أن تكون سياسيا".
في هذا الوقت يعيش العالم آثار الأزمة الناشطة بين روسيا من جهة وبين أوكرانيا ودول العالم الغربي من جهة أخرى. يذكر بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في بنك UBS السويسري بعدم وجود ما يدعو إلى القلق حيث يرى أن "الأسواق لا تميل إلى تسعير الأحداث المتطرفة، خاصة عندما تكون ذات طبيعة عسكرية". ويرى من وجهة نظر استثمارية أن العواقب الاقتصادية للصراع ستقتصر على منطقة الصراع، رغم التأثير الهائل في أوكرانيا والتأثيرات الكبيرة في روسيا، بسبب العقوبات الاقتصادية. البعض يعتقد أن التأثيرات الاقتصادية لن تتجاوز دول الصدام المباشر، لكن أسعار البترول، تعكس هذا المفهوم باستجابتها للأحداث، بسبب كون روسيا مصدرا رئيسا للطاقة في العالم.
تمثل روسيا مصدرا رئيسا للطاقة بالنسبة لأوروبا، فتبلغ واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الروسي ما يزيد على 40 في المائة من مصادرها للغاز، ويفترض أن تزيد مع تشغيل خط نورد ستريم 2. محاولات أوروبا وأمريكا لفرض عقوبات على روسيا ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة "الغاز خصوصا"، حيث سترتفع بشكل كبير وستؤثر في جميع الدول الأوروبية، وارتفاع أسعار الطاقة مع نسب التضخم العالية التي تعانيه دول أوروبا وأمريكا مع استمرار الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا، ستؤدي إلى انخفاض في نمو الناتج المحلي لتلك الدول، وبالتالي هذا سيؤثر في نمو الاقتصاد العالمي.
مخاطر استمرار الحرب أو تطورها تظل ضمن نطاق الرقابة لكل دول العالم تخوفا من حدوث تطورات قد تؤدي إلى تطورات اقتصادية غير مرغوبة لدول العالم. وقد تتعرض جميع دول العالم لآثار هذه الأزمة، وقد تزيد في بعض الدول عن دول أخرى بسبب العلاقات والارتباطات الاقتصادية. وقد تكون هذه الأحداث نذيرا بتشكل تكتلات عالمية جديدة. قد نرى خريطة اقتصادية أخرى تسيطر عليها الصين مثلا وعدد من دول الشرق الأوسط من أجل توفير فرص اقتصادية تسهم في تحقيق الاستقرار العالمي المنشود من الجميع.