Author

التأثيرات الاقتصادية من الأزمة الروسية - الأوكرانية

|
في وقت لا يزال العالم يعاني اقتصاديا آثار جائحة كورونا. اشتدت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا مهددة بقيام حرب ستكون لها تأثيرات متعددة، ومن أهمها التأثيرات الاقتصادية التي قد تشمل جميع اقتصادات العالم. كيف يمكن التعامل مع هذه المخاطر الجيوسياسية وتقليل آثارها على المستويين الدولي والمحلي؟
بحسب موقع Baron’s الاقتصادي، يشير بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في بنك UBS السويسري، إلى عدم وجود ما يدعو للقلق حيث يرى أن "الأسواق لا تميل إلى تسعير الأحداث المتطرفة، خاصة عندما تكون ذات طبيعة عسكرية". ويرى من وجهة نظر استثمارية أن العواقب الاقتصادية للصراع ستقتصر على منطقة الصراع، رغم التأثير الهائل في أوكرانيا والتأثيرات الكبيرة في روسيا، بسبب العقوبات الاقتصادية. لكن هل تتأثر بقية العالم بسبب هذه الأزمة، أو أن التأثير لن يطول سوى الأطراف المباشرة؟
يشير المقال إلى أن الضربة على روسيا لن تؤثر في النمو العالمي، فحجم اقتصادها يعد ضئيلا، حيث يمثل نحو 1.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، وهو ما يشكل نصف حجم دولة مثل فرنسا، ونحو عشر اقتصادات الصين أو الاتحاد الأوروبي. لكن الاقتصاد العالمي سيشعر ببعض الألم إذا اتفقت أوروبا مع الولايات المتحدة على ضرورة تأجيل نورد ستريم 2 Nord Stream "خط أنابيب باستثمارات غربية لنقل الغاز الطبيعي من مدينة فيبورج في روسيا إلى مدينة جرايفسفالد في ألمانيا" إلى أجل غير مسمى.
واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الروسي تصل إلى 40 في المائة حاليا، وستزداد مع تشغيل خط نورد ستريم 2، لكن في حال فرضت العقوبات على روسيا، أو كردة فعل روسية لمحاصرة أوروبا، فإن أسعار الطاقة "الغاز خصوصا" سترتفع بشكل كبير وستؤثر في جميع الدول الأوروبية. ارتفاع أسعار الطاقة، إضافة إلى التضخم الذي تعانيه دول أوروبا وأمريكا، سيؤديان إلى خفض نتائج النمو في كلا الجانبين، وسيؤثران بالتالي في النمو العالمي.
يؤكد دونوفان أنه إذا كانت الأسواق تميل تاريخيا إلى تجاهل الأحداث الكبيرة "أي غير المحتملة للغاية"، فإنها تتفاعل مع الحقائق الفعلية. وفي حال نشوب صراع، "سيكون تركيز المستثمرين على إمدادات الطاقة من روسيا والصادرات الغذائية من أوكرانيا".
يذكر سياستيان شحادة وجون وايتكر من Investment Monitor أنه حتى لو لم تغز روسيا أوكرانيا، فإن فلاديمير بوتين قد نجح فعليا في إحداث فوضى في الاقتصاد الأوكراني الهش بالفعل. حيث يعاني قطاع السياحة في أوكرانيا منذ عام 2014 رغم إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أوكرانيا. وبحسب كارين سترويكير في "رويترز"، فإن تأثيرات هذه الأزمة قد تفاقم من المشكلات الاقتصادية في أسعار الحبوب والقمح، وأسعار الغاز والبترول، كما أن شركات كبرى قد تتأثر قيمتها واستثماراتها بسبب هذه الأزمة، إضافة إلى تأثر القطاع المصرفي والحوالات المالية، وتشكل مخاطر سداد القروض البنكية لروسيا تجاه البنوك الغربية. كما أن الأحداث تسببت خلال الفترة الماضية في إرباك سوق السندات والعملات للدولتين، وقد تزيد مخاطر ضعف الأداء لهما. سيتعرض جميع دول العالم لآثار هذه الأزمة، وقد تزيد في بعض الدول عن دول أخرى بسبب العلاقات والارتباطات الاقتصادية. وقد تكون هذه الأحداث نذيرا بتشكل تكتلات عالمية جديدة.
إنشرها