الأوروبيون يواجهون صعوبات في إيجاد بديل للغاز الروسي .. طلب قوي ومعروض أقل
أكد لـ"الاقتصادية" محللون في مجال الغاز أن الأزمة الأوكرانية تثير المخاوف بشأن قلة البدائل المتاحة أمام أوروبا لتعويض إمدادات الغاز الروسي، التي تعتمد عليه منذ عقود طويلة في حال نشوب حرب في المنطقة.
وذكروا أن الأزمة الراهنة بين روسيا والغرب تتصاعد بشدة، ما جعل الولايات المتحدة تناقش بتركيز واستفاضة مع دول الاتحاد الأوروبي سبل تحديد مصادر أخرى للغاز الطبيعي، لافتين إلى أن الأنظار تتجه بقوة نحو إمدادات الغاز من دول بديلة بينها الجزائر باعتبار الأخيرة ثالث أكبر مزود للغاز إلى الاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج.
وأشاروا إلى أن الإدارة الأمريكية حذرت أوروبا في وقت سابق من الاعتماد المتزايد على الطاقة الروسية وحثت القارة على البحث عن موردين بديلين بما في ذلك دول شمال إفريقيا.
وقال الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة إن الجزائر لديها بالفعل خطوط أنابيب عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إسبانيا وإيطاليا، إضافة إلى محطة للغاز الطبيعي المسال، حيث صدرت نحو 34 مليار متر مكعب من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي في 2021 أو 8 في المائة من إجمالي واردات التكتل، لكنه أكد أنه من الخطأ اعتبار أن الغاز الجزائري سيحل محل الغاز الروسي بالكامل، إذ هناك تفاوت ملحوظ في قدرات الإنتاج في البلدين، حيث صدرت روسيا إلى أوروبا نحو 130 مليار متر مكعب في 2021.
من جانبه، أكد أندريه جروس، مدير شركة "إم إم أيه سي" الألمانية للطاقة أن بدائل الغاز الروسي مطروحة بقوة حاليا على أجندة كل الاجتماعات الأوروبية، وهناك رغبة قوية في التحرر من هيمنة وسيطرة الغاز الروسي، مشيرا إلى أنه يمكن الاستفادة من القدرات الإنتاجية المتنامية في مجال الغاز في عديد من دول حوض البحر المتوسط، حيث يوجد إلى جانب الجزائر كل من مصر وقبرص وغيرهما، ولكن معظم هذه الدول تواجه إشكالية زيادة الاستهلاك المحلي للغاز.
بدورها، قالت المحللة الفيتنامية ين بيتش المختصة في شؤون الطاقة إن تدبير بديل للغاز الروسي صعب، حيث يؤكد ذلك بيانات صادرة عن معهد أكسفورد لدراسات الطاقة أن كثيرا من منتجي الغاز التقليديين في شمال إفريقيا والبحر المتوسط يعانون صعوبات فيما يتعلق بزيادة العرض في سياق الطلب المحلي المتزايد.
ولفتت إلى اتفاق الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي على ضرورة فرض عقوبات على روسيا، خاصة في قطاع الطاقة إذا وقع غزو عسكرى ضد أوكرانيا على الرغم من أن روسيا هي مصدر رئيس من واردات الغاز الأوروبية، مشيرة إلى إصرار الاتحاد الأوروبي على التضييق على خط أنابيب نورد ستريم 2 الجديد وفرض عقوبات عليه، وهو الذي سيرسل الغاز الروسي إلى ألمانيا.
من جانب آخر، ذكر تقرير لوكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فان دير لاين قالا إنهما يتعاونان مع الحكومات ومشغلي السوق على توريد كميات إضافية من الغاز الطبيعي إلى أوروبا من مصادر متنوعة في جميع أنحاء العالم.
وأوضح التقرير أن الجزائر يمكن أن توفر سبعة مليارات متر مكعب إضافية من الغاز إلى أوروبا في 2022 وذلك إلى حد كبير من خلال زيادة الشحنات عبر خط أنابيب ترانسميد إلى إيطاليا، مشيرا إلى تأكيد مسؤولين أن الصادرات الإضافية الأخرى يمكن أن تمر من خلال التوسع الأخير في خط أنابيب ميدغاز إلى إسبانيا وربما بعض شحنات الغاز الطبيعي المسال.
وأضاف التقرير أنه في حالة إعادة فتح خط أنابيب GME عبر المغرب إلى إسبانيا سيوفر مجال تصدير آخر بشرط تسوية جميع الخلافات في هذا الشأن.
وفي هذا الشأن، ذكر تقرير "وورلد أويل" الدولي أن أسعار الغاز جاءت متقلبة في الأسابيع الأخيرة، حيث يحاول التجار قياس ما إذا كان برد الشتاء سيؤدي إلى إجهاد مخزونات محطة توليد الكهرباء ووقود التدفئة.
وأوضح التقرير أن التحول الأكثر برودة في توقعات الطقس وقرب انتهاء صلاحية العقود الآجلة أسهما في الارتفاع الحاد في الأسعار، مبينا أن صناديق التحوط في عقود الغاز الأمريكية الطويلة تتوقع ارتفاع الأسعار، ولكن مديري الأموال ما زالوا يحتفظون بمراكز قصيرة.
وذكر التقرير أن مخزونات الغاز في الولايات المتحدة أقل من المعدل الطبيعي 1 في المائة فقط في هذا الوقت من العام إلا أن الصادرات كانت قريبة من مستوى قياسي، كما كان الإنتاج من أحواض الغاز الصخري الزيتي مقيدا نسبيا.