Author

اقتصاد الإنتاجية والتنافسية

|

وضعت برامج رؤية المملكة العربية السعودية 2030 كل شيء تحت المجهر والاستهداف، في سياق مساراتها، ومشاريعها، ومبادراتها الهادفة إلى إنشاء اقتصاد وطني سعودي مستدام ومتنوع، لا يحاكي المستقبل واستحقاقاته ومتطلباته فحسب، بل يليق بإمكانات وقدرات وثروات وكوادر البلاد كلها أيضا. إنها خطة استراتيجية متكاملة، وضعت التحول نحو الريادة في كل الساحات منهجا، والاستدامة هدفا دائما، والتنوع أساسا، والتنافسية محورا رئيسا.
ومن هنا يمكن النظر إلى خطة العمل الأخيرة التي أعلنها وزير التجارة، متمثلة في استراتيجية المركز الوطني للتنافسية، وتتضمن تنفيذ إصلاحات تمكن البيئة التنافسية من مواكبة التوجهات العالمية الجديدة التي ترتكز على الإنتاجية، والاستدامة، والشمولية، والهدف من كل هذا أن تكون السعودية في مصاف الدول العشر الأكثر تنافسية عالميا بحلول 2030، وهو العام الذي تستكمل فيه كل المشاريع الخاصة برؤية المملكة، علما بأن بعضها استكمل بالفعل حتى قبل موعده.
مخططات تمكين التنافسية على مستوى السعودية، تشمل كل القطاعات التجارية النشطة ذات العوائد، والمردود الاقتصادي الذي يدعم الناتج المحلي، والدخل القومي، ولا سيما القطاع الخاص، حيث تستهدف الرؤية تحسين أداء الأعمال في هذا القطاع، الذي وضعته خطة البناء الاقتصادي الشاملة شريكا فاعلا على الساحة الداخلية.
توجهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، واضحة منذ البداية، وترمي إلى الانتقال إلى اقتصاد الإنتاجية، والتنافسية العالمية، والنقطة المحورية في هذا المجال، تكمن - بالطبع - في التحول من مرحلة تيسير بيئة الأعمال إلى التنافسية العالمية بمجالاتها المختلفة. كل هذا يصب في مسار المرحلة الثانية من مسيرة تحقيق أهداف "الرؤية"، التي تعد ضمن أهم مخططات التنمية والبناء الاقتصادي على مستوى العالم، وحققت قفزات نوعية محليا، وعززت الروابط العالمية اقتصاديا، في كل المجالات.
المخطط الجديد على صعيد التنافسية، يستند إلى أرضية من المكتسبات، والإنجازات السابقة، بما في ذلك التشريعات المرنة والفرص المتوافرة، والرؤى الابتكارية، وغير ذلك، وهذا كله يساعد على وضع سلسلة جديدة من الإصلاحات المحورية، وتلك المساندة التي تتطلبها التطورات والمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية.
هذه الإصلاحات تشمل قطاعات محورية مثل الزراعة، والصناعة، والخدمات والتقنية، ومن أهم مستهدفات خطة التنافسية تحديث بيئة الأعمال، وأدواتها، كي تتواءم مع متطلبات السوق، وزيادة الإنتاجية، وتطوير اليد العاملة، وتوافرها، وكذلك الخبرات في هذا المجال، أو ذاك، وهذا أمر سيدفع العجلة الإنتاجية بقوة إلى الأمام، ولكن على أسس تنافسية بمعايير عالمية تمثل محورا رئيسا في تحقيق النجاح. كما أن هذه الإصلاحات أيضا تبقى ضرورية في أي بلد في العالم، إذا ما أراد أن يكون طرفا أساسيا في اقتحام ودخول أسواق جديدة، بصرف النظر عن طبيعة السلع المنتجة، أو الخدمات.
الأهداف متعددة في خطة التنافسية الجديدة، من بينها الاستدامة والشمولية، وهذه النقطة بالذات تأتي في وقت مهم للغاية، لأن لها روابطها الخاصة بجائحة كورونا، التي أظهرت الدور المهم للإنتاجية في التنمية المستدامة، وهذا يتسق مع الارتفاع المتصاعد بقوة للمسار العالمي نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر، إلى جانب التركيز على الابتكار، والإبداع، وتحويل الساحة إلى قوة متزايدة لجذب الاستثمارات، وهذه الأخيرة بحد ذاتها تعد محورا رئيسا للخطط الاقتصادية السعودية التطويرية، وحققت مستويات قياسية خلال الأعوام القليلة الماضية، مستندة إلى سمعة المملكة وقدراتها المحلية.
خطة الإصلاحات الجديدة، تأتي بعد مرحلة سابقة تمثلت في تنفيذ أكثر من 600 إصلاح في الجوانب التشريعية، والإجرائية، قادت بالفعل إلى تطوير منظومة الأعمال، فضلا عن تعزيز الحوكمة التي باتت منذ عقود محورا رئيسا لنجاح أي قطاع أو جهة إنتاجية، تستهدف الأسواق المحلية والعالمية.

إنشرها