FINANCIAL TIMES

هل أصبح المصرفيون مهندسي برمجيات في الوقت الحاضر؟

هل أصبح المصرفيون مهندسي برمجيات في الوقت الحاضر؟

جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان، داخل مكتبه في نيويوك.

قليلون المحاورون الذين هم أكثر براعة من جيمي ديمون في وول ستريت. على عكس كثير من نظرائه، فإن هذا النيويوركي على استعداد للتحدث عن رأيه ويمكنه التعبير عن نفسه بوضوح، والخوض بسهولة في اللغة العامية لدرجة أنه يبدو أحيانا كمضيف لبرنامج حواري إذاعي رياضي أكثر من كونه رئيسا لأكبر بنك في الولايات المتحدة من ناحية الأصول.
لكن بعض الموضوعات معقدة إلى حد ما بحيث حتى إن الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان تشيس لا يستطيع أن يلجأ إلى صلاحياته. مثل الركائز الأخرى للمؤسسة المصرفية هذه الأيام، كان يتخذ قرارات مصيرية حول كيفية الاستجابة لجيل جديد من منافسي التكنولوجيا المالية - وقد ثبت أن شرح إنفاقه التكنولوجي للأجانب أمر صعب.
ظهرت صعوبات ديمون قبل بضعة أيام عندما أعلن بنك جيه بي مورجان نتائج الربع الرابع. كالعادة، حقق أرباحا ضخمة - رقم قياسي بلغ 48.3 مليار دولار العام الماضي. وأوضح البنك أيضا أنه لم يكن واقفا بلا حراك. قال إنه سيزيد الاستثمارات في التكنولوجيا والتسويق والشركات الجديدة والموظفين الإضافيين 30 في المائة هذا العام إلى 15 مليار دولار. من المتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات التكنولوجية بجميع أنواعها 12 مليار دولار.
قال البنك إن المعضلة تكمن في أن كل هذا الإنفاق يمكن أن يساعد في رفع النفقات 8 في المائة، ما يهدد قدرته على تحقيق أهدافه الربحية لهذا العام وربما العام المقبل. خلال مكالمة مع محللي الاستثمار في وول ستريت، تم الضغط على ديمون للحصول على تفاصيل حول نوع الضربة التي يمكن أن يتوقعها البنك من الدولارات الكبيرة التي يلقيها على التكنولوجيا.
توقع ديمون أن يحصل "جيه بي مورجان" على حصة سوقية في كل نشاط تقريبا، لكنه أقر بأن الأمر سيستغرق بعض الوقت لفهم تأثير إنفاقه في التكنولوجيا بشكل كامل. مثلا، قال إن البنك يتوقع توفير 30 مليون دولار إلى 40 مليون دولار سنويا عن طريق تحويل عمليات البطاقة من مرفق حاسب مركزي إلى السحابة، لكنه حافظ على الفائدة الرئيسة لهذه الخطوة في تحسين الإمكانيات - من القضاء على الاحتيال إلى صنع مزيد من العروض المستهدفة للعملاء.
كان رد فعل المستثمرين حذرا. فقدت أسهم جيه بي مورجان - التي تضاعفت تقريبا خلال الوباء - أكثر من عشر قيمتها في الأيام التي تلت إعلان أرباح الشركة. مايك مايو، محلل "ويلز فارجو" الذي أوصى بأسهم جيه بي مورجان لمدة سبعة أعوام، خفض تصنيف السهم، قائلا إن عدم وجود تفاصيل حول ما يتوقعه البنك من استثماراته زاد من احتمال تبديد الأموال دون أن يتمكن المستثمرون الخارجيون من معرفة ما كان يحدث.
بحسب مايو، "دائما ما يكون الاستثمار في البنوك نوعا من الاستثمار في صندوق أسود - ظل مختلفا بلون رمادي يتدرج إلى الأسود. في حالة جيه بي مورجان، لا بد أن لونه رمادي غامق للغاية بالنسبة إلى منطقة راحتنا".
المفارقة في انتقادات مايو هي أنه يدرك أن ديمون والمصرفيين أمثاله بحاجة إلى التحرك بسرعة لتحديث عملياتهم أو المخاطرة برؤية مزيد من الوظائف المصرفية تنتقل إلى شركات التكنولوجيا المالية والمنافسين غير المصرفيين. إنه فقط قلق بشأن شفافية العملية.
يقول مايو، "جيمي ديمون اعتاد أن يكون مقابل البنوك، والآن أصبح جيمي ديمون مقابل العالم. إنه يرسل إشارة مفادها أن لا أحد سينفق أكثر من جيه بي مورجان. هذه طريقة جيمي ديمون في قول ’أنا لست متفاجئا‘".
سيكون حجم بنك جيه بي مورجان وقوته المالية في متناول اليد. بينما تحتاج شركات التكنولوجيا المالية إلى التركيز فقط على أروع التكنولوجيات، يتعين على البنوك التقليدية مثل ديمون أن تقاتل في الوقت ذاته منافسيها الجدد المتطورين والحفاظ على أنظمة الكمبيوتر القديمة التي لا يزال عملاؤها يعتمدون عليها. يقول "جيه بي مورجان" إن نصف ميزانيته التكنولوجية البالغة 12 مليار دولار ضرورية لإدارة البنك والنصف الآخر لتغييره.
تقول ديان جلوسمان، محللة بنوك قديمة في وول ستريت تهتم بشكل خاص بعمليات المكاتب الخلفية، "المشكلة هي أن البنوك لديها قدر كبير من عملياتها التي تعمل على أشياء قديمة - أجهزة قديمة، وبرامج قديمة. نتيجة لذلك، يذهب جزء مهم جدا من إنفاقها التكنولوجي على إبقائها مستمرة في العمل".
من جانبه، أظهر ديمون ثقته المعتادة عندما ناقش خططه الاستثمارية هذا الشهر، قائلا إنه سيحتاج إلى "إنفاق بضعة دولارات" للتغلب على المنافسين القدامى والجدد. في سن 65 عاما - ولديه سجل حافل بتقديم أكثر مما وعد - يبدو أن ديمون مستعد إلى التسكع لعدة أعوام لكي يرى ما إذا كانت استراتيجيته للإنفاق على التكنولوجيا مستهدفة.
بالنسبة إلى بقيتنا، هذا يعني أن الاستثمار في البنوك سيصبح أكثر صعوبة. لن يكفي ببساطة معرفة ما إذا كان بإمكان الإدارات تقييم مخاطر الائتمان أو تخصيص رأس المال أو إلهام قوى المبيعات. أصبح المصرفيون مهندسي برمجيات في الوقت الحاضر، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن نكتشف عدد من هم على مستوى الوظيفة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES