تقارير و تحليلات

الطرح عبر شركات الاستحواذ الخاصة .. فوائدها ومخاطرها وجاذبيتها

الطرح عبر شركات الاستحواذ  الخاصة .. فوائدها ومخاطرها وجاذبيتها

الطرح عبر شركات الاستحواذ  الخاصة .. فوائدها ومخاطرها وجاذبيتها

الطرح عبر شركات الاستحواذ  الخاصة .. فوائدها ومخاطرها وجاذبيتها

الطرح عبر شركات الاستحواذ  الخاصة .. فوائدها ومخاطرها وجاذبيتها

لا تزال تتواصل شعبية طرح الشركات في الأسواق الأمريكية من خلال أسلوب شركات الاستحوذ الخاصة التي أخذت في الانتشار السريع كالنار في الهشيم منذ نحو عامين فقط، أنظر جدول عدد شركات الاستحواذ الخاصة منذ 2013 أدناه. هذه الآلية الفعالة للطرح العام لا تطبق حاليا في المملكة ولكن يبدو أن هناك اهتماما بها من قبل الجهات المعنية في المملكة.

في هذا التقرير نلقي الضوء على فكرة الطرح عن طريق شركة استحواذ خاصة، بدلا من الطرح التقليدي المعروف، وذلك من حيث كيفية عملها وفوائدها وكيف أنها تختلف عن الأسلوب التقليدي، ومن ثم نلقي الضوء على بعض الشركات التي تم إدراجها في الأسواق الأمريكية بهذا الأسلوب، وهي شركات متنوعة بعضها عربية وسعودية!

الطريقة التقليدية للطرح العام للأسهم
عندما تقرر إحدى الشركات الخاصة إدراج أسهمها في السوق المالية فهي تدخل في دوامة طويلة ومرهقة من الإجراءات التنظيمية والقانونية والمحاسبية والمالية، وعادة تكون هناك جيوش من الخبراء والمختصين ممن يتولى إدارة العملية من بداية الفكرة إلى يوم إدراج الأسهم في السوق المالية. وإلى جانب الوقت الطويل الذي تستغرقه عملية الطرح التقليدية فهي كذلك مكلفة إلى حد كبير، يحصل متعهد التغطية من خلالها على عشرات الملايين من الدولارات مقابل التزامه بتغطية الاكتتاب تحت جميع الظروف، هذا على الرغم من كون نجاح الطرح شبه مضمون، خصوصا هنا في المملكة حيث يحدث كثيرا أن تتم تغطية الاكتتاب بـ40 أو 50 ضعف المبلغ المطلوب.

وعلى الرغم من عدم الحاجة الفعلية إلى متعهد التغطية إلا أن قواعد التسجيل والإدراج في المملكة تشترط دائما وجود متعهد تغطية بالكامل، هذا من الرغم من وجود بعض الحالات الاستثنائية القليلة عطفا على حجم الطرح كما حدث في طرح البنك الأهلي وطرح شركة أرامكو. وإلى جانب الوقت والجهود والتكاليف اللازمة للطرح التقليدي هناك إشكالية تحديد سعر الطرح، وهي التي مرت بعدة مراحل هنا في المملكة، وانتهت بآلية سجل الأوامر التي من خلالها تقوم مؤسسات مالية بالمزايدة على سعر الطرح من خلال نطاق سعري يتم تحديده من قبل الشركة وخبرائها.

كيف تعمل آلية الطرح من خلال شركات الاستحواذ الخاصة؟
تقوم شركات مالية متخصصة بتأسيس شركة استحواذ خاصة وتقوم بإدراجها في السوق المالية بيسر وسهولة كونها شركة محددة الهدف لا تمارس بنفسها أي نوع من الأعمال التجارية، بل هدفها فقط جمع أموال المستثمرين ومن ثم البحث عن شركة خاصة ترغب في الإدراج فيقومون بالاستحواذ عليها. وبعد الاستحواذ على الشركة الخاصة ينتهي دور شركة الاستحواذ وتتحول إلى الشركة الخاصة التي تم الاستحواذ عليها. أي أن شركة الاستحواذ هي مجرد قالب فارغ يستخدم لإدراج الشركة الخاصة من خلاله.

السبب في كون هذه العملية سهلة وسريعة لإدراج الشركات الخاصة، على الرغم من ضرورة إدراج شركة الاستحواذ ذاتها قبل أن تتمكن هي من إدراج شركات أخرى عن طريقها، يعود في ذلك لخبرة القائمين على شركات الاستحواذ الخاصة وممارستهم لعمليات الإدراج والاستحواذ من جهة، ومن جهة أخرى يعود السبب كذلك لسهولة إدراج شركة الاستحواذ الخاصة في السوق المالية، كونها ليست شركة حقيقية ولا يوجد هناك ما يستدعي الكثير من التدقيق والتمحيص من قبل سلطات الأسواق، ولذا تسمى هذه الشركات بشركات القوالب الفارغة shell companies.

فائدة شركات الاستحواذ للشركات الخاصة
السبب في انجذاب الشركات الخاصة لهذه الوسيلة الجديدة يعود لسرعة عملية الإدراج عن طريقها، مقارنة بالطريقة التقليدية التي تكلف الكثير من المال والوقت والجهد. كذلك، هناك امتعاض كبير ومتزايد تجاه البنوك الاستثمارية التي تتولى عمليات الطرح الأولي، ما يجعل كثيرا من الشركات الخاصة تفضل أي وسيلة أخرى غير البنوك الاستثمارية المتخصصة في الطروحات الأولية، هذا على الرغم من أن هناك من يرى فوائد معينة لعملية الطرح من خلال البنوك الاستثمارية للشركات الخاصة وكذلك للمستثمرين.

من ضمن الفوائد الأخرى للشركات الخاصة التي تدرج في سوق الأسهم عن طريق شركات الاستحواذ، هناك المرونة الناتجة عن عدم وجود فترة حظر للملاك والمؤسسين لبيع أسهمهم بعد الطرح، وذلك لكون الشركة الأم مطروحة من الأساس، إضافة إلى كونهم غير مقيدين بنسبة طرح معينة من أسهمهم، بخلاف طريقة الطرح التقليدية.

فكرة شركات الاستحواذ الخاصة قديمة
شركات الاستحواذ الخاصة موجودة منذ نحو 20 عاما وتوجد لها آليات متعارف عليها ومقبولة في الأسواق المالية، غير أنها أخذت بالاشتهار المتزايد في العامين الماضيين نتيجة الترويج الكبير لها من قبل بعض الأسماء الكبيرة والمعروفة في عالم الاستثمار، مثل "بيل آكمان" و "بالي هابتيا جاثام" وآخرين، والذين قاموا بالاستحواذ على عدد كبير من الشركات البارزة وإدراجها في الأسواق.

شركة الاستحواذ الخاصة ليست شركة قابضة، كما هو متعارف عليه ومسموح به حتى هنا في المملكة، وذلك لأن شركة الاستحواذ عمرها غالبا محدود بعامين فقط، وبعد ذلك يجب عليها إما أن تستحوذ على شركة خاصة أو أن تصفي أصولها وتعيد الأموال إلى المستثمرين وتنقضي الشركة. أنظر إلى الجدول " شركات الاستحواذ الخاصة – حسب المرحلة " وكيف أن عدد شركات الاستحواذ الخاصة التي لم تتمكن من التوصل إلى شركة مناسبة للاستحواذ يصل إلى 114 شركة من 1270 شركة استحواذ خاصة، أي يمكننا القول إن نحو 10 في المائة من شركات الاستحواذ تفشل في تحقيق أهدافها.

كذلك تجدر الإشارة إلى أن شركات الاستحواذ الخاصة ليست مثل شركات صناديق التحوط ولا شركات الملكية الخاصة private equity، أولا بسبب عمر الشركة القصير وثانيا بسبب الاختلاف الكبير في طريقة عملها عن هاتين الوسيلتين، بالذات في كونها تستهدف الاستحواذ على شركة خاصة واحدة الأمر الذي يختلف عن شركات الملكية الخاصة التي قد تستحوذ على أي عدد من الشركات.

هل يخسر المستثمر في شركات الاستحواذ التي تفشل في التوصل إلى استحواذ؟
كما في الجدول المرفق كان هناك نحو 114 شركة استحواذ لم تتمكن طيلة عامين - على الأقل - في الحصول على شركة خاصة للاستحواذ، فما الذي يحدث لمن يمتلك في شركات الاستحواذ؟ بما أن شركة الاستحواذ شركة فارغة ليس لديها أي عمليات تجارية فلهذا السبب لا توجد مخاطر تجارية أو اقتصادية في تملك أسهمها، ومن جهة أخرى جميع الأموال التي تم جمعها من خلال الاكتتاب في شركة الاستحواذ مودعة لدى أمين حفظ، ويمكن استعادة تلك الأموال وتوزيعها على حملة الأسهم. التكاليف الوحيدة التي سيتم استقطاعها من متحصلات الاكتتاب هذه هي تكاليف إدارة شركة الاستحواذ منذ إنشائها إلى وقت انقضائها التي غالبا لا تزيد على عامين، وهي تكاليف إدارية قليلة نسبيا.

كيف يستثمر الفرد في شركات الاستحواذ الخاصة؟
هنا نحتاج إلى التفريق بين طرح شركة الاستحواذ ذاتها، وبين ما يتم لاحقا عند طرح الشركة الخاصة التي سيتم إدراجها من خلل شركة الاستحواذ الخاصة. فسعر طرح شركة الاستحواذ الخاصة عادة محدد بعشرة دولارات فقط، أما سعر شراء أسهم الشركة التي ستطرح لاحقا فهذا يتم تحديده من خلال العرض والطلب بعد الاندماج مع شركة الاستحواذ. فمثلا الشركة العربية " أنغامي" التي مقرها الإمارات العربية المتحدة وتم إدراجها من خلال شركة استحواذ العام الماضي يمكن لمن يرغب في شراء أسهمها أن يقوم بذلك من خلال السوق، أي أنه لا يوجد اكتتاب للأفراد لأن شركة الاستحواذ هي من قام بشراء شركة أنغامي وإتاحتها للتداول بشكل فوري وسريع.

كذلك الحال مع شركة لوسيد للسيارات، وهي شركة أمريكية خاصة يمتلك صندوق الاستثمارات السعودي نسبة كبيرة فيها، تقارب 67 في المائة، هي الأخرى استطاعت الإدراج في بورصة نيويورك دون القيام بعملية طرح أولي نهائيا. لوسيد قامت بالإدراج من خلال شركة "تشرشل كابيتال" التي كانت في وقتها لديها ثلاث حالات اندماج سابقة ناجحة وجميعها تمت خلال فترة قصيرة بقيادة مايكل كلاين.

ماالمقصود بالحقوق warrants في شركات الاستحواذ الخاصة؟
مع كل طرح لشركة استحواذ خاصة يتم منح من يكتتب أسهم حقوق إضافية هي عبارة عن طريقة للتشجيع على الاكتتاب في شركة الاستحواذ، بحيث يمكن لحامل الحق الواحد الحصول على سهم إضافي لاحقا بسعر 11.50 دولار، وهذه الأسعار شبه ثابتة في شركات الاستحواذ الخاصة، الاختلاف عادة يكون في عدد الحقوق التي يحصل عليها المكتتب.

في مثال شركة الاستحواذ الخاصة التي استحوذت على شركة لوسيد تم إصدار 100 مليون سهم أثناء الطرح وكان هناك 20 مليون حق يمكن استبدالها بأسهم، فأصبح عدد الأسهم الإجمالي 120 مليون سهم. هذه الحقوق تباع بشكل مستقل وهي طريقة مفيدة لمن يرغب في الاستفادة من التطورات التي تحدث لشركة الاستحواذ في سبيل بحثها عن شركة استحواذ، التي تحدث فيها أحيانا ارتفاعات كبيرة في السعر عندم يتم التوصل إلى شركة خاصة جذابة، كما حصل مع شركة لوسيد. وبالتالي فحقوق الـ warrants تتميز بقوتها كرافعة مالية إن حدث هناك ارتفاع في سعر شركة الاستحواذ.

هذه الحقوق يمكن استبدالها إلى أسهم عادية بعد 30 يوما من الاندماج، ولكن يتعين على المتداول أولا تحويلها إلى أسهم وذلك بدفع 11.50 دولار عن كل سهم، لذا فالفائدة تأتي بسبب دفع مبلغ ثابت ومعروف مسبقا بغض النظر عن سعر شركة الاستحواذ في السوق. كذلك هذه الحقوق تنتهي صلاحيتها بعد خمسة أعوام من الاندماج، أي أن مالك الحقوق يستطيع استبدالها بأسهم الشركة الخاصة التي سيتم الاستحواذ عليها لاحقا وذلك بدفع 11.50 دولار في أي وقت خلال مدة خمسة أعوام.

ما المخاطر في شراء أسهم شركات الاستحواذ الخاصة؟
يجب الانتباه إلى أن عمليات الاندماج العكسي، التي هي ما يتم من خلال هذا النوع من الشركات، ليست تماما مثل الطرح الأولي التقليدي، فهناك عدة اعتبارات يجب أخذها في الحسبان، بعضها تطرقنا إليه فيما يخص أسهم الحقوق warrants وانقضاء مدتها لتصبح عديمة القيمة، إلى جانب مخاطر عدم توصل الشركة إلى استحواذ مناسب، ولكن الأهم من ذلك هو أن شركات الاستحواذ الخاصة في حقيقة الأمر شركات استثمارية، تطرح من دون أي أصول ملموسة ولا منتجات ولا خدمات ولا حتى خطة مؤكدة لطبيعة عملها. وغالبا الرابح الأكبر هم مؤسسو شركة الاستحواذ، كون المخاطرة عليهم شبه معدومة، فهم إما يجدون شركة للاستحواذ يتم تمويل عملية شرائها من قبل مستثمرين جدد يكتتبون لاحقا، أو أن العملية تفشل ويقومون بخصم مصروفاتهم الإدارية من متحصلات الاكتتاب، وإعادة المتبقي للمستثمرين.

على سبيل المثال، كان لدى مؤسسي "تشرشل كابيتال"، التي تم طرح شركة لوسيد من خلالها، 25 مليون سهم وقت الطرح، إضافة إلى 21 مليون حق، قاموا بشرائها وقت الاكتتاب بسعر دولار واحد فقط، وبذلك فهم يستطيعون استبدالها بالعدد نفسه من الأسهم بعد دفع 11.50 لكل حق. أي أن باستطاعتهم امتلاك 21 مليون سهم إضافي بتكلفة 12.50 دولار عن كل سهم، علما أن سهم لوسيد بعد الإدراج وصل إلى نحو 60 دولارا.

ماذا عن أداء أسهم شركات الاستحواذ الخاصة؟
تاريخيا، يعد أداء شركات الاستحواذ الخاصة ضعيفا إلى حد ما، مقارنة بأداء الأسهم بشكل عام، ولكن هناك من يعتقد أن هذا شيء من الماضي وأن الشعبية المتزايدة لهذه الشركات وبروز أسماء كبيرة وذات خبرة واسعة خلفها قد أحدث تغييرات جذرية في طريقة عملها والفرص التي أمامها. وكما ذكرنا أنه بالنسبة للمستثمر الفرد فهو يستطيع شراء أسهم هذه الشركات كأي أسهم أخرى، ويستطيع بيعها بسهولة تامة، وكذلك يستطيع شراء الحقوق المرتبطة بأسهمها، أنظر إلى قائمة بعض شركات الاستحواذ الجديدة التي تم طرحها في أول شهر من 2022.

شركات استحواذ خاصة جديدة لـ 2022
كما يشير جدول عدد شركات الاستحواذ الخاصة فقد كان هناك 613 شركة استحواذ خاصة تم إطلاقها في 2021، وخلال أول ثلاثة أسابيع من 2022 هناك 21 شركة استحواذ خاصة تم إدراجها، ويمكن للمهتمين الاطلاع عليها واتخاذ قراراتهم بشأن الاستثمار بها من عدمه.

يعتمد قرار المستثمر على إدارة شركة الاستحواذ وخبرتهم في هذا المجال ومقدرتهم على التوصل إلى شركات خاصة جذابة وتستحق الاستثمار. لذا فإن الذي يحصل في تداول شركات الاستحواذ هو أن المستثمرين يترقبون إعلانات هذه الشركات عن التوصل إلى شركة للاستحواذ، ويكون سعر شركة الاستحواذ قريبا من عشرة دولارات إلى أن تظهر بوادر مشجعة لاستحواذات قادمة وعندها قد يرتفع السهم بشكل كبير جدا. بالنظر إلى حركة سهم لوسيد للسيارات الكهربائية في بداية 2021 يلاحظ الصعود القوي للسهم إلى نحو 65 دولارا وقد كان فقط عشرة دولارت قبل ذلك بأيام قليلة. في ذلك الوقت لم تكن شركة لوسيد مدرجة، كان هذا التحرك فقط نتيجة تسريبات إخبارية بعزم شركة "تشترشل" على الاستحواذ على لوسيد.

خاتمة
في هذا التقرير تحدثنا عن طريقة جديدة للطرح الأولي للشركات الخاصة وآلية الاكتتاب، وبينا كيف أنها طريقة ميسرة وسريعة للإدراج في الأسواق المالية دون عناء عملية الطرح الأولي التقليدي. وقمنا كذلك باستعراض بعض الشركات الجديدة التي تم إدراجها هذا الشهر من 2022 وهي شركات متنوعة في مستهدفاتها من الشركات الخاصة، وبذلك فهي نقطة انطلاق للمستثمر الذي يبحث عن شركات استحواذ متخصصة في مجال معين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات