Author

رفع كفاءة الإنتاج لا يكفي

|
مختص في شؤون الطاقة
الطاقة شريان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنها أو تهميش بعض مصادرها. دائما ما يتم تسليط الضوء على رفع كفاءة الإنتاج فأين نحن من رفع كفاءة استهلاكها للحفاظ عليها؟ الاستدامة تعني الاستمرارية والثبات، ومن أجمل التعريفات حول معنى الاستدامة، أنها تلبية حاجات الحاضر دون المساس بمقدرات الأجيال المقبلة.
الدول التي تعتمد بصورة كلية أو جزئية على الموارد الهيدروكربونية "النفط والغاز والفحم" في توليد الطاقة، تعي تماما نضوب هذه الموارد، وأن من الضرورة العمل بالتوازي على رفع كفاءة استهلاك هذه الموارد لإطالة عمرها قدر المستطاع، إضافة إلى العمل على خطة طويلة المدى لإحلال الطاقة المتجددة بنسب متفاوتة تعتمد على عوامل فنية ومالية لكل دولة وفق إمكاناتها وأدوات تحقيق هذا الهدف التي تمتلكها. رفع كفاءة الإنتاج كذلك لا تقل أهمية عن رفع كفاءة الاستهلاك، فرفع كفاءة الإنتاج تعني استخدام الطرق والتقنيات المثلى للاستفادة من منتجات الطاقة بأقل تكلفة اقتصادية ممكنة، وأقل مخاطر تواجهها هذه الصناعة المعقدة، إضافة إلى إنتاج أكثر كمية ممكنة. المملكة من خلال وزارة الطاقة، وبالتعاون مع الهيئات والجهات ذات العلاقة، بلا شك تعي وتعمل على تحقيق استدامة الطاقة من خلال رفع كفاءة الإنتاج، ورفع كفاءة الاستهلاك، والوصول في عام 2030 إلى مزيج أمثل من الطاقة تشكل الطاقة المتجددة 50 في المائة منه.
وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فمن المتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة نحو 50 في المائة عام 2050 ليصل إلى 900 كوادريليون "مليون مليار" وحدة حرارية، مقارنة بكمية الاستهلاك عام 2020 التي تبلغ 620 كوادريليون وحدة حرارية، وجل هذا النمو يأتي من الدول الآسيوية. الأرقام السابقة بناء على استشراف مستقبل كمية الطاقة المستهلكة تعزز التوجه العالمي والمحلي لرفع كفاءة الاستهلاك والمحافظة على مصادر الطاقة الناضبة. بالعودة إلى بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، والشركة السعودية للكهرباء نجد أنه في عام 2019 بلغت كمية الاستهلاك من الكهرباء في السعودية لجميع القطاعات نحو 280 تيراواط لكل ساعة، تشمل جميع القطاعات. استهلك القطاع السكني نحو 45.8 في المائة من إجمالي كمية الاستهلاك من الكهرباء المبيعة في السعودية، حيث بلغ الاستهلاك نحو 128.1 تيراواط لكل ساعة، وجاء ثانيا الاستهلاك في القطاع الصناعي، حيث شكل نحو 17.7 في المائة، ثم القطاع التجاري بنحو 16.7 في المائة، والقطاع الحكومي بنحو 13.5 في المائة من إجمالي الاستهلاك في السعودية، وبلغت كمية الاستهلاك في القطاع الحكومي نحو 37.7 تيراواط لكل ساعة. في السعودية تستحوذ المباني والصناعة والنقل البري والمنافع "استخدام الطاقة في توليد الكهرباء وتحلية المياه" ما يزيد على 90 في المائة من الاستهلاك المحلي للطاقة، ويستهلك قطاع المباني نحو 75 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة، يشكل استهلاك أجهزة التكييف منها نحو 65 في المائة منها. السعودية تتعامل بحكمة وبتوازن يدرس مع معادلة الطاقة محليا وعالميا، وتعمل بلا ضجيج وبمبدأ القيادة بالمثال الواقعي، فهي تتوسع في مصادر الطاقة المختلفة دون تهميش لأحدها، ودون تطرف في التعاطي مع قضايا البيئة وتغير المناخ أسوة بمناهضي الوقود الأحفوري وعلى رأسه النفط.
إنشرها