FINANCIAL TIMES

لماذا بدأ المديرون العصريون بنفض الغبار عن كتيبات الشركات؟

لماذا بدأ المديرون العصريون بنفض الغبار عن كتيبات الشركات؟

قد ينتج عن الشفافية من أجل الشفافية عواقب غير مقصودة مثل عدم الكفاءة في العمل، أو عقد مزيد من الاجتماعات حول مشروع ما أكثر مما يلزم.

تعد ذا سول بابليشينغ، وهي شركة لصناعة محتوى فيديو عبر الإنترنت والمعروفة بإعطاء نصائح عملية، أنها حازمة فيما يتعلق بعقد الاجتماعات. حيث يتوجب على الموظفين التأكد من أنهم حاولوا بكل الطرق الممكنة حل مشكلتهم قبل الدعوة إلى عقد اجتماع. وعند التأكد من وصولهم إلى طريق مسدود تماما، حينها فقط يمكنهم طلب اجتماع قبل 24 ساعة. بعدها يجب عليهم نشر جدول الأعمال، وتحديد عدد الضيوف "لأنهم يعدون العصف الذهني مضيعة للوقت" ومدة الاجتماع هي "30 دقيقة كحد أقصى". وبعد الانتهاء من الاجتماع، يتم نشر الملاحظات على السحابة، حيث يمكن لمن يرغب الوصول إليها.
تتعرف القوى العاملة الأولى عن بعد في شركة ذا سول على بروتوكولات الاجتماعات هذه على صفحة المعلومات الخاصة بها عبر الإنترنت، حيث تنشر الشركة الدليل الخاص بها حول السياسات ودليلا لممارسات عملها.
وفيما يتعلق بموضوع التخاطب مع الزملاء داخل الشركة، تحذر صفحة المعلومات عبر الإنترنت الخاصة بالشركة، "يحظر تماما استخدام البريد الإلكتروني للتواصل مع الآخرين في الشركة. تماما. بكل معنى الكلمة. لا توجد استثناءات بهذا الشأن". وبدلا من ذلك، ينصح الموظفون باستخدام تطبيق سلاك، وهو تطبيق متخصص للدردشة في أماكن العمل.
في حين أن الكتيب الخاص بالشركة غير متاح للعامة، إلا أن الشركة تشارك بعضا من أقسامه مع المرشحين المحتملين كي يتعرفوا على ثقافتها الداخلية. حيث يقول آرثر ماميدوف، رئيس العمليات في "ذا سول"، "لن يكون كل شخص مناسبا للعمل في هذه البيئة". قد يكون البروتوكول الذي يتعلق بالاجتماعات صعبا بشكل خاص على الموظفين الجدد القادمين من خلفيات الشركات التقليدية. ويضيف، "إن الأمر مربك ذهنيا في الأشهر القليلة الأولى، وكلما زادت خبرتهم، ازداد الإرباك الذهني".
أما في عالم العمل المكتبي حيث من المرجح بشكل متزايد أن تشتمل مهام العمل على عنصر العمل من المنزل - أو قد يكون العمل عن بعد بشكل كامل - حيث تقوم أعداد متزايدة من أصحاب العمل بإنشاء كتيبات افتراضية للشركة من أجل توثيق أسلوب وثقافة عملهم. فالنطاق الذي تشمله أوسع من الكتيبات التقليدية التي تحدد الفوائد وقضايا الامتثال.
وتقول جينيفر سميث، المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية لشركة سكرايب، التي تصنع برمجيات الإنتاجية، إن هناك اتجاهين جديدين يجعلان كتيبات الشركة مهمة. حيث تقول، "أولهما هو العمل عن بعد. لقد اعتدت أن تعتمد على من حولك في غرفة المكتب ليقدموا لك النصائح، وذلك هو التعلم عن طريق التناصح. لكن عندما يعمل الموظفون عن بعد، يصبح ذلك أكثر صعوبة عليهم. فقد أصبحت عبئا على أفضل الموظفين عندك وأصعب أيضا على الموظفين الجدد الذين قد لا يرغبون في طرح تساؤلاتهم أو لأنهم قد لا يعرفون لمن يتوجهون بها". كما تؤكد حالات "الاستقالة الجماعية" أهمية هذه الكتيبات. "لقد بدأت ظاهرة المعرفة الجماعية تتلاشى من ثقافة الشركات".
يتناسب هذا النهج أيضا مع قادة الشركات، مثل ريد هاستينغز من نيتفلكس وراي داليو من بريدجووتر أسوشييتس "حيث يتخذون نهجا تبشيريا في طريقة عملهم"، كما يقول نيك لوفغروف، أستاذ الممارسة في كلية ماكدونو للأعمال في جامعة جورجتاون. وفي الوقت نفسه، فإن منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل غلاسدور، وهو موقع لاستعراض الموظفين، قد جعلت ثقافات العمل أكثر شفافية للغرباء عنها.
وقد أدى إطلاق ثقافة المكتب الهجينة في ذا فيري جروب، التي تدير موقع البيع بالتجزئة Very.co.uk، إلى تسريع العمل المرن. ومن أجل مساعدة موظفيها على التأقلم، قامت الشركة بإنتاج كتيب ذا فيري غود وورك، الذي يوضح البروتوكولات الجديدة لطرق العمل. وكما تقول سارة ويليت، كبيرة مسؤولي الموظفين في المجموعة، "في عالمنا الهجين، تعد سهولة الحصول على المعلومات بالوسائل الرقمية لوضع المعايير ومشاركة كيفية إنجاز المهام مع الآخرين أمرا حيويا". وهي تأمل أن يكون الكتيب بمنزلة وسيلة لتحفيز المبتدئين الجدد في العمل ووسيلة لجذب الموهوبين.
تقوم الشركة بإصدار فصل واحد في كل مرة كي يتسنى للموظفين استيعاب ما فيه من معلومات والتأقلم مع ممارسات العمل الجديدة. وقد أصدرت حتى الآن إرشادات عن العمل الهجين، وحول كيفية استخدام مرافق العمل في الشركة وكيفية عقد الاجتماعات. وبعد ذلك ستنشر الشركة فصلا عن التعاون. وتقول ويليت، "يستوعب موظفونا المعلومات بطرق مختلفة، لذلك يشتمل كل فصل على محتوى للقراءة أو للاستماع، مدعوما بوحدات تعليمية رقمية قصيرة يسهل الوصول إليها". ويرفق معه أيضا بودكاست.
تتصور شركة ذا فيري جروب أن ينمو المحتوى ويتغير مع تلاشي ممارسات العمل وبعد تقييم ملاحظات موظفيها.
وتقول ويليت أيضا "سيكون رصد وقياس فاعلية كتيب الإرشادات أمرا بالغ الأهمية. فمن خلال تتبعنا لدرجة فهم الموظفين له ومدى التأثير الذي يتركه فيهم، إضافة إلى تقييم البيانات الآتية من استطلاعات الرأي، سنعرف ما إذا كان يحقق دليل اللعبة أهدافه - وهي التخلص مما يبطئنا، وزيادة الإنتاجية، وقبل كل شيء، تسهيل قيام موظفينا بوظائفهم".
فيما نشر موقع غيتلاب، الذي يعد مستودعا لرموز البرمجيات مفتوحة المصدر عبر الإنترنت، كتيبه بدءا من 2013 وجعله في متناول الجميع. وفي الفصل الذي يتناول التغذية الراجعة، على سبيل المثال، يوضح الكتيب ما يلي، "يعد تقديم التغذية الراجعة أمرا صعبا، ولكن من المهم تقديمها بشكل فاعل. فعند تقديم التغذية الراجعة، اجعل موضوعها يدور دائما حول العمل نفسه؛ ركز على تأثيرها في الأعمال ولا تركز على الأشخاص". وفقا لويندي نايس بارنز، كبيرة مسؤولي شؤون الموظفين، تعني الشفافية أن من الأفضل للشركة توظيف أشخاص "يهتمون بقيمنا"، وتشجع على التغذية الراجعة السريعة من "الأشخاص من خارج الشركة، وتسهل التعاون معهم. فهي تسمح للعالم بأسره بمحاكاة خبراتنا وتقديم اقتراحات لتحسينها، فيما تبسط مشاركة تجاربنا مع أصحاب المصلحة الخارجيين".
وتشير بارنز إلى أن الشفافية يجب أن تكون "شعورا بالمسؤولية حيث تتطلب وضعها في سياق مدروس. فالمعلومات التي يتم مشاركتها مع تفاصيل قليلة عن السياق أو دون سياق مطلقا قد تتعرض لإساءة الفهم أو التحريف. وقد ينتج عن الشفافية من أجل الشفافية عواقب غير مقصودة مثل عدم الكفاءة في العمل، أو عقد مزيد من الاجتماعات حول مشروع ما أكثر مما يلزم، أو مضاعفة المجهود في العمل".
ويضمن كتيب غيتلاب مشاركة التجارب والقيم بسهولة عبر المناطق الزمنية والجغرافية مع جميع القوى العاملة عن بعد. "وهذا يوجد كفاءة في الفهم المشترك. كما أنه يوجد بيئة أكثر ترحيبا لكل من المتقدمين للوظائف والموظفين الجدد".
وتعتقد الشركة أن بإمكانها تحقيق المساواة بشكل أكبر للقوى العاملة، ما يسمح للجميع بالوصول إلى المعلومات نفسها. ويعد الكتيب مفتاحا لثقافة الشركة جنبا إلى جنب مع ممارسات العمل، والقيم والصداقة الحميمة، التي يتم إنشاؤها وصونها من خلال القنوات غير الرسمية للتواصل.
وتقول نيس بارنز، إنه يتطلب "جعل كل ما هو ضمني صريحا"، وهو ما يتطلب بذل الجهد. ويقول، "هناك خوف حقيقي من أن الالتزام بالكتيب، وغرس ثقافة التوثيق، هي مهمة أمامها طريق طويلة جدا بحيث لا يمكن إنجازها في الواقع. لكن ينبغي ألا يكون الهدف هو إكمال الكتيب قبل إعلان وجوده للشركة (بل) يجب أن يكون الهدف هو التكرار. قم بوضع البنية التحتية المناسبة في مكانها، وابدأ في توثيق العملية تلو الأخرى، كل واحدة على حدة".
وتجادل بأن هذه الطريقة تأتي بثمارها على المدى الطويل. وتضيف، "إن المنظمة التي لا تبذل جهودا متضافرة في التوثيق المنظم ليس لديها خيار سوى أن يقوم أعضاء فريقها بالسؤال ثم إعادة توجيه الأسئلة مرة أخرى عن التفاصيل نفسها حول البيانات إلى الأبد، وهذا يؤدي إلى إيجاد حلقة غير فاعلة بسبب الانقطاعات المستمرة في العمل وعقد الاجتماعات".
ويقول رافائيل كروفورد ماركس، المؤسس والرئيس التنفيذي فيBonusly، وهي منصة للمشاركة بين الموظفين، إنه كان عليهم تغيير الطريقة التي يعدلون بها دليل "أن-هاندبوك" أثناء نمو الشركة. وقال، "في مرحلة تأسيس الشركة، عندما كان عددنا يزيد قليلا على 20 شخصا، كان لدينا فعالية طوال اليوم وكانت لدينا غرفة مخصصة لذلك. أما الآن فلدينا أكثر من 100 شخص ولا يمكننا أن ندعو الجميع إلى الغرفة لحضور الفعالية". وبدلا من ذلك، فإنهم يدعون إلى التغذية الراجعة من الموظفين، ثم القيام باستطلاع رأي حول قائمة بالتغييرات المقترحة من أجل مشاركتها مع الموظفين ومراجعتها.
في حين قد يساعد التركيز على الشفافية في ضمان المساءلة عبر أقسام مؤسسة ما، إلا أن هذا النهج لا يوافق هوى الجميع. حيث قد تقدم الكتيبات كثيرا من المزايا، ولكن وفقا للوفغروف من جامعة جورج تاون، "هناك مشكلة حول ما إذا كان الموظفون يميلون لفكرة القوانين الثابتة (لممارساتهم في العمل). أم أنهم يريدون أن يكونوا موقع ثقة بدلا من ذلك؟".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES