Author

وقفات مع الأيام

|
من أعجب ما يمكن ان يتأمله الإنسان مرور الأيام وسرعة انقضائها يعيشها الإنسان وكأنها حلم تمر مر السحاب. ما أن يبدأ الأسبوع حتى ينتهي وما أن يبدأ الشهر أو العام إلا وقد ولى وانصرم. يتذكر أيام الصبا والشباب حين يشيخ ويقف حائرا مع سرعة وصوله إلى هذه المرحلة، ويندم حينها لتفريطه في أمور قد تمس أمر دينه أو دنياه وأنه كان بإمكانه تلافيها، ولكنها سنة الله في خلقه.
هنيئا لمن وصل إلى مرحلة الشيخوخة وحاسب نفسه خلالها وجعل تقلب الليل والنهار مصدر تأمل واستدراك لأن العبرة بالخواتيم. "يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار"، "إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون". إن أخطر ما يمكن أن يحدث في علاقة الإنسان بالوقت ومروره هو داء الغفلة فتجد البعض يلقي بنفسه في دولاب الحياة لتدور به كيفما شاءت، دون أن يقف ليعطي نفسه فرصة في النظر الهادئ الذي يمكنه من إدراك مآلات الأمور وعواقبها.

إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا
فإنما الربح والخسران في العمل

صحيح أن الإنسان مطالب أن يعمل في الدنيا بجد واجتهاد، ولكن ينبغي له التأمل خصوصا مع بداية الأعوام، لأنه حينها سيفتح صفحة جديدة معها وسيحب الآخرين ويقدرهم ويعيش مع نفسه ومع من حوله بسعادة لا حدود لها، ويرتفع معدل عطائه لنفسه ومجتمعه. عجيبة هي الحياة ففي مرحلة الطفولة يتطلع الإنسان أن يصل إلى مرحلة الكبر وحين يصلها يتحسر على مرحلة الطفولة.

فليست هذه الدنيا بشيء
تسوؤك حقبة وتسرك وقتا
وغايتها إذا فكرت فيها
كفيئك أو كحلمك إذ حلمتا

ومن اللافت للنظر هذه الأيام سرعة مرور الوقت، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال، "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ويكون الشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم.. الحديث".
الشاعر الشعبي يقول،

نعد الليالي والليالي تعدنا
العمر يفنى والليالي بزايد

من هنا كان لزاما على أي عاقل أن يأخذ العظة والعبرة من مرور الليالي والأيام لتدارك ما قد يكون فاته من معالي الأمور. "وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا".
إنشرها