Author

الإبداع القسري

|
المحاكاة في الأعمال عكس الابتكار والإبداع وهو نموذج عمل مضمون النتائج إلى حد كبير، بسبب زوال المخاطر الناشئة في البدايات وبالتالي تتوسع فرص النجاح، وهنا على رواد الأعمال الذين تشرئب أعناقهم فرحا وزهوا بتحقيق الإنجازات وخوض المغامرات وركوب المخاطر، ألا ينجرفوا كثيرا وراء إغراءات النجاح الأولى بعد أن يعلموا أن فكرتهم مسبوقة ومبادرتهم "مبيوقة " كما يقول إخواننا الكويتيون، فقد يكون سبب النجاح هو ذاته سبب الفشل.
ولتقريب الصورة أمعن النظر في "سناب شات" وما يتعرض له من مخاطر مؤداها طي قصة نجاح فريدة، والسبب أن كل منتج إبداعي يقدمه للمستخدمين تراه من الغد في تطبيقات منافسة مثل "تويتر" أو "إنستجرام" أو "فيسبوك" أو غيره، وبمثل هذا الأسلوب يخوض كثير من الأعمال غمار البدايات بجرأة كبيرة وبعد مضي التجربة بنجاح يظهر كنموذج عمل يمكن محاكاته والتفوق فيه، بل تصل المحاكاة إلى مستوى ينعكس على صاحب الفكرة الأولى بالخسران المبين.
القضية وجودية ولا مناص من المنافسة والميدان خصب للابتكار فقد تستمر محاكاة نموذج الأعمال حتى تنهار فجأة وتغادر بصمت.
لا أحد ينكر أن "سناب" استطاع إحداث نقلة نوعية غير مسبوقة في طريقة تتبع تحديثات الآخرين وله الفضل في تشكيل مفهوم التواصل الاجتماعي على نحو مباشر ولطيف وقاد مرحلة جديدة في الاستمتاع بلقطات وقصص الفيديو القصيرة، فضلا عن وجود عديد من التقنيات المبتكرة والرائعة التي نراها الآن في نماذج تشغيلية لتطبيقات التواصل الاجتماعي مثل الفلاتر والتدفق اللحظي وبناء القصص والتراسل ومجموعات التواصل الخاصة وغيرها، وعلى الرغم من هذا كله لم يستطع مقاومة محاكاة المنافسين.
تشهد المنصة حاليا مغادرات جماعية وفي كل يوم يعلن مشهور من هنا أو هناك أنه لم يعد قادرا على الاستمرار في التطبيق وسجلت الشركة في الأشهر الثلاثة المنتهية من أيلول (سبتمبر) الماضي خسائر بلغت 71.9 مليون دولار.
في النهاية قد نسمع عن إغلاق المنصة نهائيا، لأنها استجابت إلى الاغتيالات الإبداعية وفقدت القدرة على المنافسة، بسبب محاكاة المنافسين الشرسة لكن الفرصة لا تزال متاحة لما أسميه "الإبداع القسري" القادر على نشل المنصة من وضعها الحالي والعودة إلى التحدي والمنافسة مجددا.
إنشرها