Author

تعدين البحار بمفهوم سعودي جديد

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

ارتبط مفهوم تعدين أعماق البحار باستغلال أعماق البحار على أساس استخراجي وتعديني بشكل مزدوج، إلا أن هناك مفهوما جديدا أطلقته المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة التي يصل إنتاجها اليومي من المياه المحلاة 5.9 مليون م3 وتعد أكبر منتج للمياه المحلاة من البحار عالميا.
مفهوم تعدين البحار أو ما يعرف اصطلاحا بـ Brine Mining الذي أطلقته المؤسسة يعني تحويل مياه الرجيع "التصريف" الناتج عن عمليات إنتاج تحلية المياه المالحة إلى قيمة صناعية جديدة، أي: الاستفادة من الأملاح الذائبة في مياه التصريف الخارجة من منظومات تحلية المياه السعودية وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية عالية، ولا سيما أن منظومات التحلية تنتج سنويا ثمانية مليارات متر مكعب من المحلول المحلي، يعد المفهوم من المفاهيم الجديدة اقتصاديا في مجال الاقتصاد الدائري، حيث نجح ذراع المؤسسة البحثي في تسجيل عدة براءات اختراع في مجال صفر رجيع محلي، أي: إنها لا تعيد الأملاح إلى البحر، وإنما تستفيد منها في صورة منتجات صناعية جديدة، وتسويق ذلك تجاريا كمدخلات في بعض الصناعات الأخرى وتحويلها إلى قيمة تجارية بما في ذلك استخلاص المعادن النادرة من الرجيع الملحي، وفي الوقت ذاته يعمل المفهوم على خفض نسبة حموضة البحار، بسبب حدها من إعادة الأملاح إلى البحار بعد عمليات التحلية واستخلاص المياه العذبة، السعودية لا تزال تقود مبادرات نوعية في مجال حماية الكوكب على المستويين المحلي والعالمي وجعل الاقتصاد أكثر اخضرارا وتشكيل الاستدامة عبر الاندماج في نظام دائري جديد بدلا من النظام الاقتصادي الخطي، وذلك من خلال إضافة قيمة جديدة كانت مهدرة سابقا.
إن مفهوم تعدين البحار السعودي في مجال تحلية المياه يتخطى المعنى الحرفي إلى الجوانب الاقتصادية الأخرى عبر زيادة المحتوى المحلي، أي: زيادة المشاركة الاستثمارية في سلسلة القيمة المحلية من خلال نسبة مشاركة قطاع تحلية المياه في المحتوى المحلي مستفيدة من مبادرات وإنجازات ذراعها البحثي، وما توصل إليه من براءات اختراع ورفع معدلات توطين أغشية التناضح العكسي، وهي أغشية صناعية تستخدم لإنتاج مياه عذبة، وذلك بفصل الملح عن مياه البحر، وهي تقنية واعدة في المملكة والعالم ويبلغ معدل نموها التراكمي في المملكة 6 في المائة سنويا، ويقدر سوقها بـ 1.8 مليار ريال سعودي بحلول 2025، أما معدل نموها التراكمي خليجيا فيقدر بـ 7 في المائة، وتشير التوقعات إلى أن حجم سوقها في عام 2025 يقدر بـ 3.4 مليار ريال سعودي.
أخيرا: مفهوم تعدين البحار في السعودية يأتي متوافقا مع مفاهيم الاقتصاد الدائري وفي الوقت نفسه يعمل على تحقيق أهداف رؤية 2030، كما أنه يحقق مكاسب اقتصادية في تعميق الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتمتين صناعة تحلية المياه المالحة عبر زيادة المحتوى المحلي، والمحافظة على الاستدامة بمفهومها الواسع اقتصاديا وبيئيا.
إنشرها