تجاوز الأنظمة والنهاية الحتمية

تلتزم الشعوب المتقدمة والمتحضرة بالأنظمة، لما تكون لديها من قناعات وثقافات عن الأنظمة، وأنها في مصلحة الشعب في القريب والبعيد، وليس هذا وحده الداعي لهم جميعا، فتبقى ثلة مخالفة يدفعها الخوف من العقوبات، والخشية من الجزاءات.
وتبقى ثلة أخرى مركبة المخالفات باعتقادها الخاطئ، وتصورها المشوه، باقتحام المخالفة وتجاوز الأنظمة ظنا منها أنها لن تدرك وأن مخالفتها لا تكشف، وفي النهاية الحتمية تكشف وتدرك وتنال ما كسبت يداها، وهذا صراع أزلي بين الأنظمة ورجالاتها وآليات تطبيقها وبين علم الجريمة وأربابها ومرتاديها، وثلة أخرى تبرر لنفسها الخطأ لتحقيق مصلحة شخصية دون نظر أو مرعاة للمصلحة العامة في أنانية في المنهجية والتصرف وبروز لحب الذات والأنا، وهذا من سوء الأخلاق، وثمرة خبيثة من ثمار الطمع والجشع.
وحتى لا يكون الإنسان معول هدم في مجتمعه، وفريسة سائغة للابتزاز والتهديد والترقب لملاحقة الجهات المعنية بالمخالفة المرتكبة، ولو تأمل هذه النتائج وأبصر هذه المخاطر لتجنب مخالفة الأنظمة والتزم بالتعليمات والتوجيهات، وكم فقدت من حقوق بسبب تجاوز الأنظمة ظن أهلها أنها في مصلحتهم وكانت وبالا عليهم وشؤما ملازما لهم، ولعلي أضرب مثالا شهدته في إحدى المحاكم أن أما أعطت بنتا لها مبلغ 200 ألف ريال مشاركة في عقار، ولتحصل البنت على دعم من الصندوق العقاري، سجل العقار باسم البنت وحدها، ثم جحدت الأم في المشاركة بعد أن ارتفع سعر العقار أضعافا، وأثبتت المبلغ وأنه كان قرضا، لأنه ثابت بالتحويل، وهذه الأم لو التزمت بالأنظمة لسلمت لها العلاقة الأسرية الطيبة ولاستثمرت ما لديها من مال في مشروع يناسب أمكاناتها، ويلائم حالها.
والعبرة من هذا، أنه لا مناص من الالتزام بالأنظمة والعمل بمقتضاها، وكم هو جميل تضمين المناهج التعليمية والبرامج اللاصفية والأنشطة المدرسية، ثقافة الأنظمة، وأن الالتزام بها ثقافة المتقدمين والمتحضرين، وبها يكون العدل، وتتحقق مصلحة الشعب كله، وتتغير النظرة السلبية للأنظمة، ويصنع جيل مؤمن بها، مدرك لأهميتها، يحافظ عليها وينافح عنها، وبذلك نحد من التجاوزات والمخالفات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي