من الواضح أن كونك الرئيس التنفيذي لشركة سيارات عالمية عملاقة يتطلب مجموعة كبيرة من المواهب - مجموعة من المهارات لتغطية كل شيء بدءا من إعادة هندسة سلسلة توريد ضربتها الأزمة، إلى وضع رهانات تاريخية على التكنولوجيا الناشئة، إلى اتخاذ قرار بشأن اسم يحبس الأنفاس لسيارة متوسطة السعر بباب خلفي يفتح للأعلى.
لكن بالتأكيد، كشرط أساس، يجب أن تكون قادرا على بيع السيارة. المهارة المطروحة هنا ليست هي نفسها التي تطلق عدة ملايين من السيارات عبر الأسواق الدولية المقصورة على فئة محدودة، بل هي الحيل التي تبتسم وأسنانها كحد السيف التي تحرك المحرك من ساحة المرآب الأمامية. الاعتقاد الراسخ بالمنتج هو أمر حاسم لذلك. لكن يبدو أيضا، في هذه اللحظة بالذات، بعيد المنال على نحو غير عادي.
رسمت نيسان صورة المشكلة في الأسبوع الماضي بشكل واضح تماما. فمنذ أن أصبح الرئيس التنفيذي لثالث أكبر شركة لصناعة السيارات في اليابان في 2019، بدا ماكوتو أوشيدا وكأنه شخص يقوم برعاية طائر مكسور الجناح للعودة إلى الطيران. في الذكرى الثانية لتوليه المنصب، أعلن أن أزمة الشركة قد انتهت. لقد خصص أوشيدا بشكل حاسم 18 مليار دولار لتسريع الانتقال إلى الكهرباء. يتبين من نبرة صوته أثناء العرض، أن بناء هذه الرؤية ومسألة بيع السيارة أمران تحت السيطرة. ويكمن الخطر الآن في أن تعمل الأولى على إعاقة الأخيرة.
تواجه شركات صناعة السيارات الراسخة في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان تحديات مماثلة حيث يضطر مشترو السيارات للاختيار، ليس فقط من بين الطرازات والماركات المختلفة، ولكن من بين التكنولوجيات المتنافسة.
وفي حين من الواضح أن السيارات الكهربائية "أو على الأقل أي بديل لمحركات الاحتراق الداخلي" هي المستقبل، وأنه سيناسب الحكومات في كل مكان أن ينظر إليها على أنها داعمة لثورة السيارات الكهربائية، إلا أن هذه الحقائق المؤكدة لم تترجم بعد إلى استراتيجيات متماسكة بالنسبة إلى كثير من الشركات. كما لم تظهر مجموعة واسعة من الخيارات المغرية للعملاء.
فلا تزال هناك رهانات ضخمة معلقة على الاستثمارات التكنولوجية الصحيحة، وسرعة تحول العملاء وبناء البنية التحتية للشحن. كانت شركة تويوتا، أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم من حيث المبيعات، تحاول أخيرا إلقاء اللوم على الكربون باعتباره العدو عوضا عن محرك الاحتراق ذاته وإقناع نفسها والعالم الخارجي بأن رهانها في المدى الطويل على انتشار تكنولوجيا السيارات الهجينة والسيارات التي تعمل على الهيدروجين والبطارية هو النهج الصحيح.
حتى نيسان التي كانت رائدة في مجال السيارات الكهربائية في الأسواق الكبيرة عندما قدمت طراز ليف منذ أكثر من عقد من الزمان، لا تزال حريصة على عدم تحديد موعد لموت محركات الاحتراق الداخلي. لم تتظاهر بأنها تعمل بالكهرباء فقط حتى الآن. خلال 11 عاما قامت بتحديث ليف مرارا وتكرارا إلى سيارة صغيرة جيدة "وإن كانت باهظة الثمن"، لكن لديها مجموعة محدودة من الطرازات الأخرى. حتى إن هدفها المعلن بتقديم 23 طرازا من السيارات "المكهربة" بحلول العام المالي 2030 ثلثها سيعتمد جزئيا على الوقود الأحفوري.
تكمن الصعوبة التي تواجهها نيسان وغيرها في أنه بينما كانت لديها فسحة للتحرك مؤقتا في الماضي، فإنها الآن مجبرة على صياغة رؤاها في ظل شركة واحدة.
فمن ناحية الرؤية احتكر إيلون ماسك، من تسلا، السوق بشكل فاعل. وكان القادمون الصينيون الجدد قادرين على فعل شيء مشابه في أسواقهم المحلية. مع بيع 600 ألف سيارة كهربائية في الأشهر التسعة الأولى من 2021، تبلغ القيمة السوقية لشركة تسلا أكثر من تريليون دولار. هناك عديد من العوامل المؤثرة في هذه النسبة المذهلة، لكن أكثرها وضوحا هو أن ماسك يعبر عن اليقين، في حين أن شاغلي المناصب، مهما كانت كلماتهم جريئة، يتمكنون من التعبير بشكل غامض. الأسوأ من ذلك، يبدو أنهم يدعون عملائهم إلى المراوغة.
كانت إجابة أوشيدا محاولة استباقية. ففي وسط عرض الأسبوع الماضي كانت هناك خطط لبناء مصنع تجريبي لبطارياتها الصلبة بالكامل في غضون بضعة أعوام، وبنائها في سيارات السوق الشاملة قبل آذار (مارس) 2029. هذه التكنولوجيا التي تستثمر عديدا من الشركات بكثافة فيها، ستكون تحويلية للمركبات الكهربائية. البطاريات، وفقا لسلسلة من الاختبارات في نيسان، ستسمح للسيارات بأن تصنع من مواد أخف، في مجموعة واسعة من الأشكال، مع مسافات قيادة أكبر وأوقات شحن أقصر. قال أوشيدا حتى بطاريات الليثيوم أيون الحالية ستكون أرخص بكثير في الأعوام المقبلة.
وعد أوشيدا بإيجاد تكنولوجيا سحرية قد يدفع العميل إلى استنتاج أنه لا يوجد حاليا في صالات عرض نيسان سيارات متطورة حقا.
