Author

الإعلام الجديد وآفاق المستقبل

|
تطورت أدوات الإعلام في العقد الماضي بشكل سريع جدا، وأصبحت قنوات الإعلام التقليدية من الماضي إلا ما ندر. وظهرت وسائل التواصل الاجتماعي Social Media كإحدى أهم أدوات الإعلام الجديد، وارتبطت بالذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence وتدار من خلال خوارزميات لا يمكن التحكم فيها.
من المعروف أن الإعلام له دور كبير في التأثير في المجتمع وبناء شخصيته، وقيادة الرأي فيه. ومر الإعلام بمراحل عديدة لتطويره أولا، ولوضع أسس الرقابة عليه لضمان دوره البناء في حياة المجتمع. لكن مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تمثل جزءا من أدوات الإعلام الجديد، فقد أصبحت أدوات الرقابة لا فائدة منها، حيث إن المتحكم في هذه التطبيقات شركات عابرة للقارات، وتستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي، ووسائل الإغراق المرئي والمسموع، وهذا له تأثير كبير في بناء الأجيال المقبلة، وتأثير اجتماعي وفكري وأمني.
في المملكة، تقوم الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بأهداف لتنظيم نشاط البث الإعلامي المرئي والمسموع وتطويره، ومراقبة محتواه، وفقا للسياسة الإعلامية للمملكة، وبالتركيز على تعزيز القيم الدينية والاجتماعية والثقافية في المملكة. ضمان تزويد الجمهور بمجموعة ذات جودة عالية ومتنوعة من المواد المرئية والمسموعة الترفيهية والثقافية والتعليمية وغيرها. ووضع أطر مرنة وواضحة للترخيص للبث الإعلامي المرئي والمسموع، بما يستوعب الاتجاهات التجارية والتقنية المتطورة. وضمان تكافؤ الفرص في الأسواق وضمان المنافسة العادلة، وذلك في مجال نشاطها. ودعم تنمية وتطوير قطاع البث والمحتوى الإعلامي المرئي والمسموع في المملكة. ودعم وتنفيذ أهداف السياسة الإعلامية للمملكة والخطط الوطنية من خلال البث والمحتوى الإعلامي المرئي والمسموع.
لكن مع وجود أدوات وتطبيقات الإعلام الجديد التي لا يمكن التحكم في محتواها من الداخل أصبحت تملك تأثيرا لا يوصف، ومن الصعب التحكم في منتجاته وهذا يحتم دراسة الآثار الاجتماعية والفكرية والأمنية لهذه الأدوات وحوكمتها بما يحقق الأهداف الوطنية، والتأثير في الشركات المالكة للالتزام بالأطر والتشريعات المحلية.
الأرقام تقول إن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم يتجاوز 4.4 مليار مستخدم. أكبر فئة عمرية تستخدمها بين 18 و29 عاما، مع العلم أن المستخدمين من الأطفال أعدادهم تتزايد في ظل غياب الرقابة الأسرية والتأثير المجتمعي. تأثير هذه الوسائل سيكون كبيرا في المستويين الاجتماعي والأخلاقي.
هذا لا يعني أن نغفل الأثر الإيجابي لبعض تلك الوسائل، وإمكانية استخدامها تجاريا وثقافيا واجتماعيا للاستفادة من هذه التقنيات. ويمكن تبني عديد من المبادرات في سبيل تطوير محتوى وسائل التواصل الإعلام الاجتماعي، وتعزيز دور القدوة في المجتمع.
العالم يعيش فترة غزو ثقافي سيكون له تأثيراته الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ويجب التنبه لهذا والاستعداد لاحتوائه وتوجيهه بما يخدم الأهداف الوطنية. من خلال جهاز أعلى لتوجيه هذه الأدوات، وبناء ميثاق أخلاقي يجب أن يلتزم به الجميع، والتأكد من عدم توجيه هذه التقنيات لأهداف أخرى، ودعم إظهار النماذج المشرفة لقيادة التأثير والتغيير، والرقابة على المحتوى بكل أشكاله، وضمان الخصوصية واحترامها.
إنشرها