FINANCIAL TIMES

لماذا يجب دمج الأخلاقيات في تطوير التكنولوجيا؟

لماذا يجب دمج الأخلاقيات في تطوير التكنولوجيا؟

شعار فيسبوك الداخلي سابقا، "تحرك بسرعة وحطم الأشياء"، كان لأعوام موضوع استهزاء وسخرية. شركة التواصل الاجتماعي - التي تمر الآن بأحد أصعب الفترات في تاريخها، والتي تواجه انتقادات وتعاني تسريبات المبلغين عن المخالفات - رسم لها بعضهم صورة بأنها مثال على إعطاء الأولوية للنمو على ما هو جيد لعملائها والمجتمع الأوسع.
لكن في حين أن الشركة - التي تم تغيير اسمها الشهر الماضي إلى "ميتا" - قد تتعرض للرقابة، فإن قصتها تتحدث عن مشكلة أوسع انتشرت في عالم التكنولوجيا منذ فترة طويلة، الاعتقاد بأن التنظيم، سواء في شكل تشريعات من قبل صانعي السياسات أو الممارسات الأخلاقية الداخلية، هو تهديد للابتكار.
يعتقد كثيرون أن كليات إدارة الأعمال يجب أن تتحدى هذا الاعتقاد، من خلال تعليم الدارسين أن الابتكار ليس عكس التنظيم، بل مرتبط به ارتباطا وثيقا. يجادل بعضهم من أجل اتباع نهج شامل لجعل الشركات تتماشى مع المصلحة العامة وأيضا لإنشاء مسار أفضل لمستقبل الاقتصاد الرقمي.
تقول أليس ثويت، عالمة أخلاقيات التكنولوجيا ومؤسسة "هاتوسيا" Hattusia للاستشارات المتعلقة بأخلاقيات التكنولوجيا، "هناك طرق مختلفة لفهم الابتكار. يجب أن تكون الأخلاقيات بالتأكيد في مساحة الابتكار والتحول."
تجادل ثويت بأن الابتكار، كما تتخيله الكلمات الطنانة مثل "ميتافيرس"، لا يعد "مخيفا" بالطريقة التي ينبغي أن يكون عليها. "لقد أصبح مريحا بعض الشيء أخيرا. عندما تختبئ الشركات وراء الابتكار، فإنها في الأغلب ما تحمي الوضع الراهن".
يمكن القول إن عديدا من شركات التكنولوجيا الكبرى تقع ضمن هذه الفئة. في قلبهم فكرة الابتكار كوسيلة لزيادة مشاركة المستخدم، وإزاحة المنافسة وإبقاء المساهمين سعداء.
على النقيض من ذلك، في الأغلب ما ينظر إلى التنظيم والأخلاقيات على أنها عوائق. عندما كانت الشركات أكثر نشاطا - مثل عندما دعت فيسبوك إلى مزيد من التنظيم من الحكومات - كان ذلك دائما أثناء فضيحة ويبدو أنه يخدم مصالحها الذاتية.
تشكيل فرق الأخلاقيات له أيضا تاريخ متقلب. أصبحت مجموعة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في جوجل مصدر إحراج متزايد للشركة بعد رحيل الرؤساء المشاركين في ظل ظروف مثيرة للجدل.
تقول ثويت، "هناك اتجاه عام للحديث عن الأخلاقيات لكن مع عدم القيام بأي شيء حيال ذلك". بينما تنتشر شركات الاستشارات الأخلاقية مثل هاتوسيا، لا يزال هناك قلق في قطاع التكنولوجيا بشأن التحول إلى قطاع جديد نسبيا. تقول ثويت، "قلة قليلة منهم على استعداد لانتهاز الفرصة".
يحتاج طلاب كلية إدارة الأعمال إلى فهم الإخفاقات التاريخية، مع التركيز على تطبيق هذه المعرفة لتشكيل أفكار الابتكار. وهذا يعني النظر إلى الأخلاقيات على أنها جزء لا يتجزأ من تطوير الأعمال، وهذا من شأنه أن يشجع قادة الأعمال في المستقبل على التعامل مع علماء أخلاقيات التكنولوجيا، حتى لو ظلت المساحة تجريبية.
إن تدريب الطلاب على التعامل مع اللوائح كجزء لا يتجزأ من الأعمال، وليس كعائق يجب التعامل معه عند ظهورها، ليس مفيدا للمستخدمين النهائيين. على المدى الطويل، يمكن أن يحد من خطر حدوث مشكلات مثل تلك التي تواجهها فيسبوك، والعواقب المؤلمة للمثول أمام المحاكم أو المشرعين.
يمكن أن يشجع أيضا نوع النهج القابل للتكيف اللازم لعصر التنظيم المتغير، حيث يظهر السياسيون رغبة أكبر في التعامل مع شركات التكنولوجيا الكبرى "والصغيرة". من خلال إدخال التنظيم في المناقشات حول الابتكار، هناك فرصة لتجاوز النماذج الحالية وتخيل أنظمة أفضل.
كتب جان بنفرات، كبير مستشاري السياسة في مؤسسة الحقوق الرقمية الأوروبية غير الربحية EDRi، "يجب ألا تنخدع أوروبا ببساطة بتخفيف الضرر الناجم عن نماذج الأعمال المعطلة. بدلا من ذلك، تحتاج أوروبا إلى قوانين تحد بشكل فاعل من القوة التي تمارسها شركات التكنولوجيا الكبرى على حياتنا".
يعد الانفتاح على الابتكار والاستعداد للتكيف أمرا حيويا لتطوير تكنولوجيات جديدة. تعكس مراجعة كاليفا Kalifa Review للتكنولوجيا المالية في شباط (فبراير) ومراجعة اللورد هيل لإجراءات الإدراج في نيسان (أبريل) الرغبة في الحفاظ على بريق التكنولوجيا في المملكة المتحدة.
يمكن أن يمثل سوء التنفيذ أو تجاوز اللوائح التنظيمية مشكلة، لكن يمكن تهدئة ذلك الوضع، على الأقل جزئيا، من خلال تشجيع قادة الأعمال في المستقبل على تجاوز أخطاء الماضي وحدوده. يمكن أن يساعد تضمين مفاهيم مثل الحد من الضرر والمصلحة العامة على الحد من هذه التجاوزات.
قد تتعامل عقلية وادي السيليكون مع التنظيم باعتباره لعنة، وحاجزا أمام العبقرية والإبداع والمؤسسين الذين يتبعون نظرية المؤلف. لكن الكارثة التي تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى، وأبرزها فيسبوك، هي تذكير بأن التركيز الوحشي على النمو والسيطرة على السوق يهدد بإلحاق الضرر بنا جميعا. يوفر التعامل مع الأخلاق والتنظيم كجزء من الابتكار فرصة لتجاوز تحديد كيفية استخدام التكنولوجيا الحالية ويمكن أن يوجهنا إلى أي التكنولوجيا يجب أن يتم إنشاؤها.
تقول ثويت، "يتعلق الابتكار بإنشاء عمليات ومنتجات جديدة تجعل العالم مكانا أفضل". تضيف، "إذا لم يكن هذا هو الهدف من العمل بشكل عام (...) فأنا لا أدرى ما هو الهدف."

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES