FINANCIAL TIMES

التحصيل العلمي يتراجع .. الكم حل محل الجودة

التحصيل العلمي يتراجع .. الكم حل محل الجودة

ابحث في شبكة الإنترنت عن علامات التقدم نحو تحقيق هدف الأمم المتحدة العالمي المتمثل في توفير التعليم الجيد للجميع بحلول 2030 وستتوصل سريعا لاكتشافين قاتمين، الاتجاهات البطيئة نفسها ومحدودية الأدوات اللازمة لتتبعها.
الإحصاءات صارخة، لا يزال هناك مئات الملايين من الأطفال حول العالم الذين لا يذهبون للمدرسة أو يتركون الدراسة مبكرا إذا ذهبوا، وكثيرون يفشلون في اكتساب مهارات القراءة والحساب الأساسية، حتى إذا كانوا يحضرون الفصول الدراسية. وهذا يترك الأجيال المقبلة - ومجتمعاتها وبلدانها - غير قادرة على تحقيق إمكاناتها، ما يعيق التنمية البشرية والاقتصادية.
الأمر المقلق بقدر الأرقام الصادمة هو حقيقة أن خلف واجهة لوحات المعلومات المصقولة والصور المرئية على الإنترنت، في الأغلب ما تكون الارتباطات التشعبية معطلة والمعلومات المقدمة غير متسقة وعفا عليها الزمن. تقدم الدول تقاريرها بطرق متعددة، لم ينتج كثير منها لمحات محلية مفيدة، فضلا عن قابليتها للمقارنة على المستوى الدولي.
يعكس ذلك مجموعة من المشاريع اللامبالية لتتبع التحصيل التعليمي وتحسينه. ويفتقر كثير منها إلى التركيز والزخم. وحسبما يجادل كيفن واتكينز، الرئيس السابق لمنظمة أنقذوا الأطفال Save the Children، في تقرير، لا وجود لتدابير ذات مغزى أو مساءلة أو طموح في أوساط صانعي السياسات والممولين لضمان حدوث تحسين أكبر ـ مطلوب بشكل عاجل.
حتى إن بعض الأبحاث تشير إلى أن التحصيل العلمي تراجع في الدول منخفضة الدخل في الأعوام الأخيرة. وذلك على الرغم من المبالغ الكبيرة التي يتم إنفاقها والنمو المطرد في عدد المعلمين والمدارس التي تهدف إلى زيادة فرص الأطفال. لقد حل الكم محل الجودة.
قد تكون المقاييس خطرة، التركيز الضيق للغاية ينطوي على خطر أن يكون اختزاليا ويؤدي إلى التلاعب في الأنظمة، والإلهاء عن الأولويات الأكثر أهمية التي يصعب قياسها، وتحويل الموارد بعيدا عن حيث تشتد الحاجة إليها. لكن حسبما يشير لانت بريتشيت، وهو خبير اقتصادي في التنمية، فإن ما لا يتم قياسه لا ينجز بالتأكيد.
في السنغال وجنوب إفريقيا والهند "التعلم الأساس" المصمم خصيصا لتعزيز المعرفة والرياضيات الأساسية هو لبنة أساسية لم تحظ باهتمام كاف. توضح دراسات حالة أجريت في لبنان والمكسيك كيف أدى فيروس كورونا إلى تفاقم المشكلات القائمة أصلا، مثل الهجرة والفقر والازدحام، ما تسبب في انتكاسات جديدة ومخاوف بشأن تزايد فقدان التعلم في جميع أنحاء العالم.
الفصول الدراسية في كثير من الدول أغلقت لأشهر وكان الوصول للدراسة عبر الإنترنت غير متكافئ. وكثير من الحكومات - التي تكافح من أجل إعطاء الأولوية للمطالب الجديدة وعلى رأسها خدمة الديون - لم تحقق أهداف "إعلان إنتشون" في 2015 الذي دعا إلى توجيه 15 ـ 20 في المائة من الإنفاق العام إلى التعليم ـ انخفضت مساهمات المانحين مع تباطؤ الاقتصادات وتركيز السياسيين على الاحتياجات المحلية.
غالبا ما يشير التربويون بعين الحسد إلى قطاع الصحة الذي تمكن بشكل أكثر فاعلية في الأعوام الأخيرة من تحصيل كميات كبيرة من التمويل وإحداث تحسينات كبيرة في متوسط العمر المتوقع وتقليل الوفيات والحالات المرضية. لكن هناك اختلافين أساسيين على الأقل.
أولا، من السهل تشخيص اعتلال الصحة وهو أكثر وضوحا، وفي الأغلب ما تكون العلاجات المقدمة فاعلة وسريعة للغاية، وتوفر أدلة ملموسة على الفائدة، بما في ذلك للعاملين والناخبين. هذا يجعل الاستثمارات أكثر إقناعا بحيث تحصل على دعم السياسيين. على النقيض من ذلك التعليم أكثر غموضا: أسباب ضعف التحصيل لدى الأطفال أقل وضوحا، والحلول أكثر تعقيدا وطويلة الأمد، والعواقب بطيئة في الظهور.
ثانيا، الصحة هي اقتصاد مختلط يجمع بين التمويل العام والخاص وغير الهادف للربح، والإمداد والأدوات مثل الأدوية واللقاحات والتشخيصات المبتكرة. في المقابل، دور القطاع الخاص في التعليم أكثر تناقضا، في الأغلب ما تكون "تكنولوجيا التعليم" مبالغا فيها وغير مناسبة، خاصة في الأماكن منخفضة الدخل. ومقدمو الخدمات التعليمية الذين يعملون خارج نظام الدولة في كثير من الأحيان يزيدون عدم المساواة ويكون أداؤهم مختلطا في أحسن الأحوال، حسبما يوضح تقرير وارد من ليبيريا.
وحسبما تقول الزعيمة النقابية الأوغندية السابقة، جولييت واجيجا، هناك حاجة لتوظيف وتدريب تعليمي أفضل. فرض مطالب غير واقعية أو تحويل المسؤولية بشكل غير عادل يمكن أن يؤدي بسهولة إلى نتائج عكسية.
مع ذلك، يجادل رجل الأعمال النيجيري، أليكو دانغوتي، بأن الشركات يمكن أن تلعب دورا، على الأقل في العمل مع صانعي السياسات لتشجيع مزيد من الاستثمار وتحديد الأماكن التي يجب الإنفاق فيها بشكل أفضل لتنمية المهارات والخصائص اللازمة للأجيال المقبلة.
عندما يلتئم شمل وزراء المال في مناسبات مثل الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، يحتاج وزراء التعليم إلى إيجاد اللغة المناسبة لإقناع نظرائهم الماليين بتقديم الالتزامات - والمتابعة. وحسبما يجادل الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، التحسينات تحتاج إلى قيادة من أعلى المسؤولين في الحكومات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES