Author

الكهرباء .. بين الحقوق والمصالح

|
مختص في شؤون الطاقة
العلاقة بين مقدمي الخدمات والمستهلكين ليست علاقة مستقرة ولن تكون كذلك في اعتقادي، فهي علاقة متقلبة ومتذبذبة بين الرضا والسخط، وبين الثقة وعدمها. هذا التذبذب في العلاقة ومستوى الرضا والانسجام مرتبط بعوامل كثيرة، بعضها متعلق بالمستهلك، وأخرى متعلقة بمقدمي الخدمات، مع الأخذ في الحسبان بعض العوامل الخارجة عن سيطرة كليهما.
الكهرباء أحد أهم منتجات الطاقة، ما يعني أن هناك علاقة بين مقدمي خدمات الكهرباء وبين المستهلك يجب تنظيمها بلا تحيز لمقدم الخدمة أو المستهلك، وبشفافية تخدم جميع الأطراف، حيث إن مراعاة حقوق المستهلكين، وكذلك مراعاة مصالح مقدمي الخدمات سيدعم بلا شك تطوير صناعة الكهرباء.
القاعدة الأصولية تقول "الحكم على الشيء فرع عن تصوره" وهذا يعني أنه لكي يتم إصدار الأحكام على شيء معين، لا بد من تصور ذلك الشيء وسبر أغواره لاستيعابه ومعرفته معرفة يقينية. في رأيي أن المستهلك ليس مطلعا على آلية عمل مقدم الخدمة، ولا على العوامل التي تؤثر في جودة الخدمة التي يقدمها وأسعارها، ولا الظروف الداخلية أو الخارجية التي يمر بها، فالمستهلك لا يكترث غالبا بكل ما سبق، فهو يريد في نهاية المطاف خدمة جيدة، وموثوقية في الإمدادات بسعر معقول.
في المقابل، مقدم الخدمة هو في الواقع جهة ربحية تخضع لمعادلة الربح والخسارة، فاستمرار الربحية يعني استمرار النشاط وتقديم الخدمات وتطويرها، وليس لديه الاطلاع التام على العوامل الداخلية والخارجية المباشرة وغير المباشرة التي تؤثر في المستهلك وسلوكه. بناء على ما سبق ولسد الفجوة، ولإيجاد توازن بين حقوق المستهلكين ومصالح مقدمي الخدمات، ولضمان إمدادات كهرباء آمنة ذات جودة واعتمادية عاليتين، وبأسعار اقتصادية معقولة جاء دور هيئة تنظيم المياه والكهرباء. وفي هذا الصدد تتولى الهيئة مسؤولية تكوين إطار تنظيمي لصناعة الكهرباء يراعي حقوق ومصالح الطرفين، وينظم العلاقة بينهما. أعترف كمستهلك أنني لم أكن مطلعا على حقوقي التي يكفلها لي النظام، رغم أن الوصول إلى المعلومة من مصادرها الموثوقة أسهل من أي وقت مضى، ولعلي هنا أسلط الضوء على أبرز بنود "دليل تقديم الخدمة الكهربائية". يهدف الدليل إلى ضبط الإجراءات المتعلقة بتقديم الخدمة للمستفيدين بشرائحهم كافة ويعد إحدى أهم ركائز الإطار التنظيمي لهيئة تنظيم المياه والكهرباء، والجدير بالتنويه والإشادة أن هذا الدليل لم يغفل الدروس المستفادة من تطبيق الدليل في الإصدارات السابقة، ولم يتجاوز نتائج الدراسات الإحصائية والميدانية لشكاوى واقتراحات المستهلكين ومقدمي الخدمة على حد سواء، وحاكى أفضل الممارسات العالمية لخدمة المصلحة العامة التي تصب في تطوير صناعة الكهرباء التي تلامس وتهم الجميع دون استثناء.
يحتوي الدليل على تسعة فصول وعدد من الملاحق أنصح بالاطلاع عليها، تشرح بالتفصيل جوانب تقديم الخدمة الكهربائية لجميع شرائح المستهلكين، وتغطي كامل مراحلها من بداية طلب الخدمة حتى إنهائها مرورا بفترة تقديم الخدمة من حيث التعرفة وحساب الاستهلاك.
من أبرز فصول الدليل، ضوابط إيصال الخدمات الكهربائية الجديدة وإجراءاتها والخدمة الكهربائية المؤقتة، وضوابط تعديل الخدمة وإجراءاتها. نجد في الدليل أيضا ضوابط فصل الخدمة وإعادتها وإلغائها، وضوابط حساب الاستهلاك وتطبيق فئته وإزاحة الشبكات الكهربائية. يحوي الدليل كذلك فصلا مهما عن ذوي الاحتياجات الماسة للكهرباء يوضح الإجراءات والخدمات الخاصة بهم.
إنشرها