FINANCIAL TIMES

عمران خان محاصر في مأزق باكستان الاقتصادي

عمران خان محاصر في مأزق باكستان الاقتصادي

عامل ينقل كمية من الأقمشة في سوق كراتشي.

مضى وقت طويل منذ أن تمكن أكرم خان، وهو أب لسبعة أطفال في منتصف الأربعينيات من عمره، من توفير اللحم لأسرته.
قال بائع الفاكهة، مشيرا إلى عربته نصف الفارغة من الجوافة والموز وبعض التفاح في أحد أسواق إسلام أباد المزدحمة، "منذ عام مضى، كنت أحضر سلة ممتلئة كل صباح. ارتفاع أسعار الغذاء كله جعل الأمر صعبا (...) الآن، لا يستطيع الناس الشراء بالقدر نفسه مثل قبل".
نجا أكثر من 220 مليون شخص في باكستان من أسوأ الصدمات الاقتصادية الأولية لجائحة فيروس كورونا، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى سياسة الحكومة المتمثلة في إغلاق أقصر وأكثر مرونة.
لكنهم يواجهون الآن أزمة جديدة، ارتفع التضخم إلى أسوأ مستوى منذ أعوام، مع ارتفاع مؤشر يتتبع الضروريات اليومية مثل الوقود والغذاء والصابون الأسبوع الماضي فوق 18 في المائة على أساس سنوي.
أيضا تراجعت الروبية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث خسرت 15 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في ستة أشهر. يخشى مسؤولون أن يؤدي ارتفاع فاتورة الاستيراد إلى استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية وزيادة زعزعة استقرار الاقتصاد.
هذا يشكل تحديا متزايدا أمام رئيس الوزراء عمران خان. فاز حزبه "تحريك إنصاف باكستان" بالسلطة في 2018 على تعهد بإنهاء دورات عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد، حيث أدى ارتفاع الديون وانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية إلى عمليات إنقاذ متكررة من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي.
لكن خان وجد نفسه محاصرا في الوتيرة القاسية نفسها، وسعت الأحزاب المتنافسة إلى الاستفادة من ارتفاع الأسعار الأخير لإضعافه أو الإطاحة به قبل أن يقضي العامين المتبقيين من ولايته.
قال بلال جيلاني، المدير التنفيذي لمؤسسة جالوب باكستان، "الآثار السياسية المترتبة على (التضخم) هائلة. بالنسبة لحكومة تحريك إنصاف باكستان منذ البداية، الاقتصاد هو الحلقة الأضعف. كان هناك عدم استقرار في الأعوام الثلاثة الماضية، لكن الأشهر الثلاثة الماضية كانت صعبة حقا".
قالت السلطات إنها تتخذ خطوات لإدارة الوضع. صندوق النقد الدولي وباكستان اتفقا الأسبوع الماضي على استئناف الدفعة التالية البالغة مليار دولار من الحزمة المالية المعلقة البالغة قيمتها ستة مليارات دولار والموقعة في 2019، بانتظار الموافقة النهائية من المجلس التنفيذي للصندوق.
رفع أيضا بنك الدولة الباكستاني الشهر الماضي سعر الفائدة القياسي 150 نقطة أساس إلى 8.75 في المائة في محاولة لقمع التضخم. قال البنك المركزي إنه اتخذ خطوات أخرى مثل تحرير سعر الصرف، وهو ما يعتقد أنه سيساعد على المدى الطويل.
مع ذلك، يعتقد بعض المحللين، مثل جيلاني، أن البنك المركزي واصل التدخل في سوق العملات.
قال رضا باقر، محافظ البنك المركزي ومسؤول سابق في صندوق النقد الدولي، لـ"فاينانشيال تايمز" إن باكستان تعمل على إنهاء "دورات الازدهار والركود" التي عصفت باقتصادها. قال في مقابلة الشهر الماضي، "لا يمكننا أن ندع تاريخنا يسلبنا مستقبلنا. ما نحاول فعله الآن هو إظهار الانفصال عن الماضي".
ألقت السلطات اللوم على الارتفاع العالمي في التضخم في ارتفاع الأسعار. لكن منتقدين قالوا إن مأزق باكستان هو نتاج لسوء الإدارة المحلية نفسه الذي أجبر خان - الذي قال ذات مرة إنه يفضل الموت على أن يأخذ "وعاء التسول" للقوى الأجنبية - للموافقة على خطة الإنقاذ الـ12 من صندوق النقد الدولي لباكستان منذ الثمانينيات.
"لم تتم معالجة القضايا الهيكلية"، حسبما قال أسد سعيد من منظمة أبحاث العلوم الاجتماعية، وهي مؤسسة فكرية مقرها كراتشي.
أضاف سعيد أن حزب تحريك إنصاف باكستان "صعد على ظهر كل المشكلات الاقتصادية المرتبطة بالفساد"، مضيفا أن الحزب جادل بأنه "'بمجرد وصولنا إلى السلطة واحتواء الفساد، ستتدفق الأنهار التي يضرب بها المثل "من الحليب والعسل". لم يحدث شيء من ذلك".
تتوقع باكستان نموا أكثر من 4 في المائة هذا العام، وفقا لوكالة التصنيف فيتش، لكن الاقتصاد الأكثر سخونة يغذي أيضا الواردات المتزايدة للسلع مثل الوقود والسيارات الجديدة.
مع عدم قدرة قطاع التصدير الباكستاني الضعيف بشكل مزمن على مواجهة الارتفاع، اتسع عجز الحساب الجاري في الربع المنتهي في أيلول (سبتمبر) إلى 3.4 مليار دولار، مقارنة بـ1.9 مليار دولار في السنة المالية السابقة المنتهية في تموز (يوليو).
انخفضت الروبية إلى أدنى مستوياتها القياسية أكثر من 170 روبية للدولار بينما أثار برنامج صندوق النقد الدولي المتعثر قلق المستثمرين. ولكن ليستأنف الصندوق المساعدة المالية، كان على خان أن يوافق على إجراءات مؤلمة مثل زيادة أسعار البنزين والكهرباء.
حذر المحللون من أن مثل هذه الخطوات المكروهة تخاطر بتعميق رد الفعل السياسي من خلال زيادة الضغط على الباكستانيين ذوي الدخل المنخفض والشركات الصغيرة. قال أياز أمير، النائب السابق في البرلمان عن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية المعارض، "حتى سائقي الدراجات النارية يشكون من ارتفاع أسعار الوقود. الحكومة تبدو ضعيفة".
للتخفيف من وطأة الأزمة، أطلق خان مخططا بقيمة 700 مليون دولار الشهر الماضي لتوفير مواد أساسية مدعومة مثل الدقيق والبقول لملايين الأسر المؤهلة. أشاد رئيس الوزراء بالجهود التي قال إنها الأكبر على الإطلاق في البلاد وستوفر الإعانة التي تشتد الحاجة إليها، بينما يجسد هدف حكومته في إقامة دولة رفاهية إسلامية.
قال خان في خطاب ألقاه الشهر الماضي، "كل هذا حتى يمكن تحويل باكستان إلى الدولة التي كان من المفترض أن تكون (...) دولة تتحمل مسؤولية من تم التخلي عنهم".
لكن النقاد تساءلوا عما إذا كانت خطوات الحكومة يمكن أن تكون فعالة في التخفيف من حدة الصراعات الاقتصادية قصيرة المدى وكذلك معالجة التحديات الأعمق.
جادلت أزيما شيما، مديرة شركة فيرسو كونسلتينج في إسلام أباد، بأن حكومة خان كانت تبذل مزيدا "للسيطرة على التصور العام حول التضخم، لكن ليس في الواقع لمعالجة التضخم. سيكون هذا شتاء صعبا جدا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES