FINANCIAL TIMES

«جون لويس» تتحسس طريقها في عصر «أمازون» والإنترنت

«جون لويس» تتحسس طريقها في عصر «أمازون» والإنترنت

عملاء جون لويس المنتمون في معظمهم إلى الطبقة الوسطي الآن ينفقون أكثر في أمازون ومحلات التخفيضات.

كان بإمكان شركة جون لويس ذات مرة أن تعد ولاء الطبقة الوسطى في بريطانيا أمرا مفروغا منه. لكن كثيرا من العملاء الذين يظنون أنهم موالون لـ"جون لويس" بطبيعتهم إنما ينفقون الآن أكثر في "أمازون" وحتى في محال ليدل. ولا يعتقد كثير من الزبائن اليافعين أنهم موالون لـ"جون لويس" بطبيعتهم. تقول سوزان جيفن، التي كانت مديرة تنفيذية في الشركة وهي الآن تترأس متجر الأثاث، ميد دوت كوم، "جيل الألفية والأصغر منهم سنا هم جزء صغير من تركيبة الحمض النووي لجون لويس".
لذلك يجب على الشركة أن تعمل بجدية أكبر. عندما ذكرت وسائل الإعلام أن كاري جونسون، زوجة رئيس الوزراء البريطاني، انتقدت "كابوس أثاث جون لويس" في شقتها في "داونينج ستريت"، أرسلت الشركة شاحنة لنقل الأثاث ونشرت تغريدة تقول فيها، "من الجيد أن لدينا خدمة إعادة تدوير للأثاث القديم المحبوب". "تشدد عائلة جونسون على أنها تحب محال جون لويس، وكذلك المصممة لولو ليتل التي اختيرت لتنفيذ التجديدات".
حاليا تبحث الشراكة في استخدام برنامج ولاء عبر محال جون لويس وويتروز، وذلك استجابة لخدمة أمازون برايم التي تغطي الآن ما يزيد قليلا عن نصف الأسر في المملكة المتحدة، أي أربعة أضعاف ما تقدمه "جون لويس" من خدمات كل أسبوع. وبحسب جيمس بايلي، رئيس محال ويتروز، تشمل المزايا التوصيل المجاني و"التسوق قبل يوم من الجمعة السوداء في جون لويس. وكذلك الإطلاقات المبكرة للمنتجات التكنولوجية، والمناسبات التي تقيمها ويتروز، وإمكانية التنزه في مزرعة ليكفورد – وما إلى ذلك من النشاطات التي تشبه الخيال".
هناك أيضا مبادرات أخرى مثل المعروضات الجديدة تحت عنوان "أي يوم" وبأسعار مخفضة، من بينها كؤوس تباع بجنيه استرليني واحد وأسرة حديثي الولادة بـ70 جنيها. وباتت متاجر جون لويس الكبيرة تقدم مواعيد شخصية ومجانية لتجربة الملابس تمتد بين ساعة وساعتين. تقول بيبا ويكس، رئيسة شركة جون لويس، إن هناك خططا لاستخدام 15 - 20 من متاجر الشركة الأصغر حجما كي تقدم خدمة تحصيل المشتريات بعد الشراء من الإنترنت.
يعتمد كثير من هذه الأمور على قابلية أي شركة بطيئة في بعض الأحيان على العمل بسرعة. تقول شركة التجزئة المنافسة، نكست، إن "التنفيذ يشكل 90 في المائة من المعركة". حتى تجار التجزئة الذين بدا أنهم عاطلون عن العمل عبر الإنترنت، مثل محال أزوس، عانوا كثيرا في الآونة الأخيرة. يرغب الزبائن في التسوق عبر الإنترنت وفي المتاجر، وعلى الشركة أن تستثمر فيهما معا دون أن تكون ملزمة بالكامل تجاه أي منهما.
قد يبدو الأمر كما لو أنه عوض عن أن يصبح الاقتصاد البريطاني شبيها باقتصاد شركة جون لويس، أصبحت شركة جون لويس أكثر شبها بالاقتصاد البريطاني. ويشكل العمال المتعاقدون الذين ليسوا شركاء، 30 - 50 في المائة من عمليات التوزيع في "ماجنا بارك". فيما استمر إغلاق المتاجر وتسريح الموظفين الزائدين عن الحاجة. يقع مركز كوينزجيت للتسوق في بيتربوروه في أعلى مبنى يضم أعدادا وفيرة من مواقف السيارات، وبجواره محطة للحافلات وعلى بعد خمس دقائق سيرا على الأقدام محطة للقطارات. مع ذلك توقف الناس عن المجيء إلى هناك، وأغلقت "جون لويس" متجرها الأساسي المكون من أربعة طوابق هذا العام، بعدما تم تجديده أخيرا. تقول باتريشيا بين، وهي متقاعدة تقطن في بلدة بورن المجاورة، كانت تستمتع بالتجول في ركن التجميل، "سأضطر إلى الذهاب إلى نوتنغهام أو كامبريدج. لقد كان المساعدون أذكياء وعلى مستوى عال من التدريب. كان عليك أن تقابلهم".
تقول شاز نواز، مستشارة العمل المحلي، "إنه أمر مؤسف جدا. ستلاحظ انخفاضا في عدد الزوار إلى وسط مدينة بيتربوروه". وتخمن نواز أنه سيتم تحويل متجر جون لويس إلى ثلاثة أو أربعة متاجر مختلفة. مستقبل شارع التسوق الرئيس سيصبح "المتاجر الصغيرة"، وليس المتاجر متعددة الأقسام.
إغلاق المتجر يفسر لماذا لم تعد شركة جون لويس قدوة سياسية. من المرجح أن يكون أحد مؤشرات سياسة بوريس جونسون الرئيسة المتمثلة في "التسوية" هي الحالة التي ستصبح عليها شوارع التسوق الرئيسة، خاصة في وسط إنجلترا وشماليها، حيث تغيب متاجر جون لويس الآن إلى حد كبير.
ستبقى الشركة نموذجا لكن بطريقة أخرى. تمثل "جون لويس" ما يريده جونسون من العمل بالضبط، أن يوفر صاحب العمل أجورا عالية وإنتاجية عالية معا، وأن يتعامل مع المسؤولية الاجتماعية بكل جدية.
تعمل مزرعة ليكفورد التي اشتراها جو سبيدان لويس، ابن مؤسس الشركة، وهو شخص متحمس للطبيعة، على تجربة طرق مستدامة تأمل في أن يتبناها الموردون الآخرون، تتمثل في الحراثة بالحد الأدنى وتربية الأبقار على عناصر عضوية متجددة. وتلتزم شركة جون لويس برمتها باستخدام المواد المستدامة في جميع المنتجات التي تحمل اسمها بحلول عام 2025 والوصول بصافي الانبعاثات إلى صفر بحلول عام 2035. "لكن هذا لا يشمل الانبعاثات الناجمة عن العلامات التجارية الأخرى التي تبيعها أيضا في متاجرها. حجم شركة جون لويس للتجزئة متوسط حاليا، فهل يمكنها حث أصحاب تلك العلامات التجارية على التغيير، حتى لو رغبت الشركة في ذلك؟".
لقد أصيبت حكومة المملكة المتحدة بالحرج بسبب حماسها السابق لنموذج "جون لويس". فقد أصبحت شركة سيركيل، وهي مجموعة رعاية صحية مملوكة جزئيا من قبل الأطباء، أول شركة خاصة تتولى إدارة مستشفى تابع لخدمة الصحة الوطنية، ثم تخلت عن العقد بعد أربعة أعوام، وبعد فترة وجيزة تخلت عن ملكية الموظفين أيضا. لكن يوجد الآن 115 مؤسسة تشاركية في القطاع العام في إنجلترا، بما في ذلك فريق بيهايفيورال إنسايتس تيم، التي تهدف إلى تعديل السياسات الحكومية في جميع أنحاء العالم. يقول ستيفن كيلي الذي ساعد في قيادة دفع القطاع العام نحو ملكية الموظفين، "إن البيانات تميل لمصلحة النموذج التشاركي بشكل كبير".
لم تتطلع شركة جون لويس إلى تغيير العالم بتاتا. وهي الآن لديها مخاوف أكثر إلحاحا من ذلك. فمن بين المبادرات التي اقترحها شارون وايت، رئيسة الشراكة في "جون لويس"، دمج "جون لويس" و"ويتروز" معا. في استطلاع أجرته محال ويتروز، قال واحد من بين كل خمسة عملاء إن مجرد رؤية بضائع "جون لويس" تجعل رحلة تسوقه أكثر إمتاعا وقد تجعله يعاود الرجوع أكثر. لكن في متجر ويتروز الواقع في بيتربوروه، ومع بدء أزمة سلسلة التوريد، تكدست ثلاثة أرفف تعرض منتجات متجر جون لويس طقم العشاء نفسه المكون من 12 قطعة. وعلى الرغم مما يدور في مخيلة أفراد الطبقة الوسطى، "جون لويس" ليس لديها شبكة للتوزيع تضاهي عمليات التسليم في اليوم نفسه، مثلما تفعل "أمازون" أو مثل بعض منافسيها، فهي لا تملك الأموال للاستثمار من أجل "تنفيذ عمليات الشراء الصغيرة"، ما جعل مجموعة مختارة من المنتجات متاحة للتسليم بسرعة أكبر أمرا ممكنا باستخدام المستودعات في المناطق الحضرية.
في نهاية الأمر، تعتمد تجربة التسوق في محال جون لويس على الاعتقاد بأن ما يهم ليس بالضرورة هو توفير الراحة أو التسوق بأرخص الأسعار، بل الشعور بالاهتمام بما يرغب فيه الزبون. كانت إدارة "ويتروز" صريحة في معارضتها للاتفاق التجاري البريطاني مع أستراليا، وفي دعمها "لمعايير رفاهية الحيوانات والمعايير البيئية الصارمة"، لأنها تعلم أن هذا ما يريد المستهلكون الأثرياء سماعه.
بعد مرور عام على إعلان خطة وايت الأولية، ربما تكون قد ربحت الرهان من هذه المغامرة. فقد عاودت شركة جون لويس الربح في الأشهر الستة الأولى وصولا إلى تموز (يوليو)، في حال تم اقتطاع تكاليف إعادة الهيكلة. لقد جعلت الجائحة من التبضع عبر الإنترنت أمرا مربحا للمرة الأولى. فقد ازداد الطلب من المشترين، وأصبحت الشاحنات ممتلئة، ولم يكن لزاما على المتاجر الكبرى أن تنفق الأموال على الإعلانات. يقول بايلي، رئيس "ويتروز"، "لدينا الآن متسع من الوقت من أجل التعامل مع مشكلات النمو، ومن أجل زيادة الكفاءة".
تقول جيفن، من شركة ميد دوت كوم "لا أعتقد أن الأمر سينتهي بهم مثل دبنهامز، لأن شركة دبنهامز لم تستثمر في أعمالها". لكن "في غضون عشرة أعوام، من حيث البصمة المادية، ستصبح شركة جون لويس أصغر مما هي عليه بكثير. نموذج الشراكة سيجعل من الصعب عليهم البت في القرارات الصعبة التي ستواجههم".
بالنسبة لوايت، العكس هو الصحيح، لأن الشراكة هي محور المسألة. فشركة جون لويس على العكس من "أمازون"، لا تحاول استغلال الأرباح كي تحقق طموحات مؤسسها الفضائية. وبعكس شركة نكست أيضا، فهي لا تحاول إعادة توجيه الأموال إلى المساهمين الخارجيين. بل تحاول الشركة القيام بأعمال تجارية بشكل مختلف، بهدف توسيع نطاق تأثيرها في المجتمع. لقد قامت وايت بزيارة كل متجر تم إغلاقه في العام الماضي لإجراء محادثات صعبة الطابع مع الشركاء. تقول، "لم تكن زياراتي مبنية على عروض الشرائح التقديمية حول هوامش البيع بالتجزئة ونمو اللاعبين في العالم الرقمي. بل كان كثير من الحديث يتمحور حول أهدافنا. إذا كنت تمشي على الفحم الساخن، فعليك معرفة السبب الذي حملك على ذلك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES