Author

مزيج الطاقة .. الموازين تتغير

|

يأتي تطوير مشروع حقل الجافورة في السعودية ضمن المشاريع التنموية الاقتصادية، الذي يمثل نقلة نوعية جديدة على صعيد قطاع الطاقة، وفي ساحة مسار تنفيذ رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وهذا المشروع الحيوي يستند إلى أسس عملية في ميدان ما يعرف بـ"مزيج الطاقة". والأخير صار منذ أعوام هدفا رئيسا في مجالات تطوير الطاقة وتنويع مصادرها، لأنه - ببساطة - يتشكل من طاقة متجددة ونووية وأحفورية نظيفة، فضلا عن الغاز وطاقة الشمس والرياح والوقود الحيوي.
فـتطوير حقل الجافورة سيكون ملهما اقتصاديا من نشاط المملكة في مجالات مختلفة لتحقيق مفهوم الاقتصاد الكلي وتجديد مصادر الإنتاج ودعم مرتكزات الإيرادات والدخل، حيث قدمت فيه سلسلة لا تنتهي من المشاريع المساندة والداعمة لتحقيق الأهداف البيئية. ولعل من أهم مزاياه المشار إليها، أنه لن يكلف المالية العامة للمملكة أكثر من خمسة إلى ستة مليارات ريال، كما أن جهات عدة شاركت في إعداد هذا المشروع.
الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، كان واضحا حين إطلاقه مرحلة التطوير التجاري للمواد غير التقليدية في حقل الجافورة، فهذا الحقل يمثل مقوما وبنية في برنامج الغاز غير التقليدي في أرامكو، لماذا؟ لخفض انبعاثات الغازات، ونحن نعلم أن السعودية في صدارة الدول التي وضعت مجموعة كبيرة من المشاريع الخاصة بهذا الشأن، بما في ذلك التزامها بالحياد الصفري بحلول عام 2060. وحقل الجافورة سيتم تطويره على مدى عشرة أعوام تقريبا. وبحلول عام 2030 سيصل الإنتاج إلى ملياري قدم مكعبة قياسية يوميا من غاز البيع.
وشرح وزير الطاقة مستهدفات حقل الجافورة، حيث تدشينه يعد نهضة صناعية جديدة بتلبية الطلب على لقيم البتروكيماويات، ما يسهم أيضا في دعم التوجهات الاقتصادية العامة ومكاسبه التجارية والبشرية والاجتماعية، وهو يعد من المواقع الإنتاجية القياسية غير المسبوقة في قطاع الغاز السعودي.
كما أنه يلبي متطلبات الساحة المحلية من أنواع الطاقة المنتشرة. فحقل الجافورة سيسهم في إيصال الغاز الطبيعي إلى مناطق عديدة في البلاد، مثل القصيم وسدير وجدة والخرج والشعيبة وجازان. وفي الواقع، فإنه بمنزلة علامة تجارية براقة لتطوير موارد الغاز الطبيعي، ولا سيما بعد أن حققت شركة أرامكو الجدوى التجارية في تطوير أعمال الغاز الصخري غير التقليدي.
والمسألة برمتها لا ترتبط فقط بتوفير الطاقة المستهدفة وإيصالها إلى المناطق التي تحتاج إليها، بل لها عوائدها المستدامة الأخرى، عبر رفد الاقتصاد المحلي بأكثر من 20 مليار دولار سنويا، في حين أن المشروع يوفر 200 ألف فرصة عمل، ما يدعم الجانب الخاص بتأهيل وتشغيل المواطنين السعوديين، فهذه النقطة تعد أساسية في كل المشاريع، سواء المحلية منها أو الأجنبية.
كما يعد الأكبر على الإطلاق خارج الولايات المتحدة، التي دخلت في مجال الغاز غير التقليدي منذ عدة أعوام، وضخت فيه استثمارات - كما هو معروف. وحقل الجافورة، هو أكبر حقل غاز غير مصاحب في السعودية. ولذلك، فمن المتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية فيه إلى 68 مليار دولار خلال الأعوام العشرة المقبلة. ورغم أن التكاليف الرأسمالية قد تصل إلى 100 مليار دولار من عمر المشروع، إلا أن عوائده السنوية ستكون كبيرة، وتقدر مبدئيا بنحو 75 مليار ريال. وهو في النهاية يشكل مشروعا ضخما على صعيد التسويق التجاري لموارد الغاز غير التقليدية في السعودية. إلى جانب ذلك، فإن هذه الموارد توسع نطاق محفظة أرامكو لأعمال الغاز المتكاملة، ما يوفر المادة الخام لتحفيز التنمية الصناعية، التي تمثل محورا أساسيا في رؤية المملكة 2030.
حقل الجافورة، يفتح بالفعل وبمعايير اقتصادية متنوعة نوافذ لآفاق تطوير مصادر الطاقة، حيث وفرت السعودية الأرضية اللازمة في هذا النطاق، ضمن مخططاتها التنموية والاستراتيجية الواسعة التي تستند في النهاية إلى مشاريع ومعايير ومستهدفات الرؤية.

إنشرها