Author

ما الذي ستضيفه البنوك الرقمية للقطاع المالي؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
منذ أن بدأت تتشكل ملامح رؤية 2030 كانت للمعاملات الرقمية حصة كبيرة من التطور الذي تشهده السعودية فجميع الخدمات تقريبا الحكومية تم رقمنتها بصورة مميزة كان لها الأثر في تحسن مستوى الخدمات وسهولة الوصول لتلك الخدمات، إضافة إلى قاعدة بيانات لا تقدر بثمن في رصد كل المعاملات بما يسهل عملية التطوير لدقة النتائج التي كانت تفتقدها كثير من الجهات الحكومية لييسر ذلك إلى الوصول إلى القرارات المناسبة وفق معلومات دقيقة جدا.
إن رقمنة جميع الخدمات تقريبا له أثر كبير في المجتمع والحياة العامة ليس فقط في تحسين الخدمات التي أصبحت ميسرة أكثر من أي وقت مضى إلا أن لها دورا في رصد المعاملات، وأداء الإدارات عموما، وكفاءة القوى العاملة، ورصد الأخطاء والعمل على معالجتها، وتوحيد النماذج من خلال إدارة مركزية مختصة لبناء تلك النماذج وجميع الملاحظات والشكاوى، حيث تصل مباشرة للجهة المعنية لتتمكن من معالجة الأخطاء بصورة عاجلة تلبي حاجة المستفيدين، كما أنها حسنت كثيرا من كفاءة تعامل المجتمع عموما مع التقنية حتى أصبح الصغير وكبير السن يتعامل معها بكل سلاسة من خلال تسهيل الإجراءات قدر الإمكان، ما جعل التعامل مع هذه الخدمات متعة بدلا من أن تكون عبئا.
في القطاع المالي الذي يعد أحد أهم الخدمات التي تحتاج إلى السرعة والكفاءة والدقة والسرعة في التطوير والتحسين أصبحت البنوك الرقمية في هذه المرحلة التي نعيش فيها تطورا تقنيا مذهلا حاجة ملحة ورغم تطور الخدمات لدى البنوك حاليا إلا أن مجموعة من الخدمات ما زالت تتطلب حضورا مباشرا للفروع رغم إمكانية تنفيذ هذه الخدمات رقميا دون الحاجة إلى حضور العملاء للفروع، ما يجعل من الأهمية بمكان أن يكون لدى البنك المركزي السعودي خطط لتشجيع البنوك على رقمنة أعمالها بما في ذلك التوسع في الرخص الخاصة بالبنوك الرقمية في المملكة. وفي تصريح لمحافظ البنك المركزي -في منتدى الاستقرار المالي في الرياض أخيرا-: إن الرياض ستمنح تراخيص تشغيل لمزيد من البنوك الرقمية، كما هو معلوم فقد أصدرت هذا العام تراخيص لبنكين رقميين وهما بنكا إس. تي. سي والبنك السعودي الرقمي.
وقد ينشأ عن هذا الاتجاه التفكير بشكل جدي لإنشاء عملة رقمية أو مشفرة محلية أو على مستوى دول مجلس التعاون بما يؤدي مستقبلا إلى تحسن في النشاط التجاري محليا ويجعلها عملة ذات قبول واسع عالميا باعتبار أن حجم اقتصادات دول الخليج مجتمعة يجعلها في مرتبة متقدمة عالميا.
من الأمور التي يمكن أن تكون ذات أهمية للقطاع المصرفي حاليا ويعد من الحلول الأكثر سهولة هو تشجيع البنوك القائمة أن تكون لها منافذ رقمية، حيث تستفيد من قاعدة العملاء لديها من أجل أن تحقق فترة أقل لتحقيق نجاح لهذه التجربة وبما يحقق رضا أكبر لدى العملاء لديها كما أن ذلك قد يعزز تنافسيتها في ظل عمل بنوك جديدة على الدخول للمملكة وقد تجد أن أيسر الطرق للتوسع في السوق المحلية هو تؤسس لبنوك رقمية باعتبار أن ذلك سيخفف من التكلفة الفعلية للتوسع في المملكة كما يمكنها أن تستفيد من إمكاناتها التقنية في مراكزها الرئيسة، ومن هنا يمكن لها أن تتوسع بصورة أسرع.
كما أن تجربة البنوك الرقمية هنا قد تسهل مسألة التوسع مستقبلا للبنوك السعودية خارجيا خصوصا أن الاتصال بين دول العالم أصبح أكثر سهولة من ذي قبل والعملاء غالبا يميلون خصوصا في معاملاتهم المالية إلى المصارف الأكثر وجودا حول العالم بما يعزز لديهم الموثوقية ويسهل المبادلات، حيث تكون أكثر دقة وسرعة وموثوقية.
من التحديات التي تواجه هذا القطاع إذا ما تحول للرقمنة أن يكون حجم الوظائف المتاحة محدودا كما أن الكفاءات التي ستعمل في هذا القطاع لا بد أن تكون مدربة بشكل عال، وهنا يأتي دور المؤسسات التعليمية في العمل على توفير البرامج المناسبة للكفاءات التي ستعمل في القطاع الرقمي عموما والقطاع المالي خصوصا، كما أن الأهم هو بناء بنية تحتية كاملة في المجال التقني بما يؤدي إلى تعويض فرص القوى العاملة الوطني، حيث تجد فرص عمل كبيرة في القطاع التقني الذي يمكن أن يقدم خدماته ليس فقط على المستوى المحلي بل على المستويين الإقليمي والعالمي وفق مراحل ستكون تجارب السعودية الناجحة في هذا المجال أكبر مسوق لخدمات الشركات التقنية.
الخلاصة: إن وجود المصارف الرقمية أصبح واقعا في المملكة ومن هنا تأتي أهمية عمل البنوك الحالية لتخفيف معاملاتها التي تحتاج إلى الحضور للمصارف إضافة إلى العمل على توفير منافذ أو فروع رقمية لها لتعزيز تنافسيتها وقدرتها على التوسع مستقبلا على المستويين المحلي والعالمي.
إنشرها