النفط تحت ضغط الارتفاع غير المتوقع في المخزونات التجارية وتسارع الإنتاح الأمريكي

النفط تحت ضغط الارتفاع غير المتوقع في المخزونات التجارية وتسارع الإنتاح الأمريكي
أسعار النفط تتعرض لضغوط عكسية كابحة تتمثل في ارتفاع الدولار الأمريكي.

تراجعت أسعار النفط الخام لليوم الثاني على التوالي مع تنامي توقعات وفرة المعروض النفطي في الأسواق، وارتفاع غير متوقع في مستوى مخزونات النفط الخام التجارية وتسارع الإنتاح الأمريكي.
ويستعد وزراء الطاقة في مجموعة "أوبك+" لعقد الاجتماع الشهري في 2 كانون الأول (ديسمبر) المقبل وسط تكهنات في السوق بشأن احتمال اتخاذ قرارات جديدة بشأن مستوى الإمدادات وربما العدول عن الزيادة الشهرية المطبقة منذ آب (أغسطس) الماضي وقدرها 400 ألف برميل يوميا.
ويقول لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون "إن التقلبات تسود السوق، لكن العقود الآجلة للنفط الخام استقرت إلى حد كبير، حيث ظلت معنويات المخاطرة قوية على الرغم من زيادة مخزونات النفط الخام الأمريكية بشكل مفاجئ، ما دعم المخاوف بشأن تعافي الطلب".
وذكروا أن الطاقة الفائضة لـ"أوبك+" لضخ النفط محدودة في ضوء صعوبات تواجه صغار المنتجين، وتكافح مجموعة "أوبك+" من أجل زيادة الإمدادات النفطية والوفاء بحصتها الإجمالية لعدة أشهر، مشيرين إلى أن أداء أعضاء "أوبك" الأفارقة تحديدا ما زال ضعيفا بشكل كبير بسبب نقص الطاقة الفائضة وضعف الاستثمارات.
وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة "إن ارتفاع المخزونات المفاجئ أسهم في تهدئة وتيرة المكاسب وعودة الانخفاضات، خاصة أن ذلك تزامن مع قرار الإفراج عن الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي"، موضحا أن المخزونات النفطية لا تزال حول 7.2 في المائة أقل من متوسط الأعوام الخمسة لهذا الوقت من العام.
وذكر أن الانخفاضات السعرية الحالية ربما تكون مؤقتة لأن المستثمرين متفائلون بشأن النفط الخام على المدى القريب بعد أن جاءت الإعلانات عن السحب من احتياطي النفط الاستراتيجي أقل بكثير من التوقعات، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 3 في المائة.
ويرى، أندريه موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات أن الطلب على النفط الخام والوقود يتجه إلى النمو بوتيرة سريعة خاصة في ظل الطقس الأكثر برودة الذي يسود في أجزاء عديدة من آسيا ويشعل استهلاك وأسعار الطاقة، تحديدا في ضوء أزمة الغاز والفحم.
ولفت إلى أن أسعار النفط تتعرض لضغوط عكسية كابحة تتمثل في ارتفاع الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع النفط الخام، حيث سجل الدولار ارتفاعات جديدة قياسية، ما أشعل مستويات التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى له في ثلاثة عقود في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
من ناحيته، يوضح ديفيد لديسما المحلل في شركة ساوث كورت الدولية أن النفط الخام اجتاز حالة من التقلبات السعرية بمجرد الإعلان عن سحب منسق لاحتياطيات النفط الاستراتيجية في عدد من الاقتصادات الكبرى، مشيرا إلى أن هذا العرض الإضافي من غير المرجح أن يحد من مكاسب الأسعار، خاصة أنه جاء أقل من توقعات سابقة كما أن الجميع ينتظر رد فعل مجموعة "أوبك+" في الاجتماع الشهري المقبل.
وأشار إلى قناعة مجموعة "أوبك+" بأن قرار السحب من المخزونات الاستراتيجية في الولايات المتحدة والهند واليابان وكوريا ليس له ما يبرره في ظل وضع السوق الحالي، وأن بعض التقارير الدولية ترجح أن تقوم مجموعة "أوبك+" بإعادة النظر في خططها السابقة لإضافة مزيد من المعروض في الاجتماع الشهري الأسبوع المقبل.
وتشير ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية إلى أن السحب من المخزونات ليس الحل لاستعادة التوازن والاستقرار في السوق، وهو ما يفسر تردد كبار المستهلكين في اتخاذ القرار، مؤكدة أن البيانات الصادرة عن "إنرجي أسبكتس" ترجح أن تؤدي الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لخفض أسعار النفط الخام في المدى القصير إلى ارتفاع الأسعار العام المقبل.
وأوضحت أن استئناف المحادثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني الأسبوع المقبل في فيينا سيكون له تأثير واسع في السوق، وإذا نجح في بلورة اتفاق جديد فسيترجم ذلك ضخ إمدادات نفطية إضافية إلى السوق العالمية، مشيرة إلى أن المفاوضات ستكون بالتأكيد صعبة، لكن عودة الأمل في التوصل إلى صفقة ستكون لها انعكاس فوري على السوق.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس لتواصل خسائرها لليوم الثاني على التوالي، تحت ضغط مخاوف تخمة المعروض في الولايات المتحدة، بعد ارتفاع غير متوقع في مخزونات الخام التجارية، وتسارع مستويات إنتاج النفط الأمريكي.
وتراجع الخام الأمريكي نحو 0.5 في المائة، إلى مستوى 77.97 دولار، من مستوى الافتتاح عند 78.32 دولار، وسجل أعلى مستوى عند 78.62 دولار، وانخفض خام برنت بأكثر من 0.3 في المائة، إلى مستوى 81.94 دولار للبرميل، من مستوى الافتتاح عند 82.17 دولار، وسجل أعلى مستوى عند 82.57 دولار.
وفقد الخام الأمريكي عند تسوية الأربعاء 0.25 في المائة، وانخفض خام برنت 0.1 في المائة، في أول خسارة في غضون الأيام الثلاثة الأخيرة، عقب التقرير الأسبوعي لوكالة الطاقة الأمريكية.
وأعلنت وكالة الطاقة الأمريكية الأربعاء ارتفاع المخزونات التجارية في البلاد بنحو 1.0 مليون برميل، خلال الأسبوع المنتهي في 19 تشرين الثاني (نوفمبر)، على خلاف التوقعات التي أشارت إلى انخفاض بنحو 1.7 مليون برميل.
وبالنسبة إلى الإنتاج الأمريكي فقد ارتفع الأسبوع الماضي بنحو مائة ألف برميل يوميا، ليرتفع الإجمالي عند 11.5 مليون برميل.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 81.75 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 79.4 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 81.1 دولار للبرميل".

الأكثر قراءة