أخبار اقتصادية- عالمية

غليان في سوق المزادات الفنية .. قفزت إلى 2.7 مليار دولار سنويا

غليان في سوق المزادات الفنية .. قفزت إلى 2.7 مليار دولار سنويا

أظهر بيع مخطوطة لألبرت آينشتاين مقابل 13 مليون دولار مدى التحسن الذي تشهده السوق.

تشهد سوق المزادات الدولية على الأعمال الفنية المعاصرة ارتفاعا كبيرا، يصل إلى حد الغليان، بعد حالة من الركود أوجدتها الجائحة خلال العام الماضي.
وبعدما شهدت السوق جمودا خلال الأزمة الصحية العالمية في 2020، عادت مجددا بقوة كبيرة، مستفيدة من دائرة لم يتضح بعد هل هي جيدة أم سيئة، وفقا لـ"الفرنسية".
وتقول مؤسسة "آرت برايس" المتخصصة في تخمين الأعمال، "إن حجم هذه السوق نما من 103 ملايين دولار سنويا عام 2000 إلى 2.7 مليار دولار اليوم".
وأشارت المؤسسة الدولية إلى أن هذا النمو يعود إلى نجاح الانتقال إلى المبيعات عبر الإنترنت وإعادة توجيه السوق بالقدر نفسه من النجاح نحو جمهور جديد وناشئ من المهتمين بشراء أعمال الفن المعاصر.
وشرح تييري إيرمان مؤسس "آرت برايس" أن "أنظمة المعلوماتية لدى دور المزادات كانت قديمة جدا، لكن جائحة كوفيد - 19 دفعتها إلى تحديثها، وجاءت نتائج المبيعات عبر الإنترنت مذهلة، إذ جذبت جمهورا آخر شابا". وأشار مثلا إلى شراة ثلاثينيين شرعوا في تكوين مجموعة فنية قبل أن يصبحوا مالكي عقارات.
وأظهر بيع مخطوطة لألبرت آينشتاين في مقابل نحو 13 مليون دولار، مدى الغليان الذي تشهده سوق المزادات التي استعادت حيويتها بفضل اعتماد الصيغة الافتراضية التي أتاحت اتساعا كبيرا لدائرة المشاركة فيها ولجمهور متابعيها.
وكان لافتا أن قيمة هذه الوثيقة - وهي عبارة عن مخطوطة مؤلفة من 54 صفحة كتبها آينشتاين الفيزيائي الألماني الشهير عامي 1913 و1914 - كانت مقدرة بما بين مليوني يورو وثلاثة ملايين، لكنها بيعت الثلاثاء بمبلغ 11.6 مليون يورو "13.04 مليون دولار"، أي نحو خمس مرات أكثر من قيمة التخمين.
ولوحظ هذا الفارق الكبير أيضا في المزاد على السيناريو المرسوم لمشروع الفيلم الذي كان أليخاندرو جودوروفسكي المخرج الفرنسي المولود في تشيلي ينوي اقتباسه من رواية "دون"، إذ بيع في باريس الإثنين في مقابل 2.66 مليون يورو بعد منافسة شرسة بين اثنين من المزايدين، وهو مبلغ أكبر بكثير مما توقعته دار "كريستيز" ذات الخبرة الواسعة، إذ كانت خمنته "بما بين 25 ألف يورو و35 ألفا".
وارتفعت أسعار أعمال الفنانين الكلاسيكيين إلى مستويات جديدة، منها مثلا 71.3 مليون دولار للوحة "أكواخ خشبية بين أشجار الزيتون والسرو" الزيتية لفنسنت فان جوخ في 12 تشرين الثاني (نوفمبر). ومن لا يملكون الإمكانات لدفع مثل هذه المبالغ يقبلون بعد ذلك بكثافة على شراء أعمال ذات أسعار معقولة أكثر.
ولا يقتصر ما يشترونه على الأعمال الفنية، فمنذ تشرين الأول (أكتوبر)، كان أمامهم خيار واسع، فبيع مثلا حذاء رياضي لمايكل جوردان نجم كرة السلة لقاء 1.5 مليون دولار، وأكبر ترايسيراتوبس معروف في العالم في مقابل 6.6 مليون يورو، ونسخة أصلية نادرة جدا من دستور 1787 الأمريكي في مقابل 43 مليون دولار، وسواها. وأدى ظهور المزادات على قطع رقمية بتكنولوجيا "إن إف تي" (رموز غير قابلة للاستبدال)، إلى تنويع المعروض أكثر فأكثر.
ونشأ تساؤل حول: هل ثمة خطر لانفجار الفقاعة؟ في ثمانينيات القرن الـ20 عندما برزت تساؤلات عما إذا كان الأثرياء الأمريكيون أو اليابانيون سيتعبون يوما من المزايدة والتنافس فيما بينهم، وعندما أطاحت مؤسسات خاصة بالمتاحف العامة الكبيرة. لكن حجم السوق استمر في الارتفاع حتى الأزمة المالية في 2008.
وفي مطلع 2014، بعد عام سجلت خلاله أرقام قياسية، تساءلت صحيفة "واشنطن بوست"، "مع ارتفاع سعر الفن، هل تنهار قيمته؟"، وأظهرت مؤشرات "آرت برايس" أن الأسعار انخفضت بشكل حاد بين 2015 و2019، لكنها عاودت الارتفاع مذاك.
وأصبح الشراء وإعادة البيع طبيعييين أكثر، "سعيا من الشراة إلى تحسين مجموعاتهم، أو بسبب تغير في تفضيلاتهم"، أو غير ذلك، بحسب تييري إيرمان، الذي أضاف "لم يعد يوجد أي حاجز نفسي يحول دون دفع أكثر من مليون في مزاد عبر الإنترنت".
ورأت شركة ديلويت أن خزان الشراة الشديدي الثراء ليس على وشك أن ينضب، ولاحظت أن ثروة الأغنياء المهتمين بالفن وتكوين المجموعات "زادت بنحو 1.448 مليار دولار في 2020".
ومنذ بداية العام حتى الآن بلغت مبيعات ما يعرف بـ"الأعمال الفنية القائمة على الرموز غير القابلة للاستبدال" ويشار إليها اختصارا بـNFT ما قيمته 3.5 مليار دولار. ويندرج هذا النوع من الأعمال الفنية ضمن فئة "الأعمال الفنية الرقمية".
ورغم أنه مطروح في الأسواق منذ 2014، إلا أنه لم يكتسب شعبيته المثيرة للجدل إلا في آذار (مارس) الماضي، عندما باعت دار كريستيز للمزادات صورة رقمية للفنان مايك وينكلمان بعنوان " كل يوم: أول 5000 يوم" مقابل 69.3 مليون دولار لمبرمج في سنغافورة مولع بالتكنولوجيا، وهو أمر يجعلنا أمام طريقة جديدة لصناعة الثروات.
محللون وخبراء أشاروا في وقت سابق لـ"الاقتصادية"، إلى أن الأمر لا يتجاوز تقليعة عصرية وفقاعة اقتصادية، شاهد التاريخ مثلها كثيرا، وتنتهي غالبا بانفجارها وخسارة أصحابها أموالهم.
إلا أن آخرين يؤكدون أن الأصول الرقمية وتكنولوجيا البلوكتشين غيرتا مستقبل التجارة، وأن NFT على رأس الاستثمارات التي تحقق نموا إيجابيا ويرونها فرصة استثمارية.
وأضافوا أن "هذا النوع من الفنون مثله تماما مثل إنتاج العملات المشفرة، يحتاج إلى أجهزة حاسوب تستخدم كميات ضخمة من الطاقة، وكلما زاد إنتاج هذا النوع من الأعمال الفنية استخدمت أجهزة حاسوب أكبر وأكثر استهلاكا للطاقة، بما يعنيه ذلك من زيادة معدلات التلوث المناخي على المستوى العالمي".
وغالبا فإن المستثمرين في هذا المجال هم أنفسهم المستثمرون في مجال العملات المشفرة، ومن ثم فإنهم في هذه السوق بوصفهم "تجارا"، ولذلك لديهم مصلحة دائمة في المبالغة في قيمة تلك الأعمال، ولتحقيق أكبر مكسب ممكن.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية