FINANCIAL TIMES

ديون سائقي سيارات الأجرة في نيويورك تلفت أنظار وول ستريت

ديون سائقي سيارات الأجرة في نيويورك تلفت أنظار وول ستريت

نيابة عن الشركات والنخبة المالية، تتنافس "كيركلاند آند إيليس" بانتظام في بعض أكثر النزاعات التجارية فوضوية التي يمكن تخيلها. لكن صفقة الديون المتعثرة الأخيرة التي شملت شركة محاماة قوية بدت أكثر نبلا.
في مهمة للمصلحة العامة، مثلت مجموعة إعادة الهيكلة المالية التابعة لكيركلاند سائقي سيارات الأجرة المنكوبين في نيويورك الذين أمضوا أعواما في محاولة لمعالجة قروض مدمرة لشراء ميداليات سيارات الأجرة، وهي التصاريح اللازمة للعمل بسيارات الأجرة. في الآونة الأخيرة شعر السائقون باليأس بما يكفي للجوء إلى الإضراب عن الطعام على مدار الساعة.
لكن في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر)، حدث أمر مفاجئ. تم عقد صفقة ثلاثية الأطراف بين حكومة المحلية في المدينة، وشركة أسهم خاصة أصبحت أكبر مقرض لشراء ميداليات سيارات الأجرة، ومجموعة مناصرة تحدثت نيابة عن آلاف من سائقي سيارات الأجرة الذين تعاملوا مع أمثال "كيركلاند" و"جيه بي مورجان" باعتبارها شركات تقدم لهم مساعدات مجانية.
بالنسبة إلى بعضهم خفضت الصفقة أرصدة القروض التي تجاوزت 500 ألف دولار إلى 170 ألف دولار فقط، ما يسمح للسائقين بسداد أقساط رهن شهرية بطريقة أسهل. تدخلت المدينة باعتبارها طرفا مساندا لضمان بقاء المقرضين من القطاع الخاص في مأمن من حالات التخلف عن السداد في المستقبل.
أصبحت معاناة سائقي سيارات الأجرة في نيويورك - معظمهم من الرجال المهاجرين المسنين - موضع تقدير في الأعوام الأخيرة، جزئيا بسبب سلسلة من حالات الانتحار بين حاملي الميداليات المكروبين.
بموجب نظام نيويورك، تحدد لجنة سيارات الأجرة والليموزين في المدينة عدد الميداليات. تطورت سوق الوسطاء والمقرضين ومالكي أساطيل السيارات والمصلحين على مر الأعوام إلى جانب ثقافة فرعية ملونة، وإن كانت غير مقبولة. أقبل المهاجرون على شراء الميداليات، مهما كان ثمنها، على أساس أنها تذكرة الوصول إلى الحلم الأمريكي.
في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، كانت ملكية الميداليات تنتقل من شخص إلى آخر مقابل 300 ألف دولار. بعد عقد من الزمن تضاعف السعر ثلاث مرات. لكن بحلول نهاية العقد الأول كانت ملكية رخصة سيارة الأجرة تنتقل مقابل ما يزيد قليلا عن 100 ألف دولار، ما ترك كثيرا من أصحابها غارقين في قروض تتجاوز كثيرا قيمتها السوقية الحالية.
لم يكن دخول مزودي خدمة مشاركة الركوب، "أوبر" و"ليفت"، في العقد الأول من القرن الحالي، سوى جزء من المشكلة. في 2020 اتهم المدعي العام في نيويورك الحكومة المحلية في المدينة بتحقيق أرباح تتجاوز 800 مليون دولار في الفترة 2004 - 2017 من خلال تسويق الميداليات للفئات المعرضة للمخاطر بطريقة احتيالية. ثم تعرضت المدينة لضغوط لقيادة عملية إنقاذ.
أثبت تمويل أساسي بقيمة 65 مليون دولار، تم الإعلان عنه في أيلول (سبتمبر)، أنه قليل إلى درجة أن تحالف سائقي سيارات الأجرة في نيويورك، وهو مجموعة مناصرة، ساعد في تنظيم الإضراب اللاحق عن الطعام وجلب في نهاية المطاف مزيدا من الشخصيات المهمة إلى طاولة المفاوضات بمن فيهم تشاك شومر، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي. (جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان، الذي كان مصرفيوه يعملون مع التحالف، أرسل تمنياته الطيبة).
شركة الأسهم الخاصة المشاركة في صفقة إعادة الهيكلة، ماربلجيت لإدارة الأصول، متخصصة في الديون المتعثرة. في 2018 تصدرت عناوين الأخبار لمناورة غير تقليدية: ستبدأ الشركة في نهاية المطاف في الحصول على قروض مرتبطة بنحو خمسة آلاف ميدالية سيارة أجرة في نيويورك، أو نحو 40 في المائة من إجمالي الميداليات. كانت قروض ميداليات سيارات الأجرة في السابق من اختصاص الاتحادات الائتمانية المحلية والمصارف الإقليمية.
شروط الصفقة التي تمت مراجعتها تحدد قيمة ميداليات سيارات الأجرة التي تحتفظ بها "ماربلجيت" برأسمال قدره 200 ألف دولار. 170 ألف دولار من ذلك المبلغ ستصبح قرضا لمدة 20 عاما وسيتم تغطية الـ30 ألف دولار المتبقية بمنحة من المدينة. سداد أقساط القرض مضمونة من قبل المدينة. يقدر القسط الشهري لحاملي الميداليات بـ1100 دولار شهريا.
قال شخص تمتلك عائلته ميدالية: "لم تكن هذه حملة لإلغاء الديون تماما، بل كانت جهدا جماعيا لجعلها أكثر عدلا".
شكرت بهايرافي ديساي، زعيمة تحالف سيارات الأجرة منذ فترة طويلة، شركة ماربلجيت على العمل بحسن نية، مضيفة أنها نجحت في هذا بالنسبة إلى شركة أسهم خاصة يرأسها أندرو ميلجرام، الذي أصبح هو نفسه سائق سيارة أجرة مرخصا له. قالت لـ"فاينانشيال تايمز": "أي مقرض سينظر إلى محفظة مدعومة من المدينة على أنها ملكية ثمينة".
بعد صفقة إعادة الهيكلة، كثير من المؤسسات الكبرى في وول ستريت بدأت تبحث عن طريقة يمكنها من خلالها اللعب في النظام البيئي لسيارات الأجرة في نيويورك أيضا.
توقع أحد المشاركين في سوق سيارات الأجرة أن تصبح ديون الميداليات، بعد إعادة الهيكلة، موحدة بدرجة كافية ليتم تصنيفها منتجا يتم تحويله إلى ورقة مالية. قال الشخص إن شركات أمثال "كريدي سويس" و"جولدمان ساكس" أبدت اهتماما أوليا بالميداليات ـ امتنعت الشركتان عن التعليق.
سيستفيد السائقون أنفسهم من إعادة ضبط نظام التمويل. قالت ديساي: "كل خمسة إلى سبعة أعوام، يحتاج السائقون إلى شراء سيارة جديدة. تسمح هذه التسوية الجديدة لرأس المال بإلقاء نظرة على الصناعة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES