Author

إصلاح القطاع العام نتاج الحوكمة الرشيدة

|
في دراسات حالة معمقة بعنوان: "إصلاح القطاع العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .. دروس تجارب لمنطقة في حالة تحول" Public Sector Reform in the Middle East and North Africa: Lessons of Experience for a Region in Transition، لكل من روبرت بيشيل وطارق يوسف ونشرها مركز بروكنجز. يلقي الكتاب نظرة على عدد من الأمثلة اللافتة عن إصلاح القطاع العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من العقدين المنصرمين. في هذا المقال نستعرض أبرز الأفكار الواردة في ملخص الكتاب.
فبعد عشرة أعوام من الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط، يرى الكاتبان أن موضوع حوكمة القطاع العام قد نال اهتماما كبيرا في مسار الإصلاح في تلك الدول، فحيث نجحت أدوات الإصلاح - بحسب الكتاب - في بعض الدول العربية، في حين شهد بعض الدول تغييرات شكلية في المسائل الأساسية، كالديمقراطية والشفافية وحكم القانون. وعانت دول أخرى قمعا محليا عنيفا وانتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان. أما الدول التي لم تهتم بموضوع إصلاح القطاع العام، فقد غرقت في الفوضى والحرب الأهلية.
يذكر الكتاب أن التحديات التي تواجه القطاع العام في منطقة الشرق الأوسط خلال العقد المقبل كبيرة ومعقدة، حيث يجب على تلك الحكومات أن تستوعب الضغوط الديموغرافية التي تحدث، وسيتطلب ذلك أن تقوم الحكومات بتوسيع نطاق خدماتها المقدمة لمواطنيها وتحسين نوعيتها في الوقت ذاته، مع التركيز خصوصا على المناطق المتأخرة والمجتمعات المحرومة. كما يجب على الحكومات إكساب الجيل المقبل المعارف اللازمة لتعزيز لمنافسة في ظل الاقتصاد العالمي المتغير، وعليها أن تعمل لتكون وجهة جذابة لرؤوس الأموال من خلال توفير بيئة الأعمال التي ستسهل الاستثمار الأجنبي والمحلي. كما يجب عليها توسيع نطاق أنظمة الرعاية الصحية شحيحة التمويل لتطول بشكل أفضل المناطق والسكان المهملين. وعليها أيضا أن تكون سريعة بما فيه الكفاية للاستجابة لمجموعة من التهديدات المتداخلة، مثل التغير المناخي وشح المياه وتحولات سوق الطاقة العالمية. وستتطلب هذه التهديدات استجابة متكاملة ومستدامة ومتنوعة على كامل نطاق الحكومة. يذكر الكاتبان أحد أهم التحديات التي تواجه اقتصادات الشرق الأوسط هو واقع العقد الاجتماعي التقليدي والمهددات التي يمكن أن تحدث بسببه.
ويختم بوجود الأمل في تحول مؤسسي ينتج عنه إصلاح القطاع العام في دول عانت كثيرا، ويذكر أن تلك الدول تحاول البحث عن أفكار للإصلاح من الخارج، في حين أنها تمتلك القدرات والتجارب التي ينبغي أخذها في الحسبان. وقد تختلف عن المعارف والممارسات العالمية جزئيا، وبدرجات مختلفة بحسب الاستجابة والقدرات المتوافرة.
قد تكون هذه الدراسة قيمة في توثيق الوضع الحالي لعدد من دول الشرق الأوسط، لكن الحقيقة أن العالم بأسره يعاني ضعف حوكمة القطاعات العامة، ومليات الإصلاح والتحول ستغزو جميع دول العالم الغنية والفقيرة، لأن التحولات التي يعيشها العالم حاليا تفرض أن يتغير كثير من السياسات والممارسات التي يعيشها العالم لتتواءم مع معطيات العالم والتغير العلمي والعملي فيه، ويتحتم على الحكومات أن تتبع أنظمة أكثر رشاقة لمواجهة الأزمات والمخاطر والتحولات العالمية المقبلة.
إنشرها