Author

فلسفة أوكساچون .. ثورة صناعية

|

الثورة الصناعية الرابعة ليست مجرد مصطلح تقنية رقمية بل مفهوم للدمج بين محركات الاقتصاد الحديث في بيئة متكاملة، حيث تتركز محركاته على توظيف الاقتصاد المعرفي من خلال تعزيز الابتكار.
ويأتي منهج الاقتصاد الأخضر الذي يهتم بقضايا البيئة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وضمان استدامتها كنشاط اقتصادي له تأثيره الواسع في حركة الأموال والاستثمارات حول العالم، ويليه الاقتصاد الرقمي بكل ما يحمله من توظيف للتقنية وذكاء الآلة لتعظيم الإنتاج وتحسين مستويات الجودة والحد من الهدر.
وتحقق هذه المكونات مفهوم الثورة الصناعية الرابعة التي تطبق اليوم على أرض "نيوم" مع إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إنشاء مدينة أوكساچون التي وصفها بأنها تمثل إعادة تعريف التنمية الصناعية في المستقبل، مع إسهامها في حماية البيئة، وإيجاد فرص جديدة للعمل وتحقيق النمو.
وتحتل مدينة أوكساچون منطقة واسعة في الركن الجنوبي الغربي في "نيوم" بتصميم يحقق لها تفاعلا إيجابيا مع البيئة من حولها، وتنفيذ أفضل استخدام للأراضي ويحافظ على ما نسبته 95 في المائة من البيئة الطبيعية، ما يوفر منطقة عمل استثنائية متجانسة مع الطبيعة. ولتحقيق ذلك الطموح فإن المدينة تعتمد على الاقتصاد الأزرق للاستفادة من موقعها المثالي على البحر الأحمر بالقرب من قناة السويس، إذ ستمثل أكبر هيكل عائم في العالم، وستكون واحدة من أكثر المراكز اللوجستية تقدما في العالم من الناحية التقنية بوجود ميناء متكامل وارتباطها بالمطار. ولأن البيئة هدف استثماري اقتصادي ستعتمد المدينة على الطاقة النظيفة 100 في المائة، وستصبح نقطة محورية لرواد الصناعة الذين يرغبون في قيادة التغيير لإنشاء مصانع متقدمة ونظيفة في المستقبل.
وعلى مستوى الاقتصاد الرقمي فإن المدينة الصناعية "أوكساچون" تقوم على الفلسفة التي خططت كل مشاريع "نيوم" ومن ذلك مدينة "ذا لاين"، فهي فلسفة تستند إلى التوظيف الكامل للتقنيات الأكثر تقدما مثل: إنترنت الأشياء، وتفاعل الإنسان مع الآلة، والذكاء الاصطناعي والقدرة على التوقع، والروبوتات، وجميعها مقترنة ومربوطة بشبكة من مراكز التوزيع المستقلة والمؤتمتة بالكامل. وهذا ما أكده الرئيس التنفيذي لشركة نيوم أن "أوكساچون" ستقود تحولا جذريا في مراكز التصنيع التي توجد قاعدة حيوية لسبعة قطاعات صناعية تتمحور في الطاقة المستدامة، والتنقل المستقل، وابتكار حلول للمياه، والإنتاج الغذائي المستدام، والصحة والرفاهية، والتقنية والتصنيع الرقمي (بما في ذلك الاتصالات وتقنية الفضاء والروبوتات)، وطرق البناء الحديثة.
وباعتبار الابتكار العنصر الرئيس لاقتصاد الثورة الصناعية الرابعة، فقد أشار الرئيس التنفيذي إلى أن "أوكساچون" ستدعم القطاعات الصناعية فيها بالطاقة المتجددة، كما تستهدف إنشاء اقتصاد دائري حقيقي مبني على البحث والابتكار، ومن أجل هذا ستحتضن المدينة النظام البيئي في التعليم والبحث والابتكار لمنافسة المراكز العالمية القائمة. كما يجري تطوير المدينة الصناعية بشكل مميز، وبتصاميم لمرافق التصنيع المتنوعة، ومنها أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في العالم، ومصنع لبناء وحدات معيارية في العالم وأكثرها تقدما، إضافة إلى أكبر مركز بيانات فائقة النطاق في المنطقة.
هكذا تتكامل عناصر الثورة الصناعية الرابعة في مدينة "أوكساچون" لتحقق للمملكة مكانة راسخة في الحقبة الاقتصادية الجديدة لتصبح مركزا عالميا مع تدفق التجارة العالمية من خلالها، ما يعيد إلى الأذهان دور لندن في الثورتين الاقتصاديتين الأولى والثانية، ودور نيويورك في الثورة الصناعية الثالثة، تسعى "نيوم" من خلال المدينة الصناعية أن تكون محور العمل ومنصة التدفقات العالمية، ما سيوفر مزيدا من فرص العمل المستدامة، ويعزز رغبة المجتمعات في العمل في بيئة حضارية صديقة للبيئة متكاملة الخدمات.

إنشرها