FINANCIAL TIMES

تجربة العمل من المنزل لم تكن في مصلحة الجميع

تجربة العمل من المنزل لم تكن في مصلحة الجميع

عاملة منزلية.

أين ذهب جميع العاملين؟ المهاجرون الذين عادوا إلى أوطانهم ليسوا الوحيدين الذين تسببوا في نقص العاملين في عدد من البلدان التي رحلوا عنها. توجه جيش من العاملين الأكبر سنا إلى الخروج من بلدهم. هؤلاء "متقاعدو كوفيد" يخالفون الاتجاه السائد. واحدة من أهم قصص التوظيف في العقدين الماضيين كانت ارتفاع نسبة كبار السن الذين لا يزالون يشاركون في سوق العمل. سيعتمد كثير من ذلك على ما إذا كانت الجائحة ستعكس هذه الظاهرة، أو تعطلها، مؤقتا أو حتى تسرعها على المدى الطويل.
كان هناك أكثر بقليل من ثلاثة ملايين "حالة تقاعد زائدة" مدفوعة بكوفيد في الولايات المتحدة، وفقا لحسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، نشرت الشهر الماضي. يمثل هذا أكثر من نصف 5.25 مليون شخص تركوا سوق العمل منذ بداية الجائحة حتى الربع الثاني من 2021.
في المملكة المتحدة، يقدر معهد دراسات التوظيف أن هناك ما يقارب 310 آلاف شخص من كبار السن (خاصة النساء الأكبر سنا) في سوق العمل أقل مما كان يتوقعه المرء لو استمرت اتجاهات ما قبل الأزمة. أصبح بعضهم مريضا لدرجة تمنعهم من العمل بينما تقاعد آخرون.
من هم العاملون الأكبر سنا الذين يتركون القوى العاملة ولماذا؟ إنها صورة مختلطة وغير كاملة. في الولايات المتحدة، تقاعد كل من الحاصلين على تعليم جامعي وغير الحاصلين ممن تزيد أعمارهم على 65 عاما بأعداد أكبر منذ الجائحة، وفقا لمركز شوارتز لتحليل السياسة الاقتصادية. لكن بين سن 55 و64، كان العاملون الذين ليس لديهم شهادات جامعية أكثر عرضة للتقاعد قبل كوفيد، في حين كان أولئك الذين يحملون شهادات جامعية أقل احتمالا للإقدام على ذلك. جزء من القصة هو أن بعض الأمريكيين دفعوا إلى التقاعد مبكرا بسبب فقدان الوظائف والمخاطر الصحية التي أثرت بشكل كبير في أولئك الذين ليس لديهم شهادات.
يقول توني ويلسون من معهد دراسات التوظيف إن بيانات المملكة المتحدة تشير إلى أن بعض النساء الأكبر سنا في وظائف مثل التنظيف والضيافة، التي تضررت بشدة بسبب الجائحة، تركن سوق العمل الآن. ولأن كبار السن هم الأكثر تعرضا لخطر الإصابة بالفيروس، فقد يكونون أكثر عرضة للتخلي عن العمل. في المقابل، ربما اختار آخرون التقاعد مبكرا لأن أموالهم المدخرة قد نمت، خاصة في الولايات المتحدة.
هذا تطور غير متوقع في قصة طويلة الأمد. على مدى العقدين الماضيين، كان كبار السن القوة الدافعة خلف ارتفاع معدلات المشاركة في القوى العاملة في عديد من البلدان المتقدمة. في منطقة اليورو، مثلا، جاءت 98 في المائة من الزيادة في إجمالي المعروض من العاملين بين 2000 و2019 من أولئك الذين تراوح أعمارهم بين 55 و74 عاما. وقبل عقدين من الزمن، غادر 20 في المائة من السكان الذكور في منطقة اليورو سوق العمل عندما كانت أعمارهم بين 55 و59 عاما. عشية بدء الجائحة، كان هذا الرقم 7 في المائة فقط. وفي غضون ذلك، بلغ معدل مشاركة النساء في الفئة العمرية بين 55 و59 عاما نفس معدل مشاركة النساء اللاتي كانت تراوح أعمارهن بين 45 و49 عاما منذ عقدين.
يعمل الناس لفترة أطول لمجموعة من الأسباب، من زيادة متوسط العمر المتوقع إلى خيارات العمل الأكثر مرونة. يدفع صانعو السياسات القلقون بشأن قدرة أنظمتهم التقاعدية على تحمل التكاليف يدفعون الناس في الاتجاه نفسه. تشمل الإصلاحات التي تمت في العقود الأخيرة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية زيادات في سن التقاعد القانونية وبرامج التقاعد المبكر الأقل سخاء.
هل يمكن أن يثبت كوفيد نقطة تحول؟ يعتقد ويلسون، من معهد دراسات التوظيف، أن الجائحة ستترك "ندبة دائمة لمجموعة من النساء الأكبر سنا اللاتي غادرن سوق العمل، لكن المشاركة ستستمر وتبدأ في الارتفاع مرة أخرى". بالفعل، كان أحد الموروثات من الجائحة هو تطبيع العمل من المنزل، ما قد يسهل على كبار السن العمل لفترة أطول.
تظهر بيانات المسح من مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة أن أولئك الذين كانوا يعملون من المنزل في ظل الجائحة من المرجح أن يقولوا إنهم يخططون للتقاعد لاحقا مقارنة بأولئك الذين لم يفعلوا ذلك. أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل الناس يتركون سوق العمل هي سوء الحالة الصحية، وأولئك الذين يعانون مرضا أو إعاقة مزمنة ممن يعملون من المنزل من المرجح الآن أن يقولوا إنهم يخططون للتقاعد لاحقا.
هناك مشكلة واحدة فقط: الأشخاص الذين ستكون ثورة العمل من المنزل مفيدة للغاية بالنسبة لهم هم الأشخاص الأقل احتمالا للمشاركة فيها. الأشخاص الذين يعملون في القطاعات منخفضة الأجر أو التي تتطلب مجهودا بدنيا هم أكثر عرضة بستة أضعاف لترك العمل قبل سن التقاعد الحكومي بسبب اعتلال الصحة من أولئك الذين يعملون في المهن. ومع ذلك، فإن العاملين الأكبر سنا الذين تحولوا للعمل من المنزل خلال كوفيد كانوا في الغالب في مناصب إدارية أو مهنية وأقل احتمالا للعيش في أحياء محرومة.
لم تضع الجائحة حدا لاتجاه الأشخاص الذين يعملون في سن متأخرة في الحياة. لكنها قد تجعل مستقبلهم أكثر تفاوتا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES