Author

المساهمات العقارية بين المخاطرة والربح

|
الحياة مليئة بالأحداث، والمال هو عصب الحياة وعمودها الفقري وعليه تقوم دورتها وبه تنبض أنفاسها، وكل يبحث عن دخل مالي له، إما أساسي وإما إضافي، وهذا ممدحة للمرء ومعدودة في مناقبه، وعندما يدخل الإنسان في عالم المال واستثماره وطرائق استجلابه، سيكون خيار استثمار العقار، مقدما على غيره لما له من ضمان واستقرار وربح ثابت وإن كان قليلا أو متأخرا، إما في الأرض الخام وتطويرها، أو البناء وله أشكاله وألوانه السكنية والتجارية، والفلل والعمائر والأبراج والمعارض، وما يكون للبيع وما يكون للأجرة ومنها طويل الأجل وقصيره.
وما زالت منتجات السلع العقارية وأدواتها المتعددة في تنوع وزيادة لا حصر لها، ولا يمكن أن تتوقف في حركة مستمرة دائمة، لأنه -أي الاستثمار- يلامس حاجات الناس بل ضرورات الحياة لديهم، فهو استثمار آمن، من دخل فيه ربح، ومن تعامل فيه لمس ثماره ونال بركته، لكن يبقى السؤال المهم: كيف يكون الدخول آمنا والخروج آمنا مع حصول الهدف ونيل الثمرة؟ إن في هذا الشكل من التجارة واللون من جلب المال وحصوله، وهو المساهمة العقارية خطورة بالغة إذا كانت على الصفة غير النظامية، مهما احتاط المساهم لذلك بالعقود أو الوثائق أو التحويل من الحسابات البنكية.
ولو استعرضنا بعض ما يرد في أروقة القضاء من المخاطر، لكفى بها نذيرا لمن يدكر وعبرة لمن يتعظ، فكم من دعوى تقدم بها صاحبها وكانت المساهمة مبلغا نقديا فجحد صاحب المساهمة وحلف على ذلك وذهب المال كله، وكم من صاحب مساهمة ذكر خسارته في المساهمة وأثبت ذلك عند القضاء فذهب المال كله، وكم من صاحب مساهمة غير العين العقارية فجعلها في عقارات خاسرة واختص بالعقارات الرابحة فضاع المال كله، وكم من صاحب مساهمة نفى استلام المبلغ على سبيل الشراكة وإنما على سبيل القرض، فكان للمساهم رأس المال دون الأرباح، فضاعت أعوام الانتظار وتأمل زيادة رأس المال، وكم من مساهم وثق مساهمته بعقد فجحد صاحب المساهمة التوقيع عليه أو الاطلاع، والناجي في هذه الدعاوى قليل والخاسر كثير، وما فائدة الأنظمة التي تطرحها الدولة إلا لتحفظ الحقوق وتمنع الخداع والحيل، وإن من وسائل استرداد ما يمكن من أموال المساهمة وأرباحها الشهادة الموصلة للحق، فلو قام المساهم بإحضار شاهدين معه وأقر صاحب المساهمة بالاتفاق الذي بينهما وهما يسمعان ذلك.
إن القضاء يعظم الشهادة ويحكم بها، ولا يظن صاحب المساهمة أنه ناج من المسؤولية الجنائية التي يمكن للمساهم تحريكها ومن بعدها تكون العقوبات القاسية بانتظاره، ومع ذلك فالسلامة لا يعدلها شيء والوقاية خير من ألف علاج، على أن لكل مشكلة منها حلا، لكن لن يكون مرضيا للحالم في ثمار المساهمة ونتاجها الباهر.
إنشرها