كيف أصبح «نوبانك» شركة مالية برازيلية قيمتها 30 مليار دولار؟

كيف أصبح «نوبانك» شركة مالية برازيلية قيمتها 30 مليار دولار؟
ديفيد فيليز، مؤسس نوبانك، أكبر شركة للتكنولوجيا المالية في البرازيل.

بدعم من المستثمر الأسطوري وارن بافيت، ومع أكثر من 40 مليون عميل، ووجود أحد أكبر نجوم البوب في البرازيل ضمن مجلس إدارتها، لا بد أن "نوبانك" Nubank في ازدهار.
بعد أن بلغت قيمة التقييم 30 مليار دولار في جولة تمويل في وقت سابق من هذا العام، تقدمت الشركة الناشئة في أمريكا اللاتينية الأسبوع الماضي بطلب اكتتاب عام أولي في الولايات المتحدة يمكن أن يحسم مكانها بين أهم شركات التكنولوجيا المالية في العالم.
المجموعة التي تأسست في 2013، والتي تتخذ من ساو باولو مقرا لها، بدأت بتقديم بطاقة ائتمان بدون رسوم من خلال أحد تطبيقات الهاتف المحمول، قبل الانتقال إلى حسابات رقمية مجانية.
طريقتها في ممارسة الأعمال شكلت تغييرا مرحبا به في البرازيل. لطالما فرضت الصناعة المصرفية البيروقراطية في الدولة معدلات فائدة عالية ورسوما للخدمات الأساسية وتركت شريحة كبيرة من السكان مستبعدة. لكن في قطاع التكنولوجيا حيث الخط الفاصل بين الرؤية والضجيج في الأغلب ما يكون ضبابيا، سيتعين على "نوبانك" إقناع مستثمري سوق الأسهم بأن الضجة التي تحيط بها مبررة.
بعد التوسع في المكسيك وكولومبيا، ادعت الشركة أنها أكبر بنك رقمي مستقل خارج آسيا من حيث أعداد العملاء.
رفض التنفيذيون في "نوبانك" إجراء مقابلات. لكن مهمتها المتمثلة في مواجهة البنوك الكبرى وتعزيز الشمول المالي تم التقاطها أخيرا من رئيسها التنفيذي، ديفيد فيليز، حين كتب على موقع لينكد إن: "أولا يتجاهلونك، ثم يضحكون عليك، ثم يقاتلونك، ثم تفوز".
سيكون نجاح الاكتتاب العام الأولي إنجازا آخر لمشهد الشركات الناشئة المزدهرة في البرازيل، الذي يضم أكثر من عشر "وحيدات قرن" - شركات مملوكة للقطاع الخاص تقدر قيمة كل منها بأكثر من مليار دولار - وفقا لمزودة البيانات سي بي إنسايتس.
لم يتم بعد تحديد عدد الأسهم التي سيتم بيعها والنطاق السعري للاكتتاب العام الأولي المقترح، حسبما قالت "نو هولدينقز"، الكيان المسيطر الذي قدم الإيداع الخاص بالاكتتاب.
نشأ "نوبانك" نتيجة إحباط المؤسس المشارك الكولومبي، فيليز، عند محاولته فتح حساب مصرفي في البرازيل أثناء عمله مديرا تنفيذيا في شركة سكويا كابيتال. شركة رأس المال الاستثماري في وادي السيليكون - المعروفة برهاناتها على "جوجل" و"باي بال" و"بيتي دانس" – التي قدمت استثمارا أوليا لـ"نوبانك".
تشرف المؤسسة المشاركة، كريستينا جونكويرا، الآن على العملية البرازيلية ويعمل المؤسس الثالث، إدوارد ويبل، في دور تكنولوجي.
تحدث العديد من الموظفين السابقين، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، عن التركيز على خدمة العملاء وعلوم البيانات والابتكار. ومع ذلك، وصفوا البيئة أيضا بثقافة الكمال التي أدت في بعض الأحيان إلى إبطاء إطلاق المنتجات.
بحسب جويلسون سامبايو، أستاذ التمويل في معهد جيتوليو فارغاس، أكبر تأثير لـ"نوبانك" كان جلب المزيد من المنافسة إلى الخدمات المصرفية البرازيلية. قال: "إلغاء الرسوم، وسهولة التفاعل مع المنصة التكنولوجية، إضافة إلى سهولة الوصول والتواصل الأقل بعدا بين البنك والعميل - كل ذلك سهل الخدمات والابتكار".
منذ إطلاق البطاقات الأرجوانية المميزة لأول مرة، سعى "نوبانك" للتطور إلى مؤسسة مالية كاملة الخدمات. اليوم، يقدم القروض الشخصية، وحسابات التوفير، والحسابات التجارية، والتأمين، ومن خلال الاستحواذ دخل في منتجات استثمارية.
جاء التأييد والدعم عندما استثمرت بيركشاير هاثاواي 500 مليون دولار في حزيران (يونيو). وبذلك انضمت التابعة لوران بافيت إلى قائمة من كبار المساهمين بما في ذلك شركة تايجر جلوبال مانجمنت الأمريكية، ومجموعة التكنولوجيا الصينية تينسنت، وصندوق الثروة السيادية السنغافوري GIC الذين رفعوا إجمالي الأموال التي جمعها "نوبانك" إلى نحو ملياري دولار.
وفقا لتحليل أجرته شركة السمسرة "إكس بي" استنادا إلى بيانات البنك المركزي البرازيلي، تمكنت الشركة من الحصول على حصة نسبتها 5.4 في المائة من سوق بطاقات الائتمان بالتجزئة في البرازيل. ويتم التأكيد على طموحاتها من خلال هدف داخلي يتمثل في الوصول إلى 100 مليون عميل "متحمس".
مع ذلك، حدثت بعض الثغرات على طول الطريق. اشتكى المستخدمون من تعطل الخدمات في عدة مناسبات في 2021، مع ورود تقارير عن تعطل التطبيق وعدم قدرة بعض الأشخاص مؤقتا على دفع الفواتير أو إجراء تحويلات. ولم يرد نوبانك على أسئلة حول هذه الحوادث.
كما لفتت الشركة الانتباه هذا العام بخطوة غير تقليدية حين ضمت إلى مجلس إدارتها المغنية الشهيرة أنيتا التي تبلغ من العمر 28 عاما.
ولأن عدد المستخدمين قفز من ثلاثة ملايين فقط في نهاية 2017، قفزت الإيرادات 79 في المائة إلى خمسة مليار ريال برازيلي (896 مليون دولار) العام الماضي، في حين تقلص صافي الخسائر بمقدار الربع إلى 230 مليون ريال برازيلي. وزادت ودائع العملاء 2.6 مرة لتصل إلى 29 مليار ريال برازيلي.
وكالة تصنيف الديون ستاندرد آند بورز رفعت تصنيف نوبانك ثلاث درجات إلى brAA - بعد أحدث زيادة في رأس المال وسلطت الضوء على "مرونته في مواجهة الآثار الناجمة عن وباء كوفيد - 19".
قال غيلهيرم ماتشادو، المحلل في ستاندرد آند بورز: "قضيتنا الأساسية في 2021 هي أنها ستصل إلى نقطة التعادل ونتوقع أن تتحسن الربحية تدريجيا في المستقبل. لديهم حافظة ائتمان أكثر نضجا في الوقت الحالي، من المفترض أن تؤدي بسهولة إلى نتائج إيجابية في المحصلة النهائية".
هذا بالفعل هو النحو الذي تسير عليه الأمور. سجل نوبانك صافي ربح قدره 76 مليون ريال برازيلي (13.6 مليون دولار) خلال النصف الأول من 2021.
لكن ليس الجميع سعداء. في الشهر الماضي، الشركة - التي لا تمتلك ترخيصا مصرفيا كاملا على الرغم من اسمها - وجدت نفسها منغمسة في خلاف على وسائل التواصل الاجتماعي بين شركات التكنولوجيا المالية البرازيلية والمقرضين المعروفين حول الرسوم ومن يقدم معدلات اقتراض أرخص.
لكن إذا كان نوبانك قد أزعج البنوك الخمسة المهيمنة في البرازيل، فربما أجبرها أيضا على تسريع الإصلاحات ـ أغلقت العديد من الفروع لتقليل التكاليف.
في الوقت نفسه، هناك قطيع من الشركات الناشئة المنافسة يقتفي خطى نوبانك. من بينها C6، وهي شركة "وحيدة قرن" مملوكة 40 في المائة لـ"جيه بي مورجان" منذ حزيران (يونيو) وتقدر قيمتها بما يزيد قليلا عن خمسة مليار دولار، وفقا لسي بي إنسايت.
قال الموظف السابق، أندريه دينيز بيجو، الذي عمل في مجال تطوير الأعمال: "نوبانك اليوم رائد في المجال وسيتم قريبا نسخ كل منتج يطلقه وربما تحسينه قليلا من قبل بعض المنافسين. ستلحق السوق دائما بنوبانك. إذا أصبحت واثقا جدا، فقد يصبح هذا فخا".

الأكثر قراءة