Author

من الرياض .. مبادرات لإحداث التغيير

|

منذ أن تولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة العربية السعودية، وهو يقود جيل المستقبل في بلاده نحو حياة مختلفة ونوعية، فكل المشاريع الاقتصادية، والتحالفات، والاستثمارات التي تولاها مباشرة أو وجه بها، تعمل في جوهرها على بناء مستقبل مزدهر وآمن للبشرية.
ولي العهد في هذا الجهد الجبار لا يمثل شعب السعودية فحسب بل الكثير من شعوب العالم ومستقبلهم على كوكب الأرض، الذي يعاني تقلبات حادة في المناخ والغطاء الأخضر، وبما أصبح يثقل على جميع القضايا والعلاقات البيئية، وينعكس سلبا على صحة الإنسان، وحياته العملية، إضافة إلى التأثيرات غير المباشرة في الاقتصاد والاستثمارات، ومن ثم فرص العمل، والحياة الكريمة.
وقد ينتهي بالعالم في نفق من الأزمات الاجتماعية، والسياسية، التي لا مخرج منها إلا بمبادرات نوعية، فالأمير محمد بن سلمان ومن أرض السلام وقبلة الإسلام، يكافح من أجل حياة أفضل للإنسانية، وقد أطلق منذ فترة عدة مبادرات كبرى على مستوى السعودية والعالم. دوليا، تأتي مبادرات السعودية في مجال الطاقة لتخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول 2030، ليمثل ذلك تخفيضا طوعيا بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات.
وقد أطلقت الرياض خلال اجتماعات قمة العشرين التي استضافتها مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون وبدأت بتنفيذها فعليا في مدينة نيوم، لتقدم دليلا عمليا على نجاحها في إنتاج طاقة نظيفة مع الحفاظ على القدرات الاقتصادية للأمم، وهو الحل العلمي الذي يوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والتنموية للدول والحكومات وبين متطلبات البيئة. كما تبذل جهودها في تقديم تجارب ناجحة أخرى لتقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 في المائة من الإسهام العالمي بتوفير 50 في المائة من إنتاج الكهرباء من خلال مشاريع الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وإزالة نحو 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية من خلال تنفيذ عديد من المشاريع في مجال التقنية الهيدروكربونية النظيفة.
وفي هذا المسار دشن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية، الذي يعد بداية مشاريع الطاقة المتجددة، وتبلغ سعته الإنتاجية 300 ميجاواط. علاوة على رفع نسبة تحويل النفايات على المرادم إلى 94 في المائة، وتزويد المباني، والصناعات المختلفة ووسائل النقل بالطاقة اللازمة بكفاءة، وفعالية، في التقدم والإنجاز، من خلال مشاريع الطاقة المتجددة الحالية التي ستنتج طاقة كافية لتزويد 600 ألف منزل بالكهرباء، ما يعني تخفيض غازات الاحتباس الحراري بما يعادل سبعة ملايين طن سنويا.
كما سيتم استثمار سبعة مليارات دولار سنويا في الحلول التي تسهم في تخفيض نسبة انبعاث الكربون من قبل مبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ (OGCI)، التي تعد أرامكو السعودية عضوا مؤسسا لها، فيما سيتم تخصيص أكثر من 35 مبادرة لتعزيز كفاءة الطاقة في جميع أنحاء البلاد وتقليل استهلاكها وهدرها.
وفي منطقة الشرق الأوسط جاءت مبادرة الأمير محمد بن سلمان لإحداث تأثير عالمي دائم، وبالشراكة مع دول المنطقة حيث ستعمل المبادرة على زراعة 50 مليار شجرة، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، وسيعمل على استعادة مساحة تعادل 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة ما يمثل 5 في المائة من الهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة ويحقق تخفيضا 2.5 في المائة من معدلات الكربون العالمية.
كما أن هذه المبادرة تتضمن العمل مع الدول الشقيقة والصديقة لنقل المعرفة ومشاركة الخبرات، ما سيسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60 في المائة. السعودية تمثل مركزا للقرار والقيادة والامتثال العالمي حيث انطلقت مبادرة السعودية الخضراء لزراعة عشرة مليارات شجرة محليا خلال العقود المقبلة، وإعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.
وفي عام 2030، سيكون هناك زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفا، تمثل مساهمة السعودية بأكثر من 4 في المائة في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1 في المائة من المستهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة. وقد بدأ العمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة من مساحة أراضيها التي تقدر بـ600 ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17 في المائة من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية.
كل نتائج هذه الجهود الجبارة والطموح نحو مستقبل واعد تأتي بشفافية من خلال جلسات النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء في الرياض، والذي افتتحه الأمير محمد بن سلمان وأعلن فيه بدء المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل ثمانية ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراض محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في السعودية أكثر من 20 في المائة من إجمالي مساحتها.
ولي العهد وفي لفتة طموحة أكد عزم السعودية تحويل مدينة الرياض إلى واحدة من أكثر المدن العالمية استدامة، وعن النية للانضمام إلى الاتحاد العالمي للمحيطات، وإلى تحالف القضاء على النفايات البلاستيكية في المحيطات والشواطئ، وإلى اتفاقية الرياض من أجل العمل المناخي، إضافة إلى تأسيس مركز عالمي للاستدامة السياحية، وإنشاء مؤسسة غير ربحية لاستكشاف البحار والمحيطات، حيث تمثل هذه الحزمة الأولى من المبادرات استثمارات بقيمة تزيد على 700 مليار ريال، ما يسهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وإيجاد فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030.
منتدى السعودية الخضراء يعد بذاته رسالة عالمية يقدم فيها كبار خبراء البيئة أدلة وبحوثا علمية على ضرورة حشد جهود المجتمع الدولي بأكمله، وتعزيز الحوار الهادف إلى التوصل إلى حلول فعالة والعمل في منظومة متكاملة من أجل حماية المستقبل انطلاقا من حماية البيئة. وإذا كانت السعودية التي ترسم للعالم الطريق نحو العلاج الفعال للمشكلات البيئية في ظل توازن اقتصادي ضروري، فإن المنتدى يؤكد العزم أيضا على أن تكون جميع المبادرات في سياق نتائج البحوث العلمية، والعملية، الرصينة، والمتقنة، ووفق الأدلة الموثوقة.

إنشرها