ثقافة وفنون

«لعبة الحبار» .. مكائد من أجل البقاء

«لعبة الحبار» .. مكائد من أجل البقاء

مشهد من العمل.

«لعبة الحبار» .. مكائد من أجل البقاء

قرار مغادرة اللعبة لابد أن يكون جماعياً.

«لعبة الحبار» .. مكائد من أجل البقاء

بوستر العمل.

غريزة البقاء على قيد الحياة كانت قالب مسلسل الإثارة الكوري "لعبة الحبار"، الذي استقبله الجمهور بترحاب وحفاوة كبيرين، ليصبح أول دراما كورية تنال هذا الكم من التعليقات ونسب المشاهدة، ومطالب بإصدار جزء ثان من المسلسل العبقري.
المال مقابل الإنسان، هذه المعادلة التي يحاول أن يحل المسلسل ولعبته جزءا منها، مئات اللاعبين ولاعب فائز فقط، في لعبة تحمل رمزية وتحليلا نفسيا دفينا، تقف "الاقتصادية" على جوانبه وملامحه العميقة.

التنافس حتى الموت
تشويق تزداد وتيرته في كل حلقة، حيث تدور أحداث المسلسل حول لعبة البقاء على قيد الحياة، يشارك فيها 456 متسابقا، يعانون ضائقة مالية، ويتنافسون حتى الموت، في محاولة للفوز بجائزة قدرها 45.6 مليار وون "نحو 38.3 مليون دولار".
عدد من الاختبارات النفسية تضمنتها حلقات المسلسل التسع، مدة كل حلقة نحو ساعة، تتضمن ألعابا قديمة، لكن الخاسر ميت لا محالة، مثل لعبة "إشارة خضراء.. إشارة حمراء"، إذ يشير اللون الأحمر إلى التوقف عن المشي نحو الهدف، ومن يضبط يمشي بعد عبارة الإشارة الحمراء يقتله فريق اللعبة فورا، ومن لا يصل إلى الهدف يقتل كذلك.
200 شخص قتلوا في اللعبة الأولى فقط، وخمس ألعاب أخرى من الألعاب المميتة لا تقل رعبا، مثل لعبة شد الحبل، ونحت شكل على قرص من العسل باستخدام دبوس، والمشي على جسر من الزجاج الهش، كما أن قرار مغادرة اللعبة لا بد أن يكون جماعيا، فلا يمكنك الانسحاب من اللعبة بشكل منفرد، وكل لاعب يمكنه قتل أي لاعب آخر خلال ساعات النوم، من أجل تقليل عدد اللاعبين المشاركين في ألعاب المسابقة، دون تحمل أي ملامة أو عقوبة، وغيرها من الألعاب القاسية، التي يجب أن تؤدي في النهاية إلى فائز واحد فقط.
يرتدي اللاعبون في لعبة الحبار زيا أخضر اللون، فيما يلبس صناع اللعبة زيا تنكريا أحمر اللون يخفي وجهه بقناع، يحمل القناع علامات المربع والمثلث والدائرة، في إشارة إلى رتبة هذا الشخص في اللعبة كصانع وحكم ومنفذ لأحكام القتل.
"لعبة الحبار" من كتابة وإخراج هوانج دونج هيوك، واستغرق ستة أشهر لكتابة الحلقتين الأوليين بمفرده، وبعد ذلك التفت إلى أصدقائه للحصول على آرائهم لمتابعة الكتابة.
لكن هذا النجاح كله، هل يؤدي إلى تكملة المسلسل بجزء ثان؟ وفقا لمجلة "فاريتي" فإن هيوك الكاتب والمخرج لا يخطط حاليا لكتابته، ويخطط بدلا من ذلك للعودة إلى كتابة الأفلام المعتادة، لكنه لم ينف قاطعا بتوقف مسيرة "لعبة الحبار"، وعلق على مطالب المشاهدين "إذا كان سيكتب تتمة للمسلسل، فمن المحتمل أن يكون لديه فريق من الكتاب والمخرجين للمساعدة".

اللاعب رقم 1
حملت اللعبة معاني إنسانية، مثل اللاعب 456 "جي هون الفائز في نهاية اللعبة"، كان قد اختار رجلا عجوزا ليكون شريكه، رأفة بحاله، فهو يعاني ورما في المخ، فقرر دخول اللعبة باعتباره في آخر مراحل حياته، لكن اللاعبين الآخرين اختاروا شركاء أقوياء ومغامرين، قادرين على تخطي المراحل المقبلة على قيد الحياة.
تساءل المشاهدون، من هذا اللاعب رقم 1 وما يحمله من سر؟ فقد شكل علاقة تشبه علاقة أب بابنه، ورغم موت الرجل العجوز تضحية بنفسه مقابل فوز شريكه جي هون، إلا أنهما التقيا نهاية اللعبة، حيث تبين أن لذلك العجوز يدا في ابتكار اللعبة وصناعتها، وشارك فيها كلاعب أيضا، لأن التسلية والمتعة ستكون أكبر.

تحليل نفسي
يحمل مسلسل "لعبة الحبار" فلسفة، فغريزة البقاء والشعور بالخطر قد تحول أكثر المسالمين إلى وحوش قاتلة، في لعبة عنوانها الموت، يمثلون مجموعة لاعبين تهددهم الديون الضخمة التي لا يمكن سدادها، فيضطرون إلى المغامرة الأخيرة في حياتهم.
بحسب تحليل لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن الدراما واقعية جدا، تشعل قلقا يؤدي بصاحبه إلى المرض النفسي، فتجمع الديون يولد الشعور بالإنكار والشعور بالعجز، لأن صاحبه غالبا ما يشعر بأنه لا يمكنه فعل شيء، وقد يكون الأمر ساحقا، كما يشعر بوصمة عار كبيرة، فالناس لا يفعلون ذلك، وهو لا يحب الاعتراف بالديون أو طلب المساعدة، ويشعر بأن عليه تدبير الأمر بنفسه، ونقلت عن إحدى الخبيرات قولها "قد لا يكون من قبيل الصدفة، بعد عشرة أعوام من الانهيار المالي العالمي، أن العالم بأسره يشاهد دراما تتمثل رسالتها الرئيسة في (هل يمكنني سداد هذه الديون؟ ألن يكون اللعب حتى الموت أسهل؟)".
الديون كانت سببا في أن يعيش اللاعبون تحت خط الفقر، كثيرون فقدوا عملهم، ومنهم من ينفصل عن زوجته، أو يخسر ابنته، وآخر يرهن متجر والدته، وثالث أصبح مقامرا، بحثا عن الثراء السريع، ليراهن المسلسل على الفقر كتميمة نجاح وحظ، وكانت سببا في فوز الفيلم الكوري "طفيلي" بعدد من جوائز الأوسكار.

الأكثر مشاهدة في التاريخ
في غضون أسبوعين، كان "لعبة الحبار" المسلسل الأكثر مشاهدة في تاريخ منصة البث الترفيهية "نتفليكس"، والأكثر مشاهدة على 90 دولة، ووصل عدد مشاهديه في غضون أيام إلى 111 مليون مشاهدة.
ولعل هذا النجاح، زاد من شغف المشاهدين لتعلم اللغة الكورية، فبحسب تطبيق "دولينجو" زاد عدد الراغبين في تعلمها إلى ثمانية ملايين مستخدم، و76 في المائة زيادة في عدد المستخدمين الجدد الذين اشتركوا لتعلم اللغة الكورية في بريطانيا، و40 في المائة في الولايات المتحدة.
وبلغة الأرقام، نقلت وكالة "رويترز" أن قيمة المسلسل تقدر بنحو 900 مليون دولار، أما إنتاج المسلسل فتكلف فقط نحو 21.4 مليون دولار، وفقا لتقديرات "بلومبيرج"، ففي تقديراتها أن 132 مليونا شاهدوا دقيقتين على الأقل من المسلسل في أول 23 يوما من إصداره.

تحذير من المشاهدة
حث متخصصون وخبراء على عدم السماح للأطفال بمشاهدة مسلسل "لعبة الحبار"، واعتبروا مشاهده العنيفة قد تؤدي إلى تكرارها وتقليدها.
ونقلت صحيفتا "مترو" و"ديلي ميل" عن مجلس بدفوردشير، الذي أرسل بريدا إلكترونيا لكل الآباء في المنطقة، ينصحهم فيه بتوخي الحذر بعد ورود تقارير تفيد بأن الأطفال والشباب يقلدون الألعاب والعنف من المسلسل، في وقت ذكرت فيه تقارير أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ستة أعوام يقلدون مشاهد المسلسل في ملاعب المدارس، ما يؤدي إلى عواقب مميتة، على حد تعبير الصحيفة.
كما حذرت دول مثل السويد وبلجيكا من الأمر ذاته، وذكرت وكالة "الكومبس" السويدية أن التلاميذ في السويد بدأوا تقليد ألعاب المسلسل، رغم تحديد العمر الأدنى للمشاهدة بـ 16 عاما.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون