الطاقة- النفط

محللون لـ "الاقتصادية": لا نهاية لارتفاعات أسعار النفط في المستقبل القريب

محللون لـ "الاقتصادية": لا نهاية لارتفاعات أسعار النفط في المستقبل القريب

انتعاش حركة السفر والتنقل دعمت توقعات الطلب المتزايد على النفط.

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على مكاسب جديدة كانت متوقعة، حيث تجاوز خام برنت مستوى 85 دولارا للبرميل بينما سجل الخام الأمريكي أعلى مستوى في سبعة أعوام وخام برنت أعلى مستوى في ثلاثة أعوام.
وتعود المكاسب إلى استمرار قيود العرض من جانب مجموعة أوبك + ومن خارجها أيضا ما أدى إلى تصاعد مخاوف اتساع العجز في السوق خاصة مع التعافي الواسع والسريع في الطلب العالمي على النفط الخام جراء أزمة الغاز وتسارع النمو العالمي مع تراجع المخاوف من أزمة كورونا إضافة إلى حلول فصل الشتاء الذي يشهد ارتفاعا موسميا في الطلب على الوقود.
ويقول مختصون ومحللون نفطيون إن أسعار النفط الخام واصلت الارتفاع بفعل نقص المعروض من النفط الخام على المدى القصير مع ارتفاع خام برنت حاليا لستة أسابيع متتالية لافتين إلى أن الاتجاه الصعودي في سوق النفط الخام تعزز أكثر بعد تقريري أوبك ووكالة الطاقة الدولية الشهريين اللذين أكدا نقص الإمدادات العالمية.
وأوضح المختصون أن انتعاش حركة السفر والتنقل دعمت توقعات الطلب المتزايد، مشيرين إلى أن دول أوبك + حذرة للغاية في زيادة الإمدادات أكثر مما تم الاتفاق عليه سابقا لأنه من المتوقع أن تبدأ مخزونات النفط العالمية في الارتفاع في 2022.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية" روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن مكاسب الأسعار ما زالت تواصل تسجيل المستويات القياسية بفعل قفزات الطلب العالمي ومحدودية زيادة العرض مرجحا أن الضغوط قد تزداد على تحالف أوبك + في الاجتماع الشهري المقبل من جانب المستهلكين من أجل إضافة المزيد من الإمدادات إلى السوق وتخفيف وتيرة صعود الأسعار.
وأشار إلى أن تحالف أوبك + يدافع عن موقفه الحذر من زيادة الإمدادات بتأكيد حقيقة أن بعض دول أوبك تكافح لزيادة الإنتاج بعدما عانت على أثر الجائحة ومن قبلها نقص الاستثمارات وضغوط المجتمع الدولي لتسريع جهود مكافحة تغير المناخ وتحول الطاقة لافتا إلى أن العديد من الدول المنتجة في التحالف تعاني حاليا بسبب نقص القدرة التشغيلية والامتثال لتخفيضات الإنتاج المتفق عليها ما أبقى إمدادات النفط ضيقة على المدى القصير.
من جانبه، ذكر لـ"الاقتصادية" ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن الطلب على النفط تلقى دعما قويا بعدما حل بديلا للغاز منذ الارتفاع القياسي الحاد في أسعار الغاز الطبيعي وهو ما شجع المستهلكين على التحول إلى زيت الوقود والديزل لتوليد الطاقة خاصة مع اقتراب الطقس الأكثر برودة في نصف الكرة الشمالي.
وأشار إلى أن الاتجاه الصعودي للأسعار سيستمر ما لم تحدث تطورات مفاجئة تزيد المعروض مثل قرار جديد لتحالف أوبك + بمضاعفة الزيادة الشهرية من الإمدادات أو استعانة الولايات المتحدة بالاحتياطي الاستراتيجي من النفط الخام على نحو واسع وبغير ذلك لن يتم كبح المكاسب لافتا إلى بيانات صادرة عن محللين في " كومرتس بنك " تشير إلى أن "هذا الوضع الضيق في السوق يحول دون أي نهاية لارتفاع أسعار النفط الخام والمنتجات النفطية في المستقبل القريب".
بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية" ماثيو جونسون المحلل في شركة " أوكسيرا " الدولية للاستشارات، أن الطلب تلقى دعما قويا أخيرا بسبب زيادة واردات النفط الخام الصينية بعد زيادة حصص المصافي الخاصة مشيرا إلى الدور الرئيس الذي يلعبه الطلب في الصين كقائد ومحرك مؤثر في الطلب العالمي باعتبار أن الصين ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم.
ونوه إلى أن النفط حقق أطول فترة مكاسب أسبوعية منذ 2015 بسبب نقص الغاز الطبيعي وتعافي الاقتصادات الرئيسة من الوباء كما تراجعت الآمال في إحياء الاتفاق النووي مع ايران ومن ثم استبعاد عودة قريبة لصادراتها النفطية مشيرا إلى تأكيد أغلبية الدوائر التحليلية الدولية أن "الطلب يفوق العرض مع اقتراب أشهر الشتاء وهذا من شأنه أن يدعم الضغط التصاعدي على أسعار النفط".
من ناحيتها، قالت لـ"الاقتصادية" نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن الطلب ينمو بقوة في الاقتصادات الآسيوية النامية التي تعتمد بشكل رئيس على الوقود الأحفوري، لافتة إلى أن استهلاك الديزل في الهند يتزايد مع بداية المهرجانات السنوية ما يؤدي إلى العودة إلى ما يقرب من مستويات ما قبل الجائحة.
ونوهت إلى تعافي قطاع الطيران العالمي بعدما عاني كثيرا أزمة الوباء في ذروتها خاصة أن الولايات المتحدة تستعد لفتح حدودها للأجانب الذين تم تطعيمهم اعتبارا من 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
من جانب آخر، استضافت أمانة أوبك في فيينا وميثاق الطاقة وصندوق أوبك للتنمية الدولية ورشة العمل القانونية السنوية الثالثة عبر الفيديو كونفرنس التي تعد جزءا مهما من برنامج أوبك للتوعية الذي من خلاله تسعى المنظمة جاهدة للحوار وتبادل المعرفة والمعلومات مع مختلف أصحاب المصلحة في الصناعة بما في ذلك المنتجون والمستهلكون والمستثمرون وآخرون.
وذكر بيان لمنظمة أوبك أمس، أن الورشة ناقشت عددا من الموضوعات ذات الصلة بصناعة الطاقة مثل القوانين والمشاريع الوطنية المتعلقة بالمناخ وتأثير القوانين في سياسات المناخ.
وقال محمد باركيندو أمين عام أوبك في كلمته في افتتاح الورشة إن هذه الورشة هي نتيجة لالتزام المنظمات الثابت بالعمل معا لمواجهة التحديات المعقدة لعصرنا.
وفي إشارة إلى اجتماع COP26 وهو مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ شدد باركيندو على أهمية المؤتمر والمناقشات التي عقدت في الفترة التي تسبقه، مشيرا إلى أن قضية المناخ لها تأثير كبير في صانعي السياسات والمديرين التنفيذيين في الشركات والمجتمع المدني وبالتالي العديد من قوانين المناخ الوطنية.
وأكد الأمين العام على الحاجة إلى تطوير نهج عادل وشامل لمواجهة تحدي تغير المناخ من أجل ضمان مشاركة المجتمع العالمي بأكمله بما في ذلك الدول النامية.
وأضاف باركيندو قائلا "نحن جميعا نتشارك هذا الكوكب ونحن بحاجة إلى التعددية في قلب مستقبل الطاقة والمناخ والتنمية المستدامة"، موضحا أن أوبك كمنظمة حكومية دولية كانت دائما عضوا بارزا في نظام متعدد الأطراف.
وتابع باركيندو مؤكدا العديد من القضايا ذات الاهتمام العالمي مثل فقر الطاقة وإمكانية الوصول إلى مصادر طاقة موثوقة ومستدامة وبأسعار معقولة.
وذكر باركيندو أنه من المهم الإشارة إلى أن أوبك كانت باستمرار دافعا لكل من التنمية المستدامة والجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ مع التركيز على الحاجة إلى الاستفادة من جميع الحلول لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع تأثيرها وفي الوقت نفسه ضمان الحصول على الطاقة للجميع.
وسلط الأمين العام الضوء على إمكانات النفط والغاز الطبيعي في دعم جهود التخفيف من آثار تغير المناخ، مضيفا "نحتاج إلى إظهار كيف يمكن لصناعة النفط والغاز أن تعزز مواردها وخبراتها وتساعد على إطلاق مستقبلنا الخالي من الكربون من خلال دورها كمبتكر قوي في تطوير حلول تكنولوجية أنظف وأكثر كفاءة للمساعدة على تقليل الانبعاثات".
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية أمس لتوسع مكاسبها لليوم الرابع على التوالي، ليسجل الخام الأمريكي أعلى مستوى في سبعة أعوام، وخام برنت أعلى مستوى في ثلاثة أعوام، بفعل تصاعد مخاوف اتساع العجز في السوق، في ظل تسارع مستويات الطلب العالمي، بالتزامن مع امتناع تحالف أوبك + عن إقرار زيادة جديدة في الإمدادات.
وارتفع الخام الأمريكي بنسبة 1.5 في المائة إلى مستوى 83.71 دولار الأعلى منذ كانون الأول (أكتوبر) 2014، من مستوى الافتتاح عند 82.47 دولار، و سجل أدنى مستوى عند 82.47 دولار.
وصعد خام برنت بنسبة 1.4 في المائة إلى مستوى 86.02 دولار للبرميل الأعلى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018، من مستوى الافتتاح عند 84.84 دولار، وسجل أدنى مستوى عند 84.84 دولار.
وعند تسوية الأسعار الجمعة، حقق الخام الأمريكي ارتفاعا بنسبة 1.3 في المائة، وصعد خام برنت بنسبة 1.0 في المائة، ثالث مكسب يومي على التوالي.
وعلى صعيد تعاملات الأسبوع الماضي، حققت أسعار النفط العالمية ارتفاعا بمتوسط 3.25 في المائة، في ثامن مكسب أسبوعي على التوالي، ضمن أطول سلسلة مكاسب أسبوعية منذ آذار (مارس) 2015.
وموجة الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط، تأتي بفعل تصاعد مخاوف من نقص المعروض واتساع العجز في السوق، خاصة بعد قرار تحالف أوبك بلس الأخير، الاحتفاظ بسياسة الإنتاج الحالية دون إقرار أي زيادات جديدة في الإمدادات.
وفي الوقت نفسه، تتسارع مستويات الطلب العالمي على النفط، خاصة مع تزايد وتيرة تحول استخدامات الوقود من الغاز إلى النفط، عقب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي لمستويات قياسية جديدة.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 83.54 دولار للبرميل الجمعة مقابل 82.50 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي وإن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.54 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط