FINANCIAL TIMES

منطقة آسيا والمحيط الهادئ على طريق التعايش مع كوفيد - 19

منطقة آسيا والمحيط الهادئ على طريق التعايش مع كوفيد - 19

التزام بالتباعد واستخدام الكمامات في نيوزيلندا.

من الحقول الريفية في نيوزيلندا وضواحي الشواطئ الأسترالية إلى المرتفعات الشاهقة في سنغافورة، يواجه الناس واقعا جديدا مخيفا: التعايش مع فيروس كورونا في مجتمعاتهم.
بعد أكثر من 18 شهرا من أنظمة لا هوادة فيها للقضاء على الفيروسات، تتجه الحكومات عبر آسيا والمحيط الهادئ إلى المجهول، على أمل أن تكون معدلات تلقي اللقاح عالية بما يكفي لتبرير تخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي وإعادة فتح الحدود.
من بين هذه الدول نيوزيلندا وسنغافورة، وهما دولتان يحتفى بهما بوصفهما معيارا ذهبيا لاستجابتهما الأولية للجائحة.
بالنسبة إلى كثير من الخبراء، برزت سنغافورة باعتبارها تجربة مهمة لتحديد متى تكون تغطية التحصين كافية للتخفيف من القيود على التنقل المحلي والتباعد الاجتماعي كذلك الضوابط الحدودية.
في حزيران (يونيو) توقعت الدولة المدينة أنها يتعين عليها التعايش مع الفيروس. تم الآن تلقيح نحو 84 في المائة من سكان الدولة البالغ عددهم 5.5 مليون نسمة بالكامل. لكن تم توقيف خطط تخفيف القيود بعد زيادة مفاجئة في أعداد حالات الإصابة.
قال بين كولينج، أستاذ علم الأوبئة في جامعة هونج كونج: "إذا جرت الأمور على نحو جيد في سنغافورة، عندها أتوقع أنه سيكون هناك دافع أقوى (...) للسير على خطاها".
في كثير من الدول، تم تعقيد تنفيذ الخطط الجديدة لتخفيف إجراءات عمليات الإغلاق من قبل المواطنين غير المستعدين للتعايش مع الفيروس.
قال رودني جونز، خبير اقتصادي يركز على آسيا، تستخدم نماذجه لمواجهة الجائحة من قبل الحكومة في نيوزيلندا: "سيكون ذلك هو التحدي. يجب عليك القيام بالأمر على خطوات. الوضع مضطرب، كما هي الحال في سنغافورة، والآن في نيوزيلندا ونيو ساوث ويلز. يجب أن يسير الأمر على هذا النحو، لا توجد هناك طريقة أخرى للقيام بذلك".
يجادل السكان، والشركات والسياسيون في جميع أنحاء المنطقة حول توقيت إعادة الفتح وتدرجاته. هناك أيضا قلق بشأن ما إذا كانت الأنظمة الصحية قادرة على مواجهة حالات التفشي الحتمية للمتحور دلتا شديد العدوى.
يقول جونز: "كان هناك شعور بأن القضاء على الجائحة يحقق نجاحا، نحن قادرون على فعل هذا، كل شيء تحت سيطرتنا، نستطيع المتابعة والتعقب، يمكننا إيقاف أي تفش بطريقة منخفضة التكلفة"، لكن لم تكن هناك أي حاجة ملحة إلى تلقي اللقاح".
"أصبح دلتا مغيرا لقواعد اللعبة (...) انقلبت استراتيجيات أستراليا، ونيوزيلندا، وسنغافورة رأسا على عقب".
يبلغ عدد الوفيات أقل من سبع آلاف حالة وفاة في الصين، وهونج كونج، وسنغافورة، وأستراليا ونيوزيلندا مجتمعة. يقابل هذا، مثلا، أكثر من 136 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة.
لكن الفشل في القضاء على متحور دلتا أدى إلى نهاية مفاجئة لاعتماد المنطقة على العزل، وأجبر قادتها، بمن فيهم لي هسين لونج، رئيس سنغافورة، وجاسيندا أرديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا، على مواجهة خياري الحياة أو الموت.
تعمل حكومة أرديرن على التوفيق بين المهام المتعارضة المتمثلة في فرض الإغلاق في أوكلاند، وهي أكبر مدينة في البلاد، مع خطط متزامنة لإعادة فتح الحدود والسماح بالمهرجانات الموسيقية الصيفية.
يقول كثير من السكان في سنغافورة – حتى الذين تلقوا اللقاح – إنهم يسعون جاهدين للتكيف بعد عامين تقريبا من الحملات الحكومية المكثفة حول مخاطر الفيروس.
قال يونج كيات، وهو سائق سيارة أجرة سنغافوري، إنه يشعر بالقلق من الارتفاع الأخير في عدد حالات الإصابة وأشار إلى مشاعر القلق والارتباك المنتشرة على نطاق واسع بين الناس الذين يحصلون على نتيجة إيجابية لفحص الفيروس.
قال: "ثبتت إصابة أحد أصدقائي، وهو يعيش مع أطفاله وأحفاده. تم إخباره بعزل نفسه لكن ذلك كان صعبا في منزله. لم يحصل على إجابة واضحة لأيام حول ما يجب فعله أو إلى أين ينبغي له الذهاب. بعد ذلك، أصيب أفراد الأسرة أيضا بالعدوى".
لا يزال كثير من النيوزيلنديين قلقين للغاية بشأن قدرة المستشفيات ووحدات الرعاية المركزة في البلاد.
بعد النجاح في كبح الفيروس في الأشهر الأولى من الجائحة، تم إلقاء اللوم على الحكومات في المنطقة بسبب تصرفها البطيء لتأمين اللقاحات. الآن تم إحباط حملة التلقيح الخاصة بهم بسبب التردد بين بعض شرائح سكانها.
في ملبورن، مثلا، اشتبك المتظاهرون مع الشرطة في الأسابيع الأخيرة بسبب اللقاحات الإجبارية لبعض العمال.
يتفق الخبراء على أنه مع تخفيف القيود، سيكون هناك ارتفاع حتمي في عدد حالات الإصابة.
يقول كولينج: "هذا هو الضبط الدقيق للسياسة الصعب بالفعل. بصفتي خبيرا في الصحة العامة، أنا متردد في الدفاع عن استراتيجية لها تأثير صحي (سلبي). قد يكون من المثالي أن يكون هناك عالم لا يوجد فيه مزيد من حالات الإصابة بكوفيد. لكن في الواقع، لا أعتقد أنه شيء يمكن تجنبه إلى الأبد".
بينما ينبغي عدم "الاستهانة" بخطر الإصابة بكوفيد في جميع الفئات العمرية، تقترح الأبحاث أن التوزيع العمري لتغطية التحصين هو "المهم حقا"، كما قال جونز.
وفقا لخبراء اللقاح " تحتاج حقا إلى تحصين نحو 100 في المائة ممن (تزيد) أعمارهم على 65 عاما، ونحو 95 في المائة ممن تزيد أعمارهم على 50 عاما. هذه هي المقاييس الأساسية بالتأكيد"، كما قال.
في الوقت نفسه، لم تظهر الصين أي إشارة لابتعادها عن استراتيجيتها للقضاء على الفيروس على الرغم من سلسلة من حالات تفشي الإصابة بالمتحور دلتا. ألغت بكين السماح للمتفرجين من خارج البلاد بحضور دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي ستعقد في شباط (فبراير)، على الرغم من إعطائها أكثر من 2.2 مليار جرعة لقاح ووصول معدلات التلقيح إلى نحو مليون شخص يوميا.
ترى بيتي وانج، خبيرة اقتصادية في مصرف أيه إن زد ANZ، أن هناك احتمالا ضعيفا لتغير بكين موقفها من دورة الألعاب الأولمبية التي ستعقد في شباط (فبراير) المقبل.
بالعودة إلى نيوزيلندا، كما هي الحال في سيدني وسنغافورة، يشعر الناس بالقلق حيال الخطوات القادمة التي سيتخذها قادتهم.
قال مايكل روبينز، وهو مالك شركة لموسيقى الريجي ومنسق أغان قضى فترة حجر في كاوكاباكابا، وهي منطقة ريفية شمال غرب أوكلاند: "من المؤسف أننا لم نستطع القضاء عليه باعتبارنا دولة. لدى الحكومة قرار صعب حقا ينبغي لها اتخاذه خلال الأشهر المقبلة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES