FINANCIAL TIMES

السوق ذات العائد المرتفع مكان تموت فيه الشركات

السوق ذات العائد المرتفع مكان تموت فيه الشركات

شهدت سوق السندات المالية ذات العائد المرتفع للتو دورة كساد وازدهار قصوى في ديون شركات الطاقة. أو أن تقلبات الأسعار في العام الماضي، حسب أفقك الزمني، كانت مجرد جزء من سلسلة من الانخفاضات والارتفاعات الحادة في دورة أطول بكثير حيث يتقلص جزء كبير من قطاع الطاقة نحو الزوال. فكتب تاريخ السوق لا تزال قيد التدوين.
بالنسبة إلى غير المطلعين، تصبح الشركات ذات عائد مرتفع (أو تصبح أقل ربحية أو بشكل أكثر دقة "غير مرغوب فيها") بإحدى طريقتين. إما أن تصدر سندات ذات تصنيف غير مرغوب فيه وإما يتم خفض تصنيفها الائتماني من الدرجة الاستثمارية إلى سندات ذات عائد مرتفع لأنها واجهت فترة صعبة، لتصبح ما يعرف بالسندات الهابطة من الدرجة الاستثمارية.
على الرغم من أن الطلاب الذين يجتازون منهج المبادئ المالية 101 يعلمون أن الميزانيات العمومية المثقلة بالديون ينبغي ألا تتزامن مع تقلب أسعار السلع، إلا أن السوق ذات العائد المرتفع قد ضمنت هذه الصناعة التي بددت المال لأعوام قبل أن تبدأ أسعار النفط والغاز في الانخفاض في 2014.
حققت السندات غير المرغوب فيها لشركات التنقيب والإنتاج عائدا سلبيا 30 في المائة في 2014 ـ 2015، وهي مرحلة شهدت إفلاس أكثر من 20 في المائة من قطاع الطاقة ذي العائد المرتفع.
عندما أظهر النقاد عائدات مؤشر إكس إنيرجي ذي العائد المرتفع في 2015، لم يكن لذلك علاقة بالمعايير البيئية والاجتماعية وقضايا الحوكمة. بل كان لإثبات مدى الازدهار في بقية السوق.
لم يكن من المستغرب أن صناعة قطاع الطاقة شهدت حالات تخلف عن السداد كثيرة عقب موجة التمويل، كما قال مستثمرون بعد أن هدأت الأمور في 2016. وكان لسان حالهم يقول، "لن نكرر الخطأ نفسه".
لكن يطلب من مستثمري العائد المرتفع في بعض الأحيان تصحيح أخطاء الآخرين. لم تتم استشارتنا بشأن التمويل الأصلي لشركة أوكسيدنتال بتروليوم، مثلا. لكنها أصبحت في 2020 ثاني أضخم شركة ذات سندات هابطة وأكبر مصدر للسندات غير المرغوب فيها في قطاع الطاقة بمعدل أربعة أضعاف في آذار (مارس) من العام الماضي.
فجأة، ونتيجة لذلك، انتقل ما قيمته 40 مليار دولار من السندات الرخيصة جدا إلى فئة السندات ذات العائد المرتفع لكي نقوم بتحليلها. جزء مهم من أداء العائد المرتفع للمستثمر يعتمد على فهم ذلك بشكل صحيح.
حققت السندات غير المرغوب فيها لشركات الطاقة عائدا بلغ 82 في المائة منذ تراجع حدة الجائحة، مقابل 28 في المائة لمؤشر بلومبيرج للسندات ذات العائد المرتفع للشركات الأمريكية. باعتبارها إحدى أكبر الصناعات ذات العائد المرتفع، بوزن ترجيحي 13 في المائة من مؤشر القطاع، فإن مدير المحفظة يتجاهلها بسبب خطورتها. ولإجراء مقارنة، فإن شركات الطاقة تشكل 8 في المائة من سوق الشركات ذات الدرجة الاستثمارية ونحو 3 في المائة من مؤشر ستاندرد آند بورز 500. ربما تقول إن السوق ذات العائد المرتفع هي السوق التي تذهب إليها شركات الطاقة كي تموت ـ أو تستعيد روحها.
ومع زيادة الرغبة في المخاطرة، أقرض مستثمرو العائد المرتفع عشرة مليارات دولار إلى شركة أوكسيدنتال في 2020 بسندات تنخفض تباعا، ما مكنها من إعادة تمويل ديونها بآجال استحقاق 2021 -2022. يتم الآن تداول سندات شركة أوكسيدنتال بعائد 3.5 في المائة لعام 2029 بفارق نقطتين مئويتين أو أقل مقارنة بسندات الخزانة الأمريكية - وذلك ليس ببعيد عن تقييمها بدرجة استثمارية.
ربما تفوتك هذه السندات ذات العائد المرتفع بلمح البصر، إلى جانب كثير من السندات الهابطة من الدرجة الاستثمارية. دورة رفع الدرجة الاستثمارية ستترك بئرا كبيرة وجافة في سوقنا. فيما مضى، كانت إحدى الدروس التاريخية ذات الصلة هي دورة خفض التصنيفات الائتمانية للمصارف في 2008، التي شهدت دخول مليارات من السندات المصرفية الهجينة إلى مؤشر السندات غير المرغوب فيها بعائد سنتات على الدولار - وفي بعض الحالات، تنتعش بعوائد تبلغ عشرة أضعاف.
أما الآن عندما يطلب العملاء، بشكل منطقي، تحليلا يتعلق بشركات الطاقة، فلن تكون أي من الإجابات مرضية. هل تتخلص من السندات وتتخلى عن العائد الإضافي البالغ نحو 0.6 نقطة مئوية التي تقدمها الصناعة مقارنة بمؤشر السوق القياسي؟ أم تتمسك بها، للحصول على آخر جزء من التقدير حينما يتم رفع تصنيف السندات الهابطة مرة أخرى إلى الدرجة الاستثمارية؟ أم هو الأمل للحصول على تفويض إدارة الصندوق بناء على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، الذي يتخذ القرار بعيدا عنك؟
السؤال الأصعب هو، هل تصبح سندات شركات الطاقة ذات العائد المرتفع ذات أهمية في غضون خمسة أعوام من الآن؟ أم سنرى دورة كبيرة من السندات التي هبطت من الدرجة الاستثمارية؟ تذكر أنه كان لدى أكبر ثلاث شركات أمريكية لتصنيع السيارات والمتاجر الكبرى سندات ذات تصنيفات ائتمانية بدرجة A ذات مرة.
بناء على خبرتنا مع الصناعات المختلفة التي تهاوت في عالمنا، فإن المستثمرين في السندات غير المرغوب فيها هم في مكان متميز يؤهلهم لكي يشيروا إلى أن دورة شركات الطاقة هذه بعيدة كل البعد عن النهاية.


*مديرة محفظة سندات مالية في شركة باركسديل لإدارة الاستثمار والمؤلفة المشاركة لكتاب "غير متنوع: القصور الكبير بين الجنسين في إدارة الاستثمار"

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES