Author

الاستثمار الأجنبي وآثاره

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
تسعى المملكة إلى إحداث تطورات وتنمية اقتصادية غير مسبوقة بعيدا عن الاعتماد على دخل النفط. والاستثمار أداة كبرى للتحقيق. ويدخل في هذه التطورات وأدواتها الاستثمارية الدفع بصورة أكبر وأقوى تجاه اكتساب السعودية وشبابها المعرفة والخبرات الأجنبية العالية المستوى في مختلف المجالات، خاصة التقنية. ومن الركائز الأساسية في هذا الاتجاه تشجيع الاستثمار الأجنبي، وبصورة أبين تشجيع الشركات العالمية على الاستثمار النوعي، وعلى جعل مقارها ومراكزها الإقليمية على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي في السعودية، ضمن استراتيجية مدروسة.
الحوافز كثيرة. فأولا الاقتصاد السعودي هو أكبر اقتصاد إقليمي. وبيد الدولة عدة خيارات تحفيزية من دعم وتسهيلات وإعفاءات وغيرها. ويقود الحملة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وظهرت الحملة جلية في عدة أحداث؛ كاللقاء السنوي لمستقبل الاستثمار الذي ينظم سنويا كل شتاء عادة. وأنشئت له مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار.
الفرص واعدة لبناء علاقات قوية مع شركات عالمية بما ينفع الطرفين الدولة المستضيفة السعودية والشركات.
من المهم القول إن تعزيز الاستثمار الأجنبي ليس هدفه الأول الحصول على المال، فالبلاد - بحمد الله - غنية، وهي داعم كبير للمحتاجين في العالم؛ خاصة في العالمين الإسلامي والعربي. الهدف الأكبر يصب في خدمة تحقيق رؤية 2030 هو تعزيز وتقوية جهود التطوير والتنمية الاقتصادية في البلاد عبر نقل وتوطين نوعي للتقنية والخبرات والمهارات. ووجود قوي راسخ لتلك الشركات العالمية في البلاد وبما تملكه من تقنية وخبرات، ومعلومات عن الأسواق الخارجية، يسهم في تحقيق النقل والتوطين بأعلى كفاءة وسرعة ممكنتين. ويسرع من ذلك ما نشهده من انفتاح اقتصادي كبير في البلاد.
بقية المقال عن آثار الاستثمار الأجنبي عالميا. تستهدف الدول خاصة بعضها، الشركات العالمية. وعلى رأس الأهداف تحسين ورفع جودة:
أولا: التشريعات والتنظيمات الحكومية.
ثانيا: الاستثمار في قطاعات صناعية وإنتاجية متعددة.
ثالثا: تحسين دور القطاع الخاص في العملية الإنتاجية الوطنية.
رابعا: تحسين إنتاجية شباب البلد المستضيف.
خامسا: تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ما مدى تحقق هذه الأهداف؟ بعبارة أخرى، ما قوة تأثير الاستثمار الأجنبي في عملية النمو الاقتصادي في الدول المستضيفة؟
يحتاج الأمر إلى فحوص واختبارات باستخدام أدوات معيارية تجريبية موضوعية؛ كالاقتصاد القياسي. وجود علاقة قوية وتأثير قوي مسألة مفهومة. لكن الطموحات في تحقيق فهم أعمق لماهية وبنية العلاقة بين الاستثمار الأجنبي المباشر والنمو الاقتصادي. الفهم الأعمق يساعد على تصنيف وتمييز بعض محددات الاستثمار الأجنبي المباشر وآثارها الاقتصادية بصورة أدق.
على سبيل المثال، انتهت دراسات إلى أن الشركات متعددة الجنسيات غالبا أفضل في الوصول إلى الأسواق الخارجية ودعم التصدير، مقارنة بالشركات المحلية للدولة المضيفة. والتبرير أن تلك الشركات متعددة الجنسيات تملك قنوات خارجية ومهارات تسويقية أعلى بصفة عامة. خلاف النظرة التقليدية التمييزية في الناس.
بينت دراسات عديدة تأثير تلك الشركات الأجنبية في نمو إنتاجية عوامل الإنتاج. كما بينت دراسات أثرا قويا في زيادة المنافسة في الأسواق المحلية.
تأثير الاستثمار الأجنبي في النمو الاقتصادي يكون مباشرا وغير مباشر. التأثير المباشر يعتمد كثيرا على القدرة الاستيعابية للبلد المضيف، وعلى مستوى المساهمة في تكوين رأس المال الثابت الكلي.
من أمثلة الآثار غير المباشرة أنه يزيد الطلب على التمويل في السوق المحلية. وهذا قد يرفع تكاليف التمويل أو لا يرفعها اعتمادا على حجم المعروض من الموارد المحلية. في بلادنا، مثلا، لا نعاني شحا في هذا الجانب.
للاستثمار الأجنبي تأثيرات في التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول. بعبارة أخرى، الدول أمام تحديات متزايدة، نظرا للتطورات من تقنية وغير تقنية. والتحديات قد تجر إلى تكتلات، بصفتها وسيلة قوية لمواجهة التحديات.
للاستثمار الأجنبي المباشر تأثيرات مختلفة في مساعي التنوع الاقتصادي.
الاستثمار الأجنبي ليس معصوما من الزلل. فقد يجنح مستثمرون أجانب إلى استيراد متطلبات استثمارهم من الخارج رغم توافرها محليا. وهذا يزيد من فاتورة الواردات.
ما سبق يبين أن دور ومدى جودة الاستثمار الأجنبي يتأثران بعوامل على رأسها طبيعة وظروف وإمكانات الشركات الأجنبية المستضافة وظروف وإمكانات الدولة المضيفة. وهي نقاط محل اهتمام استراتيجية الاستثمار السعودية المعلنة حديثا. وبالله التوفيق.
إنشرها