Author

بمعايير محكمة الحياة تعود لطبيعتها

|
قرار المملكة العربية السعودية الأخير بخفض الإجراءات الاحترازية الصحية التي كانت قد فرضت بسبب تفشي فيروس كوفيد - 19، يؤكد جودة الإجراءات، والقوانين، والخطة الصحية الانضباطية المحكمة التي وضعتها منذ بداية انتشار الجائحة عالميا. كانت الخطوات الاحترازية ثابتة، قوية، وسريعة، من أجل توفير أكبر قدر من الحصانة على الساحة المحلية، كما أنها كانت صارمة فيما يتعلق بإقفال الحدود والطيران مع الدول الخارجية، فالوباء كان قد انتشر بسرعة فلكية في كل أرجاء العالم، وضرب بقوة مناطق لا تزال تعاني آثاره.
هذا الانتشار كان طبيعيا فيما لو نظرنا إلى الترابط العالمي بشكل عام في كل الميادين، والساحات، واتساع رقعة الحدود المرنة، أو المفتوحة دوليا، فضلا عن التداخل الذي يفرضه الحراك التجاري، والسياحي، والنقل، وغير ذلك من الميادين الأخرى.
القرار السعودي بخفض الإجراءات الاحترازية أخيرا، أتى في الواقع بعد أن نجحت البلاد في تحسين المجتمع بأعلى معايير الجودة، وتم نشر الثقافة الصحية، والانضباطية، بشتى الطرق والوسائل، فصرامة الوقاية كانت السبب الأول المباشر للوصول إلى هذه النقطة، التي ينتظرها الجميع، ويسعى إليها العالم، كي تعود الحياة إلى طبيعتها التي كانت حاضرة قبل تفشي الوباء، وأن يمضي الحراك في كل ساحة كما كان.
ولأن الأمر كذلك، فقد حققت السعودية قفزات نوعية لم تستطع دول كثيرة تحقيقها، وذلك بعد أن قدمت القيادة الدعم والخدمات بكامل طاقاتها في أوج انتشار كورونا عبر تهيئة المستشفيات، والمراكز الصحية، مع نشر المراكز الأخرى المتخصصة للدعم اللوجستي الصحي وتوفير الأدوات، والأدوية، والمستلزمات الصحية، من أنابيب أكسجين واللقاحات اللازمة، التي تقدم للمراجعين، والمرضى.
كما تم تقديم كل ما يلزم للمحافظة على المكتسبات الاقتصادية، والتنموية، والأهم من كل هذا، التمكن من حصر الأضرار الصحية على المجتمع بكل شرائحه، في أضيق مساحة ممكنة. كانت النتيجة الطبيعية، أن تكون السعودية من أوائل الدول التي خفضت الإجراءات الاحترازية، تمهيدا لعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.
الأرقام تشهد وتوضح النتيجة النهائية لنجاح خطة السعودية في مواجهة الفيروس، حيث بلغ إجمالي الجرعات المعطاة من لقاح كورونا في جميع المدن والمحافظات نحو 44.5 مليون جرعة، كما أن إجمالي حالات التعافي ارتفع إلى 536900 حالة، فيما بلغت نسبة التعافي نحو 98.4 في المائة من إجمالي الحالات، ووفق هذه النتائج الإيجابية جاء القرار الأخير بتخفيف الإجراءات الاحترازية الصحية. هذه الخطوة تأتي في الوقت الذي وصل فيه المجتمع السعودي إلى أعلى درجات التحصين من الوباء، فكان إلغاء التباعد الذي فرض منذ اليوم الأول للقيود الحكومية، والسماح باستخدام كامل الطاقة الاستيعابية في التجمعات للمحصنين بجرعتين.
هذه الإجراءات وغيرها، تمت بعد تأكيدات الجهات الصحية المختصة حول التقدم الذي تم إحرازه على صعيد التطعيم، ومع تراجع عدد حالات الإصابة بالفيروس. كما تتهيأ البلاد حاليا إلى فك مزيد من القيود بشكل تدريجي وذلك وفق الأوضاع الصحية المطمئنة، ووصول أعداد المحصنين بالجرعات إلى مستويات كبيرة. جهود ضخمة قدمتها حكومة المملكة وكان منها ما تم في سبيل تسهيل إجراء الحج أثناء الجائحة فكان حجا استثنائيا منظما، رغم الظروف الصعبة.
وبعد ذلك عادت السعودية لتفتح أبواب العمرة للمعتمرين تدريجيا وفق أعداد محددة، وإجراءات دقيقة حرصا منها على سلامة المعتمرين وصحتهم، إلى أن وصلت إلى مرحلة استقبال الحرمين لآلاف المعتمرين، والزوار، بفضل تسهيل الخدمات وتوافرها، فيما يشهد الحرمان اليوم استقبال المعتمرين والزوار بكامل طاقتهما الاستيعابية.
الجهود الكبيرة التي بذلتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، كان لها الأثر الأكبر في الوصول إلى هذه المرحلة التي تسعى إليها أي دولة.
وهنا نستذكر الدور الكبير الذي قادته السعودية من خلال رئاستها السابقة لـ"مجموعة العشرين" حيث أسست لحراك عالمي ليس فقط من جهة تخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل الدول الفقيرة، بل أيضا من خلال إيصال اللقاحات في كل مكان لتحصين البشرية من وباء لم تكن مستعدة له أصلا.
القيادة عملت في عام الجائحة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وحققت النجاحات المطلوبة التي تصون البلاد، بل اختصرت المساحة الزمنية الفاصلة لعودة الأمور إلى طبيعتها، كما وفرت الحكومة إمكانات استثنائية صحية من مستشفيات ومراكز صحية، وحشدت الكوادر الطبية المؤهلة، واحتوت على أثر ذلك واحدا من أشد الأوبئة بشاعة على مستوى العالم في التاريخ الحديث.
إنشرها