FINANCIAL TIMES

ما دور "برايس ووترهاوس كوبرز" للتصدي لأزمة "إيفرجراند"؟

ما دور "برايس ووترهاوس كوبرز" للتصدي لأزمة "إيفرجراند"؟

لو أن "إيفرجراند" مدرجة في لندن وليس في هونج كونج، فإن السياسيين والمنظمين سيكونون بالفعل في وضع يسمح لهم بفحص عمل مدققي الحسابات.
توسعت شركة تطوير العقارات الصينية بشكل كبير منذ تأسيسها في 1996. وقد نمت لتصبح واحدة من أكبر الشركات الصينية، مع أكثر من ألف مشروع عقاري في 234 مدينة وإجمالي الالتزامات 300 مليار دولار - أي ما يعادل نحو 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للصين. وهي الآن في خضم أزمة، وتتأرجح على شفا التخلف عن سداد بعض أقساط قروضها.
في حساباته للنصف الأول من هذا العام، أعرب مجلس إدارتها عن مخاوفه بشأن قدرة الشركة على الاستمرار كمنشأة مستمرة - وهي واحدة من المرات الأولى التي أقرت فيها "إيفرجراند" علنا بمشكلاتها المالية الخطيرة. ومع ذلك، قبل ستة أشهر فقط، قام مدققو حساباتها القدامى
"برايس ووتر هاوس كوبرز" بالتوقيع على بياناتها المالية دون أي تحذير من هذا القبيل.
إذا تعثرت الشركة عن السداد وحدثت عملية إعادة هيكلة مالية معقدة - أو إفلاس - فستبدو مثل قصة مألوفة لمراقبي التدقيق في المملكة المتحدة، الذين شاهدوا التداعيات المدمرة على مهنة التدقيق من انهيار الشركات من "كاريليون" إلى "توماس كوك".
كما في هذه الأمثلة، وافق مدققو "إيفرجراند" - الذين حصلوا على 271 مليون رنمينبي "42 مليون دولار" منذ 2009 - على الأرقام التي قدمتها لهم الإدارة لأعوام. ومثل نظرائها الذين قاموا بتدقيق تلك الشركات في المملكة المتحدة، قد تواجه "برايس ووتر هاوس كوبرز" انتقادات بشأن مستوى التحدي المطبق ضد الإدارة بشأن السياسات المحاسبية التي كان من الممكن أن تظهر علامات تحذير حول الصحة المالية للشركة. رفضت "برايس ووترهاوس كوبرز" التعليق على عمليات تدقيقها على "إيفرجراند" لأنها مشاركة مباشرة للعميل.
لطالما بدا جانب الالتزامات في الميزانية العمومية لـ"إيفرجراند" هشا. في الواقع، حتى مع تكدس بعض المستثمرين الكبار في سنداتها، معتقدين أن الحكومة الصينية لن تسمح أبدا لشركة بحجمها وأهميتها بالإفلاس، شاهد كثيرون آخرون كارثة تنتظر حدوثها على الهامش.
من بين التزاماتها البالغة 300 مليار دولار، كان لدى "إيفرجراند" ديون مستحقة بقيمة 89 مليار دولار في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، كان 42 في المائة منها مستحقا في غضون عام، وفقا لوكالة التصنيف "إس آند بي"، التي خفضت تصنيف الشركة في آب (أغسطس) الماضي. قدر المحللون في "جي بي مورغان" أن صافي المديونية لدى "إيفرجراند" - ديونها كنسبة مئوية من أسهمها - أكبر بكثير من 100 في المائة المبلغ عنها في حساباتها بسبب مليارات الدولارات من الديون خارج الميزانية العمومية.
من المحتمل أيضا أن تكون جودة أصول "إيفرجراند" واحدة من المشكلات الرئيسة التي يتم انتقاؤها إذا قام الدائنون برفع الغطاء.
في 2016، زارت شركة أبحاث المحاسبة جي إم تي ريسيرش ومقرها هونج كونج 40 موقعا لتطوير "إيفرجراند" وخلصت إلى أن هناك حاجة إلى 150 مليار رنمينبي من عمليات شطب الأصول - ثم ثلاثة أضعاف حقوق المساهمين. ادعت أن "إيفرجراند" سمحت لأعوام لمشاريع فاشلة مثل الفنادق المهجورة بالتراكم في ميزانيتها العمومية دون عمليات شطب.
كما تعاملت "جي إم تي" مع كيفية تصنيف "إيفرجراند" لمواقف السيارات والعقارات التجارية في مشاريعها السكنية في حساباتها. وقالت إن الشركة "أقنعت" برايس ووترهاوس كوبرز بقبول تصنيفها على أنها عقارات استثمارية، وليس كمخزون للأصول التي سيتم بيعها.
كتبت "جي إم تي"، "هل مراجعوها نائمون؟ حسب حساباتنا الشركة مفلسة ولا تساوي حصتها شيئا".
في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وجنوب إفريقيا، واجه المدققون انتقادات وتدقيقا شديدا عندما انهارت الشركات. كما أصبحت قضايا إهمال المراجع شائعة في إجراءات الإعسار في الأعوام الأخيرة.
في آسيا، تجنبت شركات التدقيق كثيرا من هذا الجلد العلني ولكن مخاطر السمعة في هذا الجزء من العالم آخذة في الازدياد. لقد أصبح "الأربعة الكبرى" عالقون بالفعل في توترات جيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين بشأن الوصول إلى وثائق التدقيق الخاصة بالشركات الصينية المدرجة في نيويورك. وأدت فضيحة محاسبية في "لوكين كوفي" الصينية بشأن المبيعات المزيفة إلى أسئلة حول جودة أعمال التدقيق التي أجرتها "إي واي".
من المرجح أيضا أن يكون المدققون في مرمى نيران المنظمين في بكين. أعلنت وزارة المالية الصينية أنها ستحاول تحسين جودة عمليات تدقيق الشركات في 2021، وفرض "تطبيق صارم للقانون والإشراف الصارم".
وهذا يعني أن "برايس ووترهاوس كوبرز" قد ينتهي بها الأمر ليس فقط في مواجهة الغضب المشترك لمستثمري "إيفرجراند" وعملائها إذا ساءت مشكلات الشركة ولكن أيضا قوة بكين.
أما بالنسبة إلى المدققين "الأربعة الكبرى" عموما، فإن هذا تذكير بأن المخاطر العامة والسياسية والتنظيمية أصبحت مشكلة دولية أكثر من أي وقت مضى.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES