FINANCIAL TIMES

سلسلة إمدادات أمريكية مرتبكة .. اضطراب فوق اضطراب

سلسلة إمدادات أمريكية مرتبكة .. اضطراب فوق اضطراب

بسبب القلق من مشاكل سلسلة التوريد المتزايدة، أنشأت إدارة بايدن فريق عمل لصياغة استجابة.

سلسلة إمدادات أمريكية مرتبكة .. اضطراب فوق اضطراب

حصل البيت الأبيض على تعهدات من شركات ذات ثقل كبير في القطاع الخاص لتمديد ساعات عملهم.

منذ أن بدأت الجائحة في التلاشي، كان الأمريكيون في فورة شراء غير عادية. أحد مقاييس ذلك هو السجل اليومي لسفن الحاويات المتوقفة خارج الموانئ المزدحمة في لوس أنجلوس ولونج بيتش - نقطة الدخول لنحو 40 في المائة من البضائع المستوردة إلى الولايات المتحدة.
وصل طابور السفن المكدسة بحاويات ذات ألوان زاهية إلى رقم قياسي بلغ 73 سفينة حاويات راسية في 19 أيلول (سبتمبر)، وبحلول نهاية الأسبوع الماضي لا تزال ممتدة على مرمى البصر - ما أدى إلى إحباط تجار التجزئة وأصبح رمزا وطنيا لسلسلة إمدادات أمريكية مرتبكة وعفا عليها الزمن.
كان عجز الموانئ منذ فترة طويلة عن مضاهاة العمليات التي تجري على مدار الساعة وسبعة أيام في الأسبوع في نظيراتها الآسيوية مصدر إحباط لمسؤولي النقل في إدارة الرئيس جو بايدن، التي كشفت هذا الأسبوع عن سلسلة من الإجراءات لتخفيف الازدحام في أكبر مجمع موانئ في نصف الكرة الغربي - والحفاظ على انتعاش الاقتصاد الأمريكي في المسار الصحيح.
وقال البيت الأبيض إنه حصل على تعهدات من شركات ذات ثقل كبير في القطاع الخاص مثل "وولمارت"، و"يو بي إس" و"فيديكس" لتمديد ساعات عملهم. وبشكل حاسم، حصل أيضا على التزامات من اتحاد المخازن والشواطئ الدولي لإضافة نوبات عمل والتحرك نحو جدول عمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في عملياته في جنوب كاليفورنيا.
والسؤال هو عن مدى السرعة التي ستتمكن بها هذه الإجراءات من تحسين حركة البضائع عبر شبكة وطنية معقدة تتجه إلى نقطة الانهيار. فالولايات المتحدة تواجه نقصا في مساحة المستودعات وسائقي الشاحنات، وسيتطلب التحول إلى التشغيل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، تنسيقا هائلا بين الموانئ التي تديرها الحكومة ومجموعات القطاع الخاص، بما فيها كبار تجار التجزئة وشركات الشحن.
وفي الأسبوع الماضي، قال جين سيروكا، المدير التنفيذي لميناء لوس أنجلوس، لصحيفة "الفاينانشال تايمز"، إنه يشك في إمكانية نجاح العمليات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع دون تعاون مجموعة واسعة من مشغلي القطاع الخاص.
وقال، "إذا جاء يوم يمكننا فيه أن نفتح على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وكانت أجزاء أخرى من منظومة سلسلة التوريد تفعل الشيء نفسه، فسيكون ذلك رائعا لنا جميعا. ولكن لديك قيود اليوم".
يجادل مسؤولو إدارة بايدن والموانئ بأن الالتزامات من شركات القطاع الخاص - التي تشمل أيضا "تارجت"، و"هوم ديبوت" و"سامسونج" - ستساعد على تخفيف هذه القيود. ومع ذلك، إن الـ3500 حاوية إضافية التي يتوقع أن تنقلها تلك الشركات كل أسبوع تمثل جزءا صغيرا من الإجمالي الذي يمر الآن عبر الميناء، وفقا لمتخصصي الخدمات اللوجستية.
إن المخاطر عالية. فقد كان لضغوط سلسلة التوريد هذا العام آثار مضاعفة في جميع أنحاء الاقتصاد ما أضر بتجار التجزئة والمصنعين في الولايات المتحدة.
لقد حذرت شركة "نايكي" من نقص المخزون وتواجه شركة "كوستكو" مشكلة في الاحتفاظ بما يكفي من ورق التواليت في المخزون. وفي إعلان خفض سهمها بمقدار الخمس، وصفت شركة البيع بالتجزئة بيد باث آند بيوند تحديات سلسلة التوريد التي واجهتها بأنها "غير مسبوقة". ولجأ بعض كبار تجار التجزئة، بمن فيهم "وولمارت" و"كوستكو"، إلى استئجار السفن لنقل البضائع.
إن هناك شعورا بالإلحاح مع اقتراب موسم تقديم هدايا عيد الميلاد. فمن المرجح أن يضيف الصداع اللوجستي والعمالة والتصنيع مجتمعة 223 مليار دولار أخرى إلى تكاليف تجار التجزئة الأمريكيين في موسم العطلات هذا، حسب تقديرات شركة "سيلزفورس". وهذا بدوره يمكن أن يرفع الأسعار التي يدفعها المستهلكون مقابل هداياهم، على افتراض أنها متاحة للشراء.
ويقول ستيف دينتون، الرئيس التنفيذي لشركة "ويرتوجو"، التي تساعد برمجياتها تجار التجزئة على إيجاد مساحات للتخزين، إن مبادرة البيت الأبيض لن تحل جميع الاختناقات التي يعانيها التجار. إضافة إلى المستودعات المكدسة، "هناك نقص في سائقي الشاحنات والقطارات تعمل بكامل طاقتها"، كما يقول. "لديك مستويات قياسية من المخزون في البلد بالفعل. يجب التخلص من هذا المخزون لإيجاد مساحات أولا. إلى أين سيذهب كل شيء؟" بحسب دينتون.
ويتم الشعور بمشكلات مشابهة في سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم. فمنذ أكثر من 20 شهرا منذ الاندلاع الأولي للفيروس التاجي الذي أجبر الصين على إغلاق المصانع وإيقاف أقوى آلة تصدير في العالم، لا يزال التدفق العالمي للبضائع في حالة من الفوضى. وفي أوروبا، تضررت الصناعة الألمانية من نقص في كل شيء من رقائق الكمبيوتر إلى المعادن المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية، بينما عانت المملكة المتحدة طوابير طويلة وتوترات في محطات الوقود بسبب نقص الوقود.
يقول بريان ويتلوك، أحد كبار المديرين في شركة "جارتنر"، "أود أن أقول إن السوق التي نحن فيها اليوم لم تختبر هذا من قبل، على الأقل في حياتي. ربما يكون هناك خمول في منطقة المحيط الهادئ أكثر مما رأيناه من قبل. لقد رأينا اضطرابا يعلوه اضطراب فوقه اضطراب، ولسنا قادرين على إصلاح الشبكات قبل حدوث الاضطراب التالي".
إن قوة طلب المستهلكين في الولايات المتحدة مقارنة بأوروبا تعني أن أكبر بوابات البلاد مسدودة بشكل غير متناسب. وتبقى أكبر نقاط الاختناق حتى الآن في ميناءي لوس أنجلوس ولونج بيتش، اللذين واجها تأثيرا مزدوجا لكميات حاويات الشحن القياسية والزيادة في التسوق عبر الإنترنت منذ بدء تفشي المرض.
وقال سيروكا، "قوة المستهلك الأمريكي تظهر هنا كل يوم".
ووفقا لمايكل فارليكاس، الرئيس التنفيذي لشركة "إي تو أوبن"، التي تسجل برمجياتها ربع حركات الشحن البحري العالمي، إن الموانئ أكبر الاختناقات في سلسلة التوريد الأمريكية في الوقت الحالي. ويقول "هذه الإنتاجية ثابتة في الطبيعة. ويتم إصلاحها من خلال الجغرافيا والسعة"، مشيرا إلى أنه بينما أصبحت سفن الحاويات أكبر من أي وقت مضى، فإن قدرة الموانئ الأمريكية على تفريغها لم تواكب ذلك. ويقول إن الإجراءات التي أعلنها البيت الأبيض "ستتطلب مزيدا من الزيادات في أسعار العمالة في شكل زيادة في الأجور والمزايا".
لقد أسهمت اضطرابات سلسلة التوريد في ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة - فقد ارتفعت الأسعار الاستهلاكية 5.4 في المائة في أيلول (سبتمبر) الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 13 عاما - وأثارت أسئلة جديدة حول نقاط الضعف في سلاسل التوريد الآنية. وخلص بعض الخبراء إلى أن الوقت قد حان أخيرا "نقل عمليات التصنيع إلى دول قريبة"، أو نقل مزيد من الإنتاج إلى أسواق أقرب إلى الوطن، مثل المكسيك.
وبسبب القلق من مشكلات سلسلة التوريد المتزايدة، أنشأت إدارة بايدن في حزيران (يونيو) الماضي فريق عمل لصياغة استجابة. وتم تعيين جون بوركاري، مسؤول النقل السابق في إدارة أوباما، للعمل مع الموانئ لإزالة الاختناقات.
في مقابلة قبل إعلان البيت الأبيض، قال بوركاري إن الموانئ كان ينبغي أن تتجه نحو العمل على مدار الساعة قبل وقت طويل من الجائحة، مشددا على ضرورة الحاجة إلى مستوى عال من التنسيق بين كبار تجار التجزئة وشركات النقل بالشاحنات والمستودعات، وشركات السكك الحديدية والشحن. وعلى الرغم من أنه قال إنه ليس من المعقول تصديق أن الموانئ يمكنها "الضغط على مفتاح" والانتقال إلى التشغيل المستمر على وجه السرعة، إلا أنه لم يكن يشك في أن ذلك يجب أن يحدث.
وأضاف: "الواقع أن معظم العالم في بيئة تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وأن السفن تصل في جدول زمني على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. يجب أن تكون العملية 24 ساعة وسبعة أيام إذا أردنا مواجهة تحديات القرن الـ21".

"معدلات باهظة وابتزازية"
إن الأزمة التي تواجهها موانئ لوس أنجلوس، تماما كما تعتمد عليها المتاجر لضمان ألا تكون الأرفف فارغة في ذروة موسم البيع، ترجع أصولها إلى فترة طويلة قبل هذا العيد، وقبل ذلك بكثير في سلسلة التوريد العالمية.
كانت أنماط الشحن في المحيط الهادئ قد أصيبت بالارتباك بسبب المعارك التجارية بين إدارة ترمب والصين، حيث تسابق المستوردون لجلب البضائع قبل فرض الرسوم الجمركية الجديدة وتنويع مصادر التوريد. ثم جاءت جائحة فيروس كوفيد -19، وتسببت أولا بإغلاق المصانع في الصين ثم أدت إلى تغيير أنماط الشراء لدى المستهلكين الأمريكيين.
فقد تراجعت أعداد الشحنات في ميناء لوس أنجلوس في الربع الأخير من 2019، 16 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه بسبب التعريفات التي فرضها ترمب، تلاها انخفاض 19 في المائة على أساس سنوي في الأشهر الخمسة الأولى من 2020 بسبب تفشي كوفيد -19. وفي الأشهر الأخيرة، تسببت عمليات الإغلاق في الموانئ الصينية في كل من شنتشن ونينغبو، إلى جانب إغلاق المصانع في فيتنام، في حدوث اضطرابات جديدة.
يقول فارليكاس، "لقد خفضت الشركات توقعاتها الإنتاجية بشكل كبير للمضي قدما، متوقعة بذلك تباطؤا عالميا طويل الأمد". وأضاف "لقد مرت الأمور بسرعة جدا قبل أن نرى التحول إلى ارتفاع الطلب".
وبسبب الإنفاق الحكومي، فقد ارتفع طلب المستهلكين من أدنى مستوياته في نيسان (أبريل) 2020، وظل مرتفعا بشكل غير اعتيادي. وأوضح ماريو كورديرو، المدير التنفيذي لميناء لونغ بيتش، قبل إعلان البيت الأبيض، أن الطلب كان هو العامل الحاسم الذي سيحدد ما إذا كانت التأخيرات في منشأته ستبدأ في الانفراج أم لا.
في الوقت الحالي، يبقى الطلب على أشده في الولايات المتحدة تحضيرا لأعياد الميلاد. وقد عجل تجار التجزئة بطلبات العطلات الخاصة بهم تحسبا للتأخيرات المتعلقة بسلسلة التوريد، ما أدى إلى ارتفاع كبير في تكلفة توصيل البضائع. وقالت شركة "بيد باث آند بيوند"، إنها خصصت ميزانية مضاعفة لتغطية تكاليف الحاويات في الربع الأخير؛ وبدلا من ذلك فقد قفزت هذه التكاليف 150 في المائة.
وكما يقول جويل باينز، الرئيس المشارك لممارسة استشارات البيع بالتجزئة في "أليكس بارتنر"، "يدفع الناس أسعارا باهظة وابتزازية للحاويات، لكن ما زال بإمكانك الحصول على البضائع من هنا. لكنك لن تحصل على كل ما تريده، وقتما تريد، وأينما تريد، بالتكاليف نفسها".
ويوضح جيمس زان، محرر دليل هدايا للمستهلكين ويدعى توي إنسايدر، "لم ير أحد مثل هذا الأمر من قبل". وكما يقول إن مشكلات التوزيع المحلية قد أدت إلى تفاقم التأخيرات في الموانئ لتسبب نقصا إقليميا، ما يجعل مهمة العثور على المنتجات المطلوبة مثل الشخصيات التمثيلية هي-مان وألعاب "سكويشمالوز" المحشوة - أمرا غير مؤكد البتة.
ويضيف زان، أن الألعاب الأكبر حجما، مثل بيت دمى" أو إم جي هاوس أوف سيربرايزيز" الذي يزيد سعره على 200 دولار، قد تأثرت بشكل خاص، لأنه لا يمكن وضع كثير منها في حاوية واحدة.
وقد أسدى زان نصيحة أنه إذا وجد أحد الوالدين اللعبة التي يرغب فيها طفلهم بشدة، "فاحصل عليها اليوم لأنها قد لا تكون متوافرة في الغد. ولا توجد سبيل لمعرفة ما إذا ستتم إعادة تخزين هذه الأشياء بحلول موسم الأعياد".

هل حان وقت نقل التصنيع إلى دول مجاورة؟
كان التعامل مع طلب المستهلكين - بما في ذلك مدة التوصيل السريع التي يتوقعها المتسوقون عبر الإنترنت - بمنزلة صدمة لأنظمة الموانئ في جنوب كاليفورنيا.
واعترف كورديرو بأنها "كانت دعوة للاستيقاظ"، الذي قال إن الميناء قد اتخذ بالفعل إجراءات أخرى للتخفيف من الأزمة في العام الماضي.
فمن أجل إنزال الحمولات من السفن حتى في حال عدم توافر الشاحنات والقطارات، على سبيل المثال، كان على ميناء "لونغ بيتش" أولا أن يخصص قطعة أرض مساحتها 17 فدانا كمنصة انطلاق للحاويات. وقد اضطروا فيما بعد إلى توسيع تلك المساحة لتصل إلى 64 فدانا.
فيما يرغب كورديرو برؤية مزيد من "الحالة الذهنية التي تتمتع بها شركة أمازون من حيث كيفية إيجاد مزيد من الكفاءة والحركة"، متفقا مع زميله في ميناء لوس أنجلوس المجاور على وجوب استمرار العمل على مدار 24 ساعة في اليوم، وعلى مدى سبعة أيام في الأسبوع.
وقال، "موانئ المنشأ تعمل 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع"، وذلك في إشارة إلى الموانئ الآسيوية حيث تنطلق معظم السفن منها. وأضاف، "وبصفتنا كميناء، نحتاج إلى البدء في التفكير بطريقة موانئ المنشأ نفسها".
ومع وجود المستودعات بالقرب من الموانئ التي تعمل بكامل سعتها، فإنه من غير الواضح أين ستذهب أي من الحاويات الإضافية التي يتم تفريغها في الساعات الإضافية، وكذلك فإن العثور على عدد كاف من الأشخاص المستعدين للعمل في نوبات ليلية وأيام الأحد يبدو أمرا صعبا في سوق العمل التي تعاني ضغوطا شديدة.
وفي الأسابيع الأخيرة، قام ميناء "لونغ بيتش" بتجربة العمل على مدار 24 ساعة في اليوم خلال أيام الأسبوع، بارتفاع من 16 ساعة، ولكن لا يزال هناك نقص في سائقي الشاحنات الذين يعتمد عليهم في نقل البضائع.
ومرة أخرى، يقع اللوم هنا على ظروف العمل المشددة. حيث يقول كريس بروكس، نائب الرئيس الأول للموارد البشرية في "أولد دومينيون فرايت لاين"، إنه يسعى بجد إلى توظيف سائقي الشاحنات لملء نحو 360 شاغرا وظيفيا في منطقة لوس أنجلوس ومئات الشواغر الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وفي ذلك إشارة إلى وجود نقص على مستوى البلاد بنحو 60 ألف سائق شاحنة في جميع أنحاء الولايات المتحدة حتى قبل وقوع الجائحة، وهو يعرض على السائقين في منطقة لوس أنجلوس مكافأة عند توقيع العقد وقدرها خمسة آلاف دولار، وقد رفع رسوم تحويل الموظفين إلى ألف دولار.
ويقول، "لقد استفدنا كثيرا من مستويات العمل الأعلى من المعتاد مع التعافي الاقتصادي والطلب المرتفع القادم من التجارة الإلكترونية". وتابع قائلا، "إننا نوظف كثيرا من الموظفين لتلبية هذا الطلب ومع وجود اختناقات في الموانئ فنحن نعتقد أن مستويات العمل هذه ستستمر خلال فصل الشتاء وفي العام المقبل".
لكن حتى في الوقت الذي يكافح فيه مشغلو الموانئ في كاليفورنيا للتعامل مع المطالب الشديدة والضغوط السياسية اليوم، فإنهم قلقون بخصوص التحديات في المدى الطويل.
قال كورديرو إن اضطرابات كوفيد كانت غير متوقعة، لكن "ما لم يكن غير متوقع أيضا هو الحجم المستمر للعمل الذي سيحدث على الساحل الغربي في الأعوام المقبلة. ويحتاج هذا المجمع إلى البدء في التفكير أنه بعد أن تنحسر الأزمة الحالية، فإنك ستستمر في التعامل مع تلك الأحجام الكبيرة من العمل".
لقد وضع المستوردون الأمريكيون رهاناتهم بالفعل، الأمر الذي أدى إلى زيادة حركة المرور إلى الموانئ من سياتل إلى سافانا.
يقول شون وايتهاوس، العضو المنتدب لشركة "أكسينتشر" التي تركز على سلاسل توريد تجارة التجزئة، إن قضاء عشرة أيام أخرى في البحر لتحويل شحنة من الصين إلى ميناء الساحل الشرقي لا يزال حلا غير منطقي. وبدلا من ذلك، فقد "بدأ تجار التجزئة في البحث عن مصادر مختلفة للإمداد، وجلب المنتجات عبر موانئ الساحل الشرقي حتى لا يواجهوا مشكلة. لكن هذا الحل ليس سريعا".
التحدي هو أن تلك الموانئ، أيضا، قد أصبحت مكتظة.
لقد حفزت الأزمات التي أثرت على عديد من الروابط في سلسلة التوريد العالمية حديثا متجددا عن قيام الشركات المصنعة الأمريكية بإعادة بعض الإنتاج الذي يقومون به الآن في آسيا إلى الولايات المتحدة، أو على الأقل في دولة قريبة منها.
يقول فارليكاس إن عملاءه قد أصبحوا أكثر حذرا من وضع كل صناعاتهم تقريبا في بلد مثل الصين. وقال، "بدلا من امتلاك 90 في المائة من الإنتاج في منطقة جغرافية واحدة، فسأجعلها 30/30/40 – حيث أقسمها بين ثلاث مناطق جغرافية".
وقال كورديرو من ميناء "لونغ بيتش"، أيضا، إن تكلفة الشحن قد "عجلت" نقاشا عن نقل التصنيع إلى دول الجوار والتي أثارتها الحروب التجارية. وقال إن بإمكان البرازيل والمكسيك أن تصبحا أكثر مصادر الإمداد أهمية للشركات الأمريكية، ويأمل أن تأتي بضائعهما عن طريق البحر بدلا من القطارات أو الشاحنات، لكنه حذر قائلا، "لا أرى حدوث أي تغيير على المدى القصير. لأن الصين ستستمر في كونها مركز التصنيع".
ومع احتمال أن يظل الاقتصاد الأمريكي معتمدا بشكل كبير على تجارة المحيط الهادئ، فإن ميناءي لوس أنجلوس ولونغ بيتش يحتاجان إلى مزيد من الاستثمار لتعزيز طاقتهما الاستيعابية. ويخصص مشروع قانون البنية التحتية الذي اقترحه كلا الحزبين، وأيدته إدارة بايدن، 17 مليار دولار للموانئ، لكن كورديرو قال إن التمويل العام وحده لن يكون كافيا. وبدلا من ذلك، يبدو أنه يأمل في أن تنجذب شركات الأسهم الخاصة إلى العائدات المحتملة من الاستثمار في البنية التحتية للموانئ الأمريكية.
ومع ذلك، لا يزال هناك أمر آخر غير معروف يتربص على الواجهة البحرية، حيث تواجه موانئ الساحل الغربي مفاوضات تعاقدية مع إنترناشونال لونغشور واتحاد المستودعات العام المقبل. حيث قد يؤدي أي توقف عن العمل إلى مزيد من الفوضى، ما يعوق جهود إدارة بايدن.
وقال كورديرو، "يبدو أن لدينا هدفا مشتركا يتمثل في عدم الخوض في نقاش مطول هنا على أن أكون متفائلا. لكنه أضاف، "ما زال هناك الكثير على المحك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES