default Author

شخابيط

|
في زوايا أوراقك المهملة وعلى صفحات دفاترك القديمة تجد هناك رسما لوردة أو مكعبات متداخلة ودوائر لا منتهية أو رسما تخطيطيا لوجه الجالس قبالتك أو شعر من هو أمامك. تتأملها طويلا ولا تدري ما الذي حمل قلمك ويدك لترسم هذه الخطوط أثناء محاضرة ما أو اجتماع أو خلال مكالمة طويلة، قد تبدو لك تلك الشخابيط بلا معنى لكن الخبراء لهم رأي آخر. هل تساءلت يوما عما تخفيه تلك الشخبطات؟!
إنها نوع من أنواع الهروب من الواقع إلى عوالم أخرى، ولكنه هروب لحظي ولفترة قصيرة، تلك اللحظات أو الدقائق وجد فيها العلماء ضالتهم فقد اكتشفوا أنها تمنحنا فرصة للتعبير عن ذواتنا دون قيود، وعدوا تلك الأوراق والقصاصات بمنزلة ساحة حرة تفعل بها ما تريد بعيدا عن أعين الفضوليين، ووسيلة لتتحدث إلى ذاتك الحزينة أو المحبطة أو حتى السعيدة بصمت، دون أن تحتاج إلى تبرير تصرفاتك، فعقلك اللاواعي هو المتحكم، يوجه قلمك حيث شاء فتجدك ترسم وردة أو مربعا أو خطوطا متعرجة دون أن تدري لماذا ترسم هذا الشكل بالذات، وفي نهاية المحاضرة أو المكالمة تجد شخبطاتك تحولت إلى لوحة فنيه "فن الدودلز"!
كثير من اللوحات الفنية لأشهر الرسامين كانت بدايتها مجرد شخابيط طوروها إلى أن أصبحت لوحة فنية مكتملة الأركان، ومن أشهرها لوحة الموناليزا لدافنشي، ولوحة نساء في غرفة الزينة لبيكاسو. هذه الرسومات والخطوط العشوائية تعبر عن أصحابها، حياتهم ميولهم مشكلاتهم حالتهم النفسية، لذا قرر ديفيد شولسون تاجر القطع الأثرية جمع خربشات المشاهير فقد كان يعدها نافذة مطلة على أرواحهم!
فإذا كنت تكثر من رسم أي من وسائل النقل، يدل ذلك على رغبتك في الهرب أو التنصل من المسؤولية، أما إذا تميزت برسم المثلثات دوما فأنت تمتلك القدرة على حل المشكلات وتجاوزها، وإذا كنت تكرر كتابة حرف معين أو كلمة بذاتها، فأنت تعاني الوسواس القهري. حتى موقع الخربشة في الورقة له دلالات فإذا كنت تكتب في الجهة اليسرى فأنت محاصر بالماضي. أما في الجهة اليمنى فتعني أنك شخص اجتماعي، أما الوسط فيعني أنك تريد أن تكون محط اهتمام، كما يعد وجود ورقة مشخبطة في موقع الجريمة كنز للمحققين!
وعلى عكس المتوقع فقد أثبتت الدراسات أن الشخبطة أثناء المحاضرات أو الاجتماعات تزيد من التركيز، وفي الوقت نفسه توطد علاقتنا بخيالنا دون أن تعزلنا عن واقعنا، ويحتفل العالم 17 أيلول (سبتمبر) باليوم الوطني للشخبطة!
إنشرها