أخبار اقتصادية- عالمية

قطاع السلع الفاخرة مهدد بخسارة سوق صينية مزدهرة

قطاع السلع الفاخرة مهدد بخسارة سوق صينية مزدهرة

"الرخاء المشترك"، برنامج حكومي صيني يدعو الصينيين إلى التخلي عن أذواقهم الاستفزازية والمتعة الفردية الفاحشة، أثار مخاوف قطاع السلع الفاخرة الأوروبية من خسارة سوق مزدهرة. هذا البرنامج دفع مصرفي سويسري إلى القول إن "أفق السلع الفاخرة سيظلم في السوق الصينية".
هذا البرنامج أسفر عن لوائح صينية جديدة، وهذه بدورها أدت إلى إعلان "مبادئ توجيهية سلوكية" للمشاهير في البلاد، الذين لم يعد عليهم بعد الآن التباهي بثرواتهم علنا، أو إظهار المتعة أو النزعة الفردية.
وتوجيهات إمبراطورية الوسط لشعبها، المعروف تاريخيا بالانضباط على مدى الحقب، أثارت مخاوف قطاع السلع الفاخرة الغربي بأن يؤثر هذا الأمر في جميع السكان، خاصة الطبقة المتوسطة إلى جانب العليا، ما يكون له تأثير سلبي في الطلب على قطاع السلع الكمالية الأوروبية، ويتزايد خطر ضعف أرباحها، ويمكن أن يؤثر في أداء القطاع منذ ذروة حزيران (يونيو) الماضي.
ويقول، بيتر كامري، من مصرف "ساكسو بنك" السويسري الخاص، لقد زاد اهتمامنا أخيرا بالصين، بسبب تباطؤها الأخير المتزامن مع بداية أزمة الإسكان وظاهرة نقص الكهرباء التي أدت إلى انخفاض إنتاج الصلب. الآن، يضاف إلى هذه الرياح المعاكسة، حملة الإجراءات التقييدية الأخيرة التي قادتها الحكومة الصينية باسم "الرخاء المشترك" ضد السلع الفاخرة.
قبل ذلك، كان هناك اتجاه تقييدي لقطاع التقنية، كألعاب الفيديو، ومضاعفة التحكم في بيانات مستخدمي وسائل الاتصال الحديثة التي يتم التحكم فيها أصلا، والغرامات الباهظة التي تعاقب الشركات الأجنبية الكبيرة للحد من المنافسة.
ويضيف، كامري، في مقال له: يبدو أيضا أن إعادة التوجيه الثقافي للمجتمع الصيني جزء من فكرة "الرخاء المشترك" هذه، فقد وضعت السلطات الصينية أخيرا لائحة جديدة لسلوك المشاهير تنوي جعلهم يتخلون عن "أذواقهم المبتذلة والاستفزازية". وأيضا "التخلي عن الاهتمام بالأفكار المنحطة لعبادة المال ومذهب المتعة والفردية الفاحشة"، حسبما جاء في التوجيهات.
ويعلق، كامري، على التوجيهات الصينية بالقول: هذه التوجيهات التي جاءت في إطار فكرة "الرخاء المشترك" تقول للصينيين بعبارة أخرى، "عليك أن تكون أقل أمريكية في التعبير عن شخصيتك"، وأنه لم يعد من المقبول بعد الآن أن يعرض المشاهير ثرواتهم وسلعهم الاستهلاكية الفاخرة مثل سياراتهم أو ملابسهم أو مجوهراتهم، "ما سيؤثر بشكل مباشر في عادات الشعب الصيني بأكمله".
ويقول المصرفي السويسري: هذا التوجه يشكل خطرا على قطاع الرفاهية، الذي استفاد من عقد من النمو القوي في السوق الاستهلاكية في الصين، حيث تتعطش الطبقة العليا الصينية للسلع الفاخرة الأوروبية.
ويضيف: حققت سلة العلامات التجارية الأوروبية الفاخرة الأكثر عرضا في الصين نموا 126 في المائة منذ بداية 2016، مقابل 56 في المائة فقط لمؤشر ستوكس 600 "STOXX 600" لسوق الأسهم الذي يضم 600 من رؤوس الأموال الرئيسة لسوق الأسهم الأوروبية.
وتابع، لكن سلة العلامات التجارية الأوروبية الفاخرة فقدت ما يقرب من 12 في المائة من ذروتها في حزيران (يونيو) الماضي، بعد السلسلة الإخبارية للوائح الصينية وإصرار السلطات على "الرخاء المشترك".
وتوضح الجداول الإحصائية التي أوردها المصرفي السويسري 12 شركة أوروبية لتصنيع المنتجات الفاخرة الأكثر مبيعا في الصين على الرغم من أن بعضها الأقل شهرة في السلع الفاخرة من وجهة نظر وسائل الإعلام، من بينها "ريمي كوانترو" و"مونكلر إس بي أي". تقع هاتان العلامتان التجاريتان الفاخرتان في الطرف الأعلى من الأسعار ونطاقات المكانة المرموقة. العلامات التجارية العشر الأخرى تتعلق بأزياء الملابس والساعات.
يقول، كامري، إن قطاع الرفاهية الأوروبية قد عانى بالفعل في 2013 عندما دفع التباطؤ الاقتصادي الصيني الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ضد الهدايا الفاخرة كجزء من حملة لمكافحة الفساد. يضيف: نعتقد أن الجمهور الصيني سيظهر هذه المرة الدعم نفسه الذي أظهره خلال الحملة الأولى ضد السلع الفاخرة الأوروبية.
يقول: "نشعر بأن أفق السلع الفاخرة سيظلم في السوق الصينية، وانخفاض الأرباح تلوح في أفق المصنعين الأوروبيين".
يفسر المصرفي السويسري الحملة الصينية الجديدة بأنها تقع ضمن مجهود الصين لإعادة توجيه اقتصادها نحو نموذج جديد يركز على الحد من عدم المساواة، والاعتماد على السلع والتقنيات الرئيسة الصينية للفوز بالسباق ضد الولايات المتحدة.
ويضيف: من المرجح أن تستمر هذه التغييرات حتى انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، "الذي سيقوم بتأكيدها".
هذا دفعه للقول: "نوصي بأن يقلل المستثمرون من أهمية شركات التقنية الصينية في التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات المحتوى وألعاب الفيديو، مع زيادة وزن شركات المنتجات الاستهلاكية وشركات التقنية".
غير أن، يوان زو، رئيس قسم أوروبا للسلع الفاخرة والموضة في الوكالة الرقمية الصينية "هايلنك Hylink"، له رأي آخر. وردا على سؤال لـ"الاقتصادية" عما إذا كانت خطة إعادة توزيع الثروة في الصين تشكل تهديدا حقيقيا لصناعة الرفاهية، وهل سيزيد الضرائب عليها؟ يقول، زو: أهم شيء يجب تذكره هو أن الرغبة، القوة الدافعة الحقيقية وراء شراء السلع الفاخرة، لا تزال سليمة. لذلك أعتقد أن هذا الإعلان لن يكون له تأثير كبير في القطاع على المدى المتوسط.
ويقول: سيكون إعلان الحكومة بمنزلة تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة إلى العلامات التجارية الفاخرة، لكنه لن يعرض وجودها في الصين للخطر.
وسيتعين على العلامات التجارية التكيف بمهارة مع هذه التوجيهات، وأن تكون حريصة على عدم الإساءة للتعليمات الحكومية أو الصينيين من خلال معالجة القضايا الملتهبة.
والقدرة على التكيف بسرعة كبيرة وبشكل متكرر هي مسألة حقيقية للبقاء في الصين. أما بالنسبة إلى الزيادة الحادة في الضرائب على السلع الكمالية، فإن ذلك يبدو غير مرجح إلى حد ما، حسب، زو.
ويرى، زو، أنه من المرجح أن تؤدي الإجراءات إلى دفع المستهلكين إلى اللجوء إلى وسائل الرفاهية بطرق أكثر سرية لا يمكن التعرف عليها بشكل مباشر. غير أنه يضيف: الصينيون تعلموا أنه يجب عليك دائما أن تكون مستعدا للتكيف، إنهم يعرفون الحدود التي لا يجب تجاوزها ويعرفون كيف يتنقلون بين التوجيهات الحكومية ورغباتهم.
يقول: هناك مصطلح في اللغة الصينية، يتحدث عن "فن كا Fen Cun"، وتعني "الطول المناسب لأقرب ملليمتر". إنه الشيء نفسه بالنسبة إلى السوق، ينبغي للعلامات التجارية معرفة القيود واحترامها أثناء التعبير عن خصوصياتها.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية