Author

معرض الكتاب .. تظاهرة ثقافية

|
أعترف أنني صدقت في يوم من الأيام ما يتداوله البعض في مواقع التواصل الاجتماعي، أن الكتاب الورقي فقد مكانته وأصبح الإقبال والانتشار لما ينشر إلكترونيا، لكن معرض الرياض الدولي للكتاب الذي شهد إقبالا كبيرا من العارضين حتى بلغ عدد دور النشر المشاركة أكثر من ألف دار، وكذلك من الزوار على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم التعليمية حتى ذوي الإعاقة البصرية والسمعية، كل هذه المعطيات كذبت تلك المقولة التي لا تنسجم مع كوننا أمة تقرأ، من مليكها الذي يعد نموذجا مشرفا وفريدا من القادة المثقفين الذين رغم مشاغلهم ومسؤوليتهم الكبيرة يجدون الوقت الكافي لمصاحبة الكتاب ويعدونه "خير جليس في الزمان" إلى الجيل الجديد الذي لم تشغله مغريات المخترعات الإلكترونية الحديثة عن زيارة معرض الكتاب وشراء عديد من الكتب حتى حقق معرض الرياض أعلى الإيرادات على مدى أعوام عمره كما صرح بذلك أصحاب دور النشر أنفسهم.
أما كبار السن والقراء المتمرسون فقد جاء تأكيدهم قويا بأن القراءة الإلكترونية لا تمنحهم تلك المتعة التي يشعرون بها وهم يقلبون صفحات الكتاب الورقي ويضعون علامات أو خطوطا تحت كل مادة يرون أنها ذات أهمية خاصة. ومن المهم الإشارة إلى أن معرض الرياض للكتاب لم يعد مكانا لبيع الكتب فقط، وإنما تظاهرة ثقافية متكاملة حيث الندوات والأمسيات التي تعقد على هامش المؤتمر، سواء في موقع المعرض أو في أماكن أخرى من مدينة الرياض بالتزامن مع إقامة المعرض، كما أن الجهات الحكومية وشبه الحكومية التي لديها نشاطات ذات علاقة بالتعليم والثقافة والفنون والأدب تنشط في إطلاق مبادرات وعروض تثري الساحة الثقافية والفنية بالجديد والمفيد. وهكذا سيصبح تاريخ إقامة معرض الرياض الدولي للكتاب في أكتوبر من كل عام موعدا مهما يسجله أهالي الرياض وزوارها في مفكرة المناسبات المهمة التي يحرصون على حضورها، ومن هنا جاء هذا الازدحام الذي شهده المعرض هذا العام رغم كبر المساحة التي أقيم عليها، وربما يحتاج المعرض إلى مساحة أكبر في العام المقبل.
وأخيرا: لا شك أن وزارة الثقافة وهيئة النشر تحديدا بعد النجاح الكبير لمعرض هذا العام ستحرص على تقييم التجربة وفتح سبل ذلك للزوار والمشاركين، واتخاذ خطوات لتلافي بعض الملاحظات التنظيمية التي أشار إليها بعض الزملاء من المختصين وكتاب الرأي، كما أنها - حسب توقعي - ترحب بالمقترحات التي من شأنها استمرار تميز معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أصبح أكبر وأهم معرض في العالم العربي، بل وفي الشرق الأوسط بصورة عامة، ولذا أدعو المختصين من المثقفين وأساتذة الجامعات وكتاب الرأي أن يقدموا مقترحاتهم لهيئة النشر والأدب والترجمة لدراستها، ولعل أول اقتراح أقدمه للدراسة هو زيادة أيام المعرض ليتمكن سكان المناطق الأخرى والزوار من الخارج من زيارته، لكي يعلم الجميع أن نهضة بلادنا ليست في مجالات معينة، وإنما شاملة ومنها المجال الثقافي الذي يعبر عن رقي الشعوب.
إنشرها