Author

«الروشن» .. نموذج توازن عقاري

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

شهدت المملكة تحولات هيكلية واسعة في جميع المجالات الاقتصادية، إلا أن صندوق الاستثمارات العامة الذي يعد من أكبر الصناديق السيادية على المستوى العالمي، بحجم أصول 1.6 تريليون ريال، يلعب دورا حيويا ومهما للغاية في تحولاتنا التي تسابق الزمن لتحقيق احتياجات البلاد التنموية والاقتصادية والاجتماعية.
صندوق الاستثمارات العامة يؤدي ثلاثة أدوار جوهرية تتعلق بالتوازن الاقتصادي بين القطاعات ووسيط للتحول الاقتصادي، كما يعمل على تحقيق عوائد استثمارية استراتيجية وتنمية رأسمال الصندوق، ولا سيما أن أمواله توافرت من فوائض بيع النفط خلال العقود الماضية.
السوق العقارية عانت هشاشة في توازن جانبي العرض والطلب ولا يمكننا أن نتجاهل الاختلالات التي طالت عمق الأسواق العقارية خلال العقود الماضية، وأدت إلى ظهور حالتي الاحتكار والاكتناز للأراضي، وفي الحين ذاته نشأت سوق تطوير عقارية غير منظمة وبدائية، وقد أشار ولي العهد إلى أن أكثر من 95 في المائة من المطورين العقاريين بدائيون، ولهذا أسس صندوق الاستثمارات العامة شركة الروشن للعمل في مجال التطوير العقاري الوطني، حيث تعمل على بناء أحياء سكنية بمواصفات عالية بحسب وثيقة التأسيس، لتؤدي دورها في توازن السوق العقارية وتستهدف توفير 200 ألف وحدة سنويا وبإجمالي مليون وحدة في خمسة أعوام وبأسعار مناسبة، أي بما يتوافق مع رواتب القطاع العائلي.
تأسيس شركة الروشن ليس حلا منفردا، بل هناك سياسات اقتصادية موجهة لتحرير الأراضي من ضعف المنافسة والاحتكار والاكتناز أو أي ممارسات قد تؤدي إلى حرمان القطاع العائلي من امتلاك السكن بسبب أي خلل في منظومة السكن، التي تشمل الأراضي وقدرات المطورين العقاريين ومدخلات البناء أو أي ضعف في التنظيمات والمعايير الهندسية أو الفنية.
القراءة الاقتصادية لنموذج شركة الروشن تستهدف إعادة التوازن إلى سوق المساكن في جانب العرض وتحسين مدخلات البناء التي يعانيها القطاع العقاري الحالي، وفي الوقت نفسه تقدم نموذجا سكنيا بجودة مرتفعة ضمن مناطق سكنية متكاملة، وبالتالي فإن توافر مساكن بأسعار ملائمة سيضمن للقطاع العائلي مستويات معيشة منسجمة مع قوة الاقتصاد السعودي، فمن غير المنطقي أن يكون الاقتصاد قويا والقطاع العائلي يعاني عوزا في الإنفاق والاستهلاك، بسبب تكلفة الديون، على الرغم من تدني أسعار الفائدة الحالية. الحقيقة، إن جذر المشكلة لا يكمن في ديون المصارف، إنما في سعر المساكن المرتفعة، ومهما انخفضت أسعار الفائدة فلن تقل تكلفة السكن بسبب التسعير المرتفع أصلا، ومن منظور آخر: عوز الإنفاق لدى القطاع العائلي بسبب أسعار العقارات له تداعيات اقتصادية سلبية على القطاعات الأخرى، مثل الصحة والاتصالات والترفيه والسياحة وقطاعي التجزئة والجملة، لذا وجود شركة وطنية عقارية للتوازن في السوق العقارية يعد مطلبا اقتصاديا لمعالجة اختلال الأسعار، لأن هامش الدخل المتاح للأسرة يجب أن يظل في المساحة الآمنة ضد التقلبات الاقتصادية.
إنشرها