default Author

الفقاعة الاقتصادية الأولى

|
قبل الثورة المعلوماتية وزمن الإنترنت وتنحي الورق. من من الأجيال السابقة ينسى تلك الصورة الشهيرة المطبوعة على أوراق التقويم أو الروزنامة التي تزين الجدران لحقول على مد النظر لزهرة متعدد الألوان تخطف الأبصار، تحملك بعيدا وتتخيل أنك وسط تلك الحقول ولم نكن حينها نعرف السر الذي يقف خلف تلك الزهرة "زهرة التوليب"!
لقد تسببت تلك الزهرة الجذابة القادمة من دول وسط آسيا وتركيا إلى قلب هولندا في أول فقاعة اقتصادية في التاريخ، حيث ازدهرت زراعتها هناك خلال القرن الـ17، ولجمالها وندرتها وألوانها الزاهية التي تحمل معاني عديدة أقبل على شرائها الأثرياء والطبقات الأرستقراطية فأصبحت رمزا لهم، وما لبثت هذه الزهرة أن أصيبت بفيروس وبدل أن يقضي عليها منحها جمالا على جمالها وغرابة، وتحولت الأزهار ذات اللون الواحد إلى أزهار ملونة تسبب الفيروس في تغير لونها وتشكل خطوط ملونة جذابة تشبه لهب النار المشتعلة، فتسابق الهولنديون على اقتنائها وارتفع سعرها حتى تعدى سعر اللوحات النادرة والمنازل، وأصبحت مصدر تفاخر بين الأثرياء والأمراء والأرستقراطيين، يضاهي تفاخرهم بامتلاك التحف النادرة!
وفي عام 1636 وصل سعر بصيلة نوع من أنواع التوليب المعروف باسم "سمبر أوغستن" إلى ستة آلاف فلورين وهي العملة المستخدمة آنذاك، وكان هذا المبلغ في حينه كافيا لإطعام مئات الأسر الهولندية لأعوام، وتحول حبهم لها إلى هوس عرف فيما بعد بـ"جنون التوليب" و"حمى التوليب"، وبيعت بأضعاف سعرها وتحول كثير من عامة الشعب إلى أثرياء، ولكن لم تدم فرحتهم طويلا وصدم الجميع بحصول انخفاض حاد في أسعار زهرة التوليب، فالعرض أصبح أكثر من الطلب ليترك التجار على حافة الإفلاس غارقين في الديون، لينتشر حينها مفهوم الفقاعة الاقتصادية لأول مرة في العالم!
ورغم ما خلفته من ذكريات سيئة وإفلاس وانهيار اقتصادي إلا أن الهولنديين ما زالوا مأسورين بجمال زهرة التوليب، حيث يتوافد آلاف الهولنديين والسياح إلى الساحة الرئيسة في العاصمة الهولندية أمستردام في كانون الثاني (يناير) من كل عام للاحتفال بـ"اليوم الوطني للتوليب"، وخصصت مساحة تقدر بـ2500 متر مربع لتكوين حديقة يعرض فيها أكثر من 200 ألف زهرة من مختلف الألوان التي توزع مجانا على الزوار.
فكل لون من ألوان زهرة التوليب يحمل معنى مختلفا، فاللون الأصفر يعني الحب بلا مقابل والأحمر يعني الحب الأسري والوردي يعني قليلا من الحب والعاطفة، لذلك احرص في اختياراتك عند إهداء زهور التوليب!
إنشرها