FINANCIAL TIMES

قواعد فرنسية للعاملين في الرعاية الصحية .. حقنة أم وظيفة؟

قواعد فرنسية للعاملين في الرعاية الصحية .. حقنة أم وظيفة؟

تنتظر غيلين رتشارد لمعرفة ما إذا كانت تعاني حساسية تجاه لقاح كوفيد -19. وعلى عكس أغلب الآخرين الذين يجرون هذه الفحوص، فهي تتمنى بشدة أن تكون كذلك.
عاملة الرعاية الصحية من لوهافر في شمال فرنسا من ضمن 2.7 مليون موظف رعاية صحية واجتماعية فرنسي من الذين تم أمرهم بأخذ اللقاح أو سيتم تعليق وظائفهم دون أجر. منذ انقضاء الموعد النهائي في 15 أيلول (سبتمبر)، تم تعليق ما يقارب ثلاثة آلاف عامل - ويمكن لرتشارد، البالغة من العمر 56 عاما، أن تنضم لهم إن لم تبد سببا مقنعا لعدم تلقي اللقاح الذي تنظر له بريبة عميقة.
وتقول رتشارد، "مجرد التفكير فقط بشأن الاضطرار لأخذ اللقاح يجعلني أشعر بالمرض، بشدة". مضيفة أن عديدا من أصدقائها وزملائها تم تعليقهم تلقائيا. قالت، "إنهم مكتئبون. يتصلون بي يوميا وهم يبكون. إنها كارثة إنسانية".
عندما تم إخبار الأطباء، والعاملين في مجال الرعاية، ورجال الإطفاء وسائقي سيارات الإسعاف أنه سيتم تعليقهم من وظائفهم إذا رفضوا تلقي اللقاح بحلول منتصف أيلول (سبتمبر)، قلقت النقابات وبعض المديرين التنفيذيين الصحيين من أن القواعد ستؤدي إلى نزوح جماعي للموظفين في وقت حرج للخدمة الصحية في البلاد. وهناك أقلية صغيرة لكن صريحة من المواطنين الفرنسيين الحذرة من لقاح طور بشكل سريع جدا، ويتم توزيعه من قبل حكومة لا يثقون بها.
لكن البيانات الحكومية الأخيرة تشير إلى أن السياسة قد نجحت، حتى في الوقت الذي أثارت فيه بعض السخط.
بحلول 14 أيلول (سبتمبر)، تلقى 89 في المائة من الموظفين في المستشفيات الحكومية ودور الرعاية، و95 في المائة من المتخصصين في الرعاية الصحية الخاصة اللقاح. ويقارن هذا 50 في المائة من العاملين في مجال الرعاية المنزلية، و80 في المائة من المتخصصين في الرعاية الصحية الخاصة عندما أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون المطلب في 14 تموز (يوليو)، وفقا للبيانات الصادرة عن الصحة العامة الفرنسية.
وفي الوقت نفسه، تجاوزت نسبة الأشخاص الذين تلقوا اللقاح في فرنسا الأعداد في الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة المتحدة، حيث تلقى 74 في المائة من السكان جرعة واحدة على الأقل، وفقا لبيانات "فاينانشال تايمز".
قال أوليفييه فيران وزير الصحة لراديو "أر تي أل" في 16 أيلول (سبتمبر)، "تم تلقيح جميع الأشخاص الذين يعملون في الاتصال مع أشخاص ضعفاء أو مسنين أو مرضى الآن، وبالتالي تم تقليل خطر التلوث في المستشفيات ودور الرعاية".
لكن بعض النقابات والموظفين ما زالوا غاضبين مما يرون أنه تجاوز استبدادي من الحكومة الفرنسية.
حيث قالت ساندرين جيرار، الأمينة العامة لنقابة الاتحاد العام للعمال في دور الرعاية في لوهافر، لصحيفة "الفاينانشال تايمز"، "هل تعتقد أن لدينا مع نظام الرعاية في حالته الحالية الوسائل للتعامل مع نقص بالآلاف من مقدمي الرعاية في مؤسساتنا؟ في الوقت الحالي، نقوم بتعليق عمل طاقم التمريض الذي قدم نفسه جسدا وروحا [للاستجابة للجائحة] لمدة 18 شهرا. إننا نقول لهم لأنهم لم يتلقوا اللقاح، لن يتم الدفع لهم بعد الآن".
ومع ذلك، اتخذت الحكومة موقفا متشددا ضد عديد من الرافضين، معتقدة أنه دون عقوبة، سيبقى العمال غير المطعمين في النظام.
إيطاليا، التي كانت أول دولة في أوروبا تجعل اللقاح ضد كوفيد -19 إلزاميا لأخصائيي الرعاية الصحية، هي حالة في صميم الموضوع، حيث اختارت حتى الآن عدم معاقبة معظم أولئك الذين ينتهكون القاعدة.
فوفقا لآنا أودوني، أستاذة الصحة العامة في جامعة بافيا، تم تعليق 644 عاملا في مجال الرعاية الصحية فقط لعدم تلقيهم اللقاح، وتشير التقديرات إلى أن 80 في المائة من غير الملقحين ما زالوا يعملون. وقالت إنه في منطقة بيدمونت، لم يتلق ما يقارب 10 في المائة من العاملين في مجال الرعاية الصحية - أو 18 ألف شخص - وما زالوا يعملون. وقالت، "لو كان القانون أكثر صرامة، لكنا حققنا نتائج أفضل فيما يتعلق بتلقي اللقاح. المبدأ صحيح لكن التنفيذ ضعيف".
في فرنسا، يتوقع طرد المزيد. لكن "سينيربا"، وهي نقابة تمثل موظفي دور الرعاية الخاصة، قالت إنها تتوقع 1 إلى 2 في المائة فقط من 300 ألف إلى 350 ألف موظف تمثلهم أن يتم تعليقهم في المجموع.
كما دفعت الاختلافات الإقليمية في معدلات تلقي اللقاح البعض إلى التساؤل عن مدى صرامة الحكومة في تطبيق القانون في بعض المناطق. في بعض أقاليم فرنسا الخارجية، بما في ذلك جزر الكاريبي وجوادلوب ومارتينيك، قدر معدل التطعيم في بعض المستشفيات ودور المسنين بنحو 30 في المائة.
وقال جيرار كوتيلون، المدير العام للمستشفى الجامعي الرئيس في غوادلوب، حيث رفض 74 في المائة من الموظفين غير الطبيين تلقي اللقاح، لوكالة "فرانس برس"، إنه "لا يستطيع تطبيق القانون" لأنه سيؤثر بشدة في خدمات المستشفى. وأضاف، "إنني آخذ على عاتقي إدارة هذا المستشفى على الرغم من القانون".
في فرنسا نفسها، يبدو أن معدلات تلقي اللقاح المبلغ عنها أقل بشكل كبير بين القائمين على الإسعاف ورجال الإطفاء، وفقا لحسابات ممثلي هذه القطاعات. معظمهم من المتطوعين.
قال فيليب دوران، محامي التوظيف في مكتب "أوغست ديبوزي" للمحاماة في باريس، إن الحكومة "قد تضطر إلى وضع الماء في مشروبها" وأن تكون "أقل صرامة" بشأن إنفاذ التشريع في بعض المناطق والقطاعات. وقالت رتشارد في لوهافر إن عديدا من زملائها قبلوا تلقي اللقاح ولكن "بقلب كسير".
وأوضحت أن أحد زملائها العاملين في مجال الرعاية "لا يستطيع حتى النظر في عيني" لأنه يشعر بالخجل الشديد، مضيفة، "لقد تعارض الأمر مع كل قيمه لكنه استسلم لأنه لا يستطيع تحمل خسارة راتبه".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES