FINANCIAL TIMES

أجراس الإنذار تدق في الأسواق .. هل من مستمع؟

أجراس الإنذار تدق في الأسواق .. هل من مستمع؟

أجراس الإنذار تدق، لكن هل من الغريب ألا يسمعها أحد؟ العالم يتوق إلى التفاؤل. شاهد الفرح بفوز مراهق بريطاني ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة، أو الاهتمام بحفل ليلة الأزياء الكبرى "مت جالا" Met Gala، الذي حط على الصفحات الأولى للصحف الكبرى - من ضمنها هذه "فاينانشيال تايمز".
حتى في الأسواق المالية، المقياس الذي ينظر إليه كثير من الجمهور الأمريكي اعتباره مقياسا للرفاهية الاقتصادية في الولايات المتحدة - سوق الأسهم الأمريكية التي تبلغ قيمتها 51 تريليون دولار - سجلت أرقاما قياسية واحدا تلو آخر. ومع ذلك، هناك سبب وجيه للقلق.
فإذا تم تصديق مجموعة متنامية من المحللين في وول ستريت - وهناك حجة مقنعة بأنه ينبغي تصديقهم - فإن المخاطر في إحدى زوايا الأسواق المالية قد بدأت في التصاعد.
فقد أخذ المستثمرون هذا العام يلوحون بصفقة بعد أخرى محفوفة بالمخاطر وهم يبحثون عن أماكن لتخزين أموالهم. كان الإقراض ضخما، حتى إنه أدى إلى تضخم سوق سندات الشركات الأمريكية إلى نحو 11 تريليون دولار - زادت أكثر من 10 في المائة عما كانت عليه قبل جائحة كوفيد -19 في نهاية عام 2019، وفقا لـ"سيفما"، مجموعة صناعة الأوراق المالية. لكن الشروط التي وافق بموجبها مديرو الأموال هؤلاء على الإقراض كانت سيئة بشكل مذهل.
تحذر وكالات التصنيف الائتماني بالفعل من أن بذور الأزمة التالية، أو على الأقل دورة التخلف عن السداد التالية، تزرع اليوم. سيكون الألم حادا بشكل خاص في سوق السندات عالية المخاطر والقروض ذات الرافعة المالية. هذا هو المكان الذي تمول فيه الشركات الأكثر خطورة نفسها وتمول شركات الأسهم الخاصة عمليات الاستحواذ التي تنفذها.
هذا الشهر حذر محللون في وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال للتصنيف الائتماني من أن المخاطر المتزايدة في هذه السوق تعني أن المستثمرين يجب أن يطالبوا بتعويضات أكثر ملاءمة لإقراضها. لكن اتضح أن "العكس هو الصحيح الآن".
مثلا، كوينبيز، بورصة العملات المشفرة ذات التصنيف عالي المخاطر والتي وجدت نفسها في مرمى أجهزة التنظيم، أكملت الأسبوع الماضي طرح سندات لمدة عشرة أعوام بسعر فائدة 3.625 في المائة فقط. لقد دفعت حكومة الولايات المتحدة أقل من نصف نقطة مئوية من ذلك للاقتراض في 2018.
مارك لاسري، وهو الرئيس التنفيذي لشركة أفينيو كابيتال مانجمنت، أخبر مؤتمرا الأسبوع الماضي أن شركته تمرر "مئات الصفقات" مع وجهة النظر القائلة إن عديدا من المقترضين سيواجهون مشكلات في الأعوام المقبلة.
قال، "هناك كثير من الحمقى في الخارج وكثير من الناس يرتكبون أخطاء جسيمة". وافق هؤلاء الحمقى على تدابير حماية أضعف لأن كثيرا من المستثمرين الآخرين على استعداد للإقراض لو رفضوا ذلك. وقد أدى الارتفاع في أسعار الأسهم والانخفاض في تكاليف الاقتراض إلى جعل الظروف المالية في الولايات المتحدة فضفاضة مثلما كانت دوما، كما يشير مؤشر أعده بنك جولدمان ساكس ـ يعود تاريخه إلى عام 1982.
قدر محللون في وكالة التصنيف موديز الأسبوع الماضي أن الافتقار إلى وسائل حماية المستثمرين من شأنه أن يدفع صناديق الأسهم الخاصة، وهي مستخدم كبير للسندات عالية المخاطر وأسواق القروض ذات الرافعة المالية، إلى دفع أرباح ضخمة لأنفسها لاسترداد الأموال التي تنفقها على شراء الشركات.
ومن المؤكد أن شركات الأسهم الخاصة كانت نشطة. بلغ نشاط الاستحواذ القائم على الاستدانة بالفعل أعلى مستوى له على الإطلاق، متجاوزا الرقم القياسي في عام 2007، وفقا لشركة رفينيتيف لتزويد البيانات.
هنا تكمن مشكلة. التحليل الخاص بموديز لأداء الشركات خلال الجائحة أظهر أن المجموعات المدعومة من شركات الأسهم الخاصة تخلفت عن السداد أكثر من الشركات العادية ذات العائد المرتفع. فباستثناء قطاع النفط والغاز، تخلفت 5.2 في المائة من الشركات الأمريكية المصنفة على أنها عالية المخاطر في 2020 ـ 2021. وبالنسبة للشركات المملوكة لشركات الأسهم الخاصة، بلغ الرقم 8.4 في المائة.
إذن، لماذا الإقراض بمثل هذه المعدلات المنخفضة عندما يعرف المستثمرون كيف ستنتهي دورة التخلف عن السداد في النهاية؟ في ورقة بحثية ستنشر في مجلة إدارة المحافظ الاستثمارية، يجادل إدوارد ألتمان الأستاذ في جامعة نيويورك، ومايك هارمون المحاضر في جامعة ستانفورد، بأن المستثمرين يقرضون بناء على توقعات "جريئة ومتفائلة للغاية".
يكتبان، "من خلال تقديم الضمانات لمجموعة من النتائج المحتملة عند الطرف المتفائل لمنحنى الاحتمال، يبدو أن المستثمرين يجرون رهانا غير متناسق للغاية يميل إلى الجانب السلبي".
بفصيح الكلام، في الأعوام المقبلة يمكن ترك هؤلاء المستثمرين على خلفية تضميد الخسائر. خلال الأزمة المالية ضربت عمليات التخفيض الكبيرة على محافظ الائتمان بنوك وول ستريت. لكن الآن يتم تنفيذ الأغلبية العظمى من هذا الإقراض عن طريق صناديق الائتمان نيابة عن المعاشات التقاعدية والأوقاف والمستثمرين غير المتمرسين. قد لا ينهار النظام، لكن قد يتم ضرب حسابات التقاعد.
انطلاقا من حذرهم من المخاطر عندما يبدو العالم المالي ورديا للغاية، فإن بعض مديري الصناديق يأخذون الأموال من الطاولة بحثا عن رهانات أكثر أمانا.
قد لا يكون هذا هو النهج الذي يبرز على المدى القصير - خاصة عندما تبدو عائدات الإقراض للمجموعات ذات التصنيف المنخفض جذابة للغاية مقارنة بأي شيء آخر معروض. لكن إذا تعلمنا أي شيء من السجادة الحمراء لـ"مت جالا" الأسبوع الماضي، فهو أن ليس كل الرهانات تؤتي ثمارها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES