Author

يوم وطني جديد

|
مستشار اقتصادي
يوافق الخميس المقبل مناسبة الاحتفال باليوم الوطني الـ91- يوم فريد في حياة الجميع لأنه يجمع بين الذكرى والعبر ورد الجميل من ناحية والمستقبل والأمل والثقة من ناحية أخرى- محطة قصيرة لانطلاقة جديدة. الثقافة العامة في الأغلب تلجأ للتاريخ على حساب المستقبل لأسباب تحتاج إلى عالم اجتماع لمعرفة وتحليل خباياها. لذلك جاء العهد الجديد بتوجيهات ولي العهد في ظل قيادة خادم الحرمين، ممثلا في الرؤية وبرامج التحول لتغيير النظرة المجتمعية من خلال تحديث المملكة في جميع المجالات.
اليوم الوطني فرصة للمراجعة وعدم التوقف كثيرا، فالمستقبل دائما أفضل. أثبتت النظرة الواقعية والأمينة أن المملكة في وضع متميز قياسا ليس على دول المنطقة فقط، لكن للدور على المسرح العالمي. التاريخ مهم بقدر معرفتنا لما للحاضر المستقبل. لذلك أرى اليوم الوطني فرصة للوقوف على نقطة مفصلية بين الماضي ومواجهة التحديات، التوقف وجدانيا كثيرا متعب ويأخذ كثيرا من طاقة نحن في أشد الحاجة لها لمواجهة المستقبل. سيستمر السعودي قادرا على التكيف والتقدم مهما كانت الظروف. على كل منا مسؤولية مباشرة لصناعة تاريخ مستقبلي لمن يأتي بعده. المحتوى الأخلاقي والمسؤولية الاجتماعية يحتمان علينا جميعا تسليم الوطن بحالة أفضل لمن يأتي بعدنا. يشهد هذا الجيل تحولا مهما، حيث أظهر حماسا وانطلاقة جديدة ليأخذ بالوطن إلى مدار جديد وأعلى على جميع الأصعدة الاجتماعية، السياسية، والاقتصادية.
الدور الوطني له شق عام يروق لكثير الحديث عنه، لكن نادرا ما نتحدث عن الدور الشخصي، الذي يبدأ الاهتمام بالنظافة في الأماكن العامة والاهتمام بمن يحتاج إلى مساعدة معنوية أو مادية والاهتمام بالتعليم والمعرفة التخصصية والقراءة والمسؤولية المالية المباشرة، فالمجتمع الناجح عادة يلجأ إلى الاعتزاز بالنفس من خلال التعمق في المهنة والهواية والاستقلال المالي. نجاح الأفراد حتما يقود لنجاح المجموعة وبالتالي الوطن، السياسات العامة تحتاج إلى دعم من الأفراد لرفع مستوى التعاون والثقة. الثقة والتعاون لا تقاسان بإحصائيات وأرقام الاقتصاد، لكنهما ربما أهم من أي رقم وماكينة دفع مستمرة العطاء وتزيد فرص الإبداع.
الرغبة في التطوير والكفاءة هي التعبير العملي عن التعامل مع المستقبل. أخذت المملكة خطوات إطارية وعملية في جميع المجالات الإدارية، التنظيمية، الاقتصادية، الاجتماعية، السياحية، البنية التحتية، والتكامل مع الدول الأهم اقتصاديا والرقابية. كل هذا يتم في رحلة تحديثية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من خلال هذه التطورات المعتبرة. هذه التطورات مهمة ولا بد أن تستمر. هناك تحديات ناعمة بدأت تأخذ حقها من الاهتمام مثل مبادرة التطوير البشري من خلال إعادة التفكير في العلاقة المعقدة بين التعليم وسوق العمل والهجرة الاقتصادية وترتيب أدوار الناس لتعظيم المصلحة الوطنية بما في ذلك تسلل البعض خلسة لمراتب النخبة. الثاني التركيز على دور الصناعة وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات. متابعة دور الهيئة من خلال فحص الروابط الأفقية الرأسية كفيل بمتابعة سلاسل القيمة المضافة في المجتمع والعلاقة بين القطاعين العام والخاص ومتابعة المقصر وكفاءة الناجح.
اليوم الوطني مناسبة نبدأ فيها بشكر المولى- عز وجل- ومن ثم تقدير القيادة الحكيمة لكل ما تقوم به تجاه الوطن، وتقديم تحية للشعب السعودي النبيل، خاصة لأبطالنا على الحد الجنوبي، وكل ثغر على الحدود. يحتفل ويفتخر الجميع ويتعاهد على مستقبل أفضل في الأعوام والعقود المقبلة لنسلم الأمانة إلى الجيل الصاعد، كما تسلمناها من الآباء والأجداد. حين بدأ الملك المؤسس هذه التجربة الوطنية الفريدة المباركة كانت المقومات أقل والظروف أصعب، لذلك مسؤوليتنا أسهل ومعرفتنا بالتاريخ أطول وإنجازاتنا أكثر- علينا مواصلة الإنجاز والانسجام والاحتفال.
إنشرها